الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث في ذكر خيل النبي صلى الله عليه وسلم
«1»
ذكر ابن جماعة رحمه الله تعالى في «مختصر السير» خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: منها «السّكب» وهو أول فرس ملكه، اشتراه صلى الله عليه وسلم من أعرابي بعشر أواق، وكان اسمه عند الأعرابي:«الضّرس» . أول ما غزا عليه أحدا، ولم يكن مع المسلمين فرس غيره وغير فرس لأبي بردة بن نيار يقال له:
«ملاوح» .
قال: وكان- يعني فرس رسول الله صلى الله عليه وسلم أغرّ محجّلا طلق اليمين كميتا.
وقال ابن الأثير (2: 314) كان أدهم، وكذلك روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم فرس أدهم، يسمى:«السّكب» .
و «المرتجز» وكان أشهب، وهو الذي شهد له فيه خزيمة بن ثابت رضي الله تعالى عنه فجعل شهادته شهادة رجلين.
وقيل هو «الظّرب» وقيل هو «اللحيف» . قال ابن الأثير (2: 314) : وكان صاحبه من بني مرة. و «اللّحيف» أهداه له ربيعة بن أبي البراء، وقيل فروة بن عمرو الجذاميّ. و «اللّزاز» أهداه له المقوقس، و «الظّرب» أهداه له فروة بن عمرو الجذاميّ، فأعطاه أبا أسيد الساعدي. و «سبحة» وهو الذي سابق به فسبق ففرح به.
و «الورد» أهداه له تميم الداري فأعطاه عمر رضي الله تعالى عنه فحمل عليه في سبيل الله.
قال ابن الأثير (2: 314) وهو الذي وجده يباع.
قال ابن جماعة: فهذه سبعة أفراس متّفق عليها، وقيل: كانت له صلى الله عليه وسلم أفراس أخر خمسة عشر مختلف فيها.
(1) قارن بما ورد في عقد الأجياد في الصافنات الجياد: 322- 324.
فوائد لغوية في تسع مسائل:
الأولى: في «المستوعب» «1» لأبي عبيد البكري: «السّكب» فرس من خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي ركبه يوم أحد، يقال: فرس سكب:
إذا كان جوادا كثير العدو وكأنه يسكب الجري سكبا.
الثانية: وأما اسمه عند الأعرابي الذي باعه فالضّرس بفتح الضاد وكسر الراء من قولهم: رجل ضرس أي صعب الخلق. قال الجوهري (2: 939) : رجل ضرس شرس: أي صعب الخلق.
الثالثة: «ملاوح» : فرس أبي بردة. في «المحكم» الملواح: العظيم الألواح، وكلّ عظيم عريض: لوح. انتهى.
ومن شعر ضرار بن الخطاب في «السير» (2: 145) : [من البسيط]
إنّي وجدّك لا أنفكّ منتطقا
…
بصارم مثل لون الملح قطّاع
على رحالة ملواح مثابرة
…
نحو الصّريخ إذا ما ثوّب الداعي
وقال ابن سيده: الملواح: الضامر. وأنشد: [من الرجز]
من كلّ شقّاء النّسا ملواح «2»
الرابعة: في «المستوعب» : «المرتجز» : فرس من خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أشقر، سمّي بذلك لكثرة صهيله وحسنه، شبهه بارتجاز الرعد.
الخامسة: في «المستوعب» : «اللّخيف» ، ويقال:«اللّحيف» : أحد أفراس رسول الله صلى الله عليه وسلم، قيل سمّي بذلك لكثرة سبائب ذنبه، وقيل سمّي من قولك: لحفت الفرس وألحفته: إذا جللته لحافا.
(1) كتاب «المستوعب» لأبي عبيد البكري، لا أعرف أحدا نقل عنه سوى الخزاعي، ولم يذكره الأستاذ الميمني رحمه الله في مقدمته على السمط بين كتب أبي عبيد.
(2)
انظر اللسان (لوح) .
السادسة: «اللّزاز» يحتمل أن يكون من اللّز، وهو لزوم الشيء للشيء، كأنه يلازم الجري.
وأنشد ابن السيد «1» : [من الطويل]
لزاز حضار يسبق الخيل عفوه
…
على الدفعة الأولى وفي العقب مرجما
ويحتمل أن يكون من شدة الخلق.
قال الزبيدي: الملزّز الخلق: المجتمعه. وأنشد أبو عبيد في «الغريب المصنف» : [من الرجز]
وطرفة لزّت دخالا مدمجا «2»
وفي «المستوعب» : سبّق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الخيل، وجلس على سلع، فطلعت ثلاثة أفراس يتلو بعضها بعضا: أولها: فرسه لزاز، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عليه؟ قالوا: سهل بن سعد، فقال: امض بارك الله عليك، فطلع رأس الثلاثة سابقا، وفرسه الظّرب مصلّيا، وفرسه السكب ثالثا، كلها لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
السابعة: في «المستوعب» الظّرب فرس من خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، تشبيها بالظرب من الجبال وهو المنبسط.
الثامنة: «سبحة» قال الشريف أحمد بن عبد الله الطبري «3» في «خلاصة السير» له جاء سابقا فسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمي «سبحة» ، وقال البكري في «المستوعب» «سنحة» بالنون، قال: وروى الزبير بن الخريت «4» عن
(1) نسبه في شرح السبع الطوال: 85 لجرير.
(2)
اللسان (طرف، دخل) والطرفة: مؤنث الطرف، والدخال: مداخلة المفاصل بعضها في بعض، والرواية في اللسان: شدت دخالا.
(3)
أرجح أنه المعروف بالمحب الطبري صاحب الرياض النضرة وذخائر العقبي فقد ذكر تقي الدين الفاسي بين مؤلفاته مؤلفا في السيرة النبوية (العقد الثمين 3: 64) .
(4)
الزبير بن الخريت البصري روى عن ابن سيرين وعكرمة مولى ابن عباس، وكان ثقة (تهذيب التهذيب 3: 314) .