الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ (المائدة: 51) وقال ابن عطية كتب له بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ
…
الآية ويحتمل أن يكون عمر رضي الله تعالى عنه كتب له بالآيتين معا، وذكر كل واحد منهما ما بلغه من ذلك.
فائدة لغوية:
قول ابن عطية: ويستنيمون إليهم، يعني المؤمنين لمن دونهم، والاستنامة:
السكون والاطمئنان. قال الجوهري (5: 2047) استنام إليه أي سكن إليه واطمأن.
انتهى.
ومنه قوله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ
…
إلى قوله: الظَّالِمِينَ قال ابن عطية في «التفسير» : نهى الله تعالى المؤمنين بهذه الآية عن اتخاذ اليهود والنصارى في النصرة والخلطة المؤدية إلى الامتزاج والتعاضد، وحكم هذه الآية باق، وكلّ من أكثر مخالطة هذين الصنفين فله حظّ من هذا المقت الذي تضمنه قوله تعالى: فَإِنَّهُ مِنْهُمْ. وأما معاملة اليهود والنصارى من غير مخالطة وملابسة فلا يدخل في النهي، وقد عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم يهوديا ورهن عنده درعه.
وقال ابن العربي في «الأحكام» : بلغ عمر بن الخطاب أن أبا موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهما اتخذ باليمن كاتبا ذميا، فكتب إليه هذه الآية وأمره بعزله، وذلك أنه لا ينبغي لأحد من المسلمين ولي ولاية أن يتخذ من أهل الذمة وليا فيها لنهي الله تعالى عن ذلك، وذلك لأنهم لا يخلصون النصيحة ولا يؤدّون الأمانة، بعضهم أولياء بعض.
الفصل الثاني في ما جاء في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
روى مسلم (2: 79) رحمه الله تعالى عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بدر فلما كان بحرّة
الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة، ففرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه، فلما أدركه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: جئت لأتبعك وأصيب معك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: تؤمن بالله ورسوله؟
قال: لا، قال: ارجع فلن أستعين بمشرك. قالت «1» : ثم مضى حتى إذا كنا بالشّجرة أدركه الرجل فقال له كما قال أول مرة، فقال له صلى الله عليه وسلم كما قال أول مرة، قال: لا، قال: ارجع فلن أستعين بمشرك. قالت: ثم رجع فأدركه بالبيداء، فقال له كما قال أول مرة: تؤمن بالله ورسوله؟ قال: نعم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: فانطلق.
قال القاضي أبو الفضل عياض في «الإكمال» : كافة العلماء على الأخذ بهذا الحديث والتمسك بهذه السنة، وهو قول مالك وغيره؛ قال مالك وأصحابه: لا بأس أن يكونوا نواتية أو خداما. قال ابن حبيب: ويستعملون في رمي المجانيق، وكره رميهم بالمجانيق غيره من أصحابنا، وأجاز ابن حبيب أن يستعمل من سالمه منهم في قتال من حاربه منهم، ويكونوا ناحية من عسكره لا في داخله. وقال بعض علمائنا: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا في وقت مخصوص لا على العموم، واختلف بعد إذا استعين بهم ما يكون لهم: فذهب الكافة مالك والشافعي وأبو حنيفة وأبو ثور إلى أنه لا يسهم لهم، وذهب الزهري والأوزاعي إلى أن لهم كسهام المسلمين، وهو قول سحنون إذا كان جيش المسلمين إنما قوي بهم، وإلا فلا شيء لهم. وقال الشافعي مرة: لا يعطون من الفيء شيئا ويعطون من سهم النبي صلى الله عليه وسلم. وقال قتادة: لهم ما صولحوا عليه في ذلك.
فائدة لغوية:
حرّة الوبرة- بفتح الواو والباء معا، وتروى بسكون الباء- قاله القاضي في «الإكمال» والشجرة والبيداء كلها أسماء مواضع.
(1) ر: قالت عائشة.