الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السابع في الإمام في صلاة الفريضة
وفيه خمسة فصول
الفصل الأول في أن السلطان أحقّ بالإمامة في الصلاة إلا أن يأذن لغيره في ذلك
روى مسلم (2: 186) رحمه الله تعالى عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ولا يؤمّ الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه.
وروى النسائي عن أبي مسعود قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا يؤمّ الرجل في سلطانه، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه. قال شعبة: فقلت لإسماعيل: ما تكرمته؟ قال: فراشه. في «الإكمال» للقاضي عياض: في هذا الحديث حجة على أن الإمام من السلطان أو من جعل له الصلاة أحقّ بالتقديم حيث كان من غيره.
وقال الخطابي: هذا في الجمعات والأعياد لتعلّقها بالسلاطين، فأما في الصلوات المكتوبات فأعلمهم أولاهم.
قال القاضي أبو الفضل عياض: هذا ما لا يوافق عليه، والصلاة لصاحب السلطة حقّ من حقه، وإن حضر أفضل منه وأفقه. وقد تقدم الأمراء من عهد النبي- صلى الله عليه وسلم فمن بعدهم على من تحت أيديهم وفيهم الأفضل، وقد ذكر شيوخنا أن الإمام على الجملة أولى بالصلاة دون تفصيل في وجه: انتهى.
وقال القاضي أبو بكر ابن العربي في «أحكام القرآن» (4: 1632) : ولاية الصلاة أصل في نفسها وفرع للإمارة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث أميرا كانت الصلاة إليه، ولكن لما فسدت الولاة ولم يكن فيهم من ترضى حاله للإمامة بقيت الولاية في يده بحكم الغلبة، وقدّم للصلاة من ترضى حاله، سياسة منهم للناس وإبقاء على أنفسهم، فقد كان بنو أمية حين كانوا يصلّون بأنفسهم يتحرّج أهل الفضل من الصلاة خلفهم، ويخرجون على الأبواب فتأخذهم سياط الحرس، فيصبرون عليها حتى يفرّوا عن المسجد.
قال القاضي أبو بكر (4: 1632) : وهذا لا يلزم بل يصلّى معهم، وفي إعادة الصلاة اختلاف بين العلماء، بيانه في كتب الفقه.
فوائد لغوية في أربع مسائل:
الأولى: الجوهري (5: 1865) : أممت القوم في الصلاة إمامة، وأتمّ به:
اقتدى به، والإمام: الذي يقتدى به، والجمع: أئمة. ابن القوطية (1: 49) أمّ القوم إمامة: تقدّمهم، والشيء أمّا: قصده. الهروي: سمّي الإمام: لأن الناس يؤمون أفعاله أي يقصدونها ويتبعونها.
الثانية: قال الجوهري (3: 1133) السّلطان: الوالي، وهو فعلان، والجمع سلاطين، والسلطان أيضا: الحجة والبرهان، ولا يجمع لأن مجراه مجرى المصدر.
وفي «المحكم» : السلطان: قدرة الملك، يذكر ويؤنث.
الثالثة: الصلاة من الله عز وجل الرحمة. وفي «الوجيز» (2: 23) لابن عطية:
صلاة الله عز وجل على العبد هي رحمته وبركته. وفي «الغريبين» : وقوله عز وجل:
أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ (البقرة: 157) المراد بالصلوات الترحم، ونسق الرحمة على الصلوات لاختلاف اللفظين، والصلاة من غير الله عز وجل الدعاء. وفي «المشارق» : كصلاة الملائكة على ابن آدم كقوله: ما زالت الملائكة تصلّي عليه، وفي «غريب العزيزي» : وكقوله عز وجل: إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ (التوبة: 103) أي دعاؤك. وفي «المشارق» أيضا: منه الصلاة على الميت.