الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له، قال: فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
تنبيه:
قد تقدم من نسب زيد بن ثابت وأخباره رضي الله تعالى عنه ما أغنى عن إعادته هنا والحمد لله.
الفصل الثالث في معنى نهي عمر رضي الله تعالى عنه عن رطانة الأعاجم وكراهة مالك رحمه الله تعالى تعلّم خطهم، وأن ذلك غير مخالف للحديث الثابت بالأمر بتعلّم ذلك
في «البيان والتحصيل» قال مالك رحمه الله تعالى: أكره للرجل المسلم أن يطرح ابنه في كتّاب العجم، أن يتعلم الوقف: كتاب العجمية، وأكره للمسلم أن يعلّم أحدا من النصارى الخطّ أو غيره.
وفي «التهذيب» للبرادعيّ: ونهى عمر عن رطانة الأعاجم وقال إنها خبّ.
وفي «الصحاح» (5: 2124) للجوهري: الرطانة: الكلام بالأعجمية، تقول:
رطنت له رطانة، وراطنته: إذا كلمته بها، وتراطن القوم فيما بينهم.
(1: 117) والخبّ: الخداع: تقول منه: خببت يا رجل تخبّ خبّا مثل علمت تعلم علما، والخبّ والخبّ: الرجل الخدّاع.
وقال ابن رشد في «البيان والتحصيل» في الكلام على قول مالك، رحمه الله تعالى: الكراهة في ذلك كله بينة، أما تعليم الرجل ابنه كتاب العجم فللاشتغال بما لا منفعة فيه ولا فائدة له عما له فائدة ومنفعة، مع ما فيه من إدخال السرور عليهم بإظهار المنفعة بكتابهم والرغبة في تعلمه، وذلك من توليهم وقد قال الله عز وجل: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ (المائدة: 51) .
وأما تعليم المسلم النصرانيّ فلما فيه من الذريعة إلى قراءتهم القرآن مع ما هم عليه من التكذيب له والكفر به، وقد قال ابن حبيب في «الواضحة» : إن ذلك ممن فعله مسقط لأمانته وشهادته. انتهى ما ذكره ابن رشد رحمه الله.
قلت: وقد تبين من كلامه أن الذي يكره من تعلّم خطهم وكتابهم هو ما لا يكون في تعلمه منفعة، وأما ما في تعلمه منفعة للمسلمين كتعلمه لترجمة ما يحتاج إليه الإمام كما تعلمه زيد رضي الله تعالى عنه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، أو لما يحتاج إليه القاضي للفصل بين الخصوم، وإثبات الحقوق، أو للعاشر الذي يعشّر أهل الذمة وتجار الحربيين لطلب ما يتعيّن عندهم لبيت المال، أو لما يحتاج إليه في فكاك الأسارى وما أشبه ذلك مما تدعو إليه الضرورة، فغير مكروه.