الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس والعشرون في حامل السيف
في «الاستيعاب» (742) : الضحاك بن سفيان بن عوف بن كعب بن أبي بكر الكلابي، يكنى أبا سعيد، معدود في أهل المدينة، وكان أحد الأبطال، يقوم على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيفه، وكان يعدّ بمائة فارس وحده.
وذكر الزبير بن بكار أن الضحاك بن سفيان الكلابي كان سيّاف رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما على رأسه متوشحا بسيفه، وكانت بنو سليم في تسعمائة فارس، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل لكم في رجل يعدل مائة يوفيكم ألفا؟ فوفاهم بالضحاك بن سفيان وكان رئيسهم.
قال السهيلي (7: 218) : كانت بنو سليم يوم حنين تسعمائة فأمّره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرهم أنه قد تممهم به ألفا. انتهى.
وأنشد ابن إسحاق في «السير» (2: 464) لعباس بن مرداس السلمي في أشعار يوم حنين ما يدلّ على ذلك، فمن ذلك قوله «1» :[من الطويل]
ويوم حنين حين سارت هوازن
…
إلينا وضاقت بالنّفوس الأضالع
صبرنا مع الضّحاك لا يستفزّنا
…
قراع الأعادي منهم والوقائع
أمام رسول الله يخفق فوقنا
…
لواء كخذروف السحابة لامع
عشية ضحاك بن سفيان معتص
…
بسيف رسول الله والموت كانع
(1) انظر أيضا ديوان العباس: 81.
وقوله أيضا (2: 467)«1» : [من البسيط]
ونحن يوم حنين كان مشهدنا
…
للدّين عزّا وعند الله مدّخر
إذ نركب الموت مخضرّا بطائنه
…
والخيل ينجاب عنها ساطع كدر
تحت اللواء مع الضحاك يقدمنا
…
كما مشى اللّيث في غاباته الخدر
وقوله أيضا (2: 462)«2» : [من الكامل]
لا وفد كالوفد الألى عقدوا لنا
…
سببا بحبل محمد لا يقطع
وفد أبو قطن حزابة منهم
…
وأبو الغيوث وواسع والمقنع
والقائد المائة التي وفّى بها
…
تسع المئين فتم ألف أقرع
فهناك إذ نصر النبيّ بألفنا
…
عقد النبيّ لنا لواء يلمع
قلت: وإنما أراد بقائد المائة التي وفّى بها الألف الضحاك بن سفيان وجعله كأنه قاد مائة لما تقدم من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه: يعدل مائة توفيكم ألفا.
تنبيه:
حكى السهيلي في «الروض الأنف» (7: 218) عن البرقي أنه قال: ليس الضّحاك بن سفيان هذا بالكلابي، إنما هو الضّحاك بن سفيان السّلمي، وذكر من غير رواية ابن إسحاق نسبه مرفوعا إلى بهثة بن سليم. قال السهيلي: ولم يذكر أبو عمر في الصحابة إلا الأول وهو الكلابي والله أعلم. انتهى.
وقد ذكر ابن فتحون الضحاك بن سفيان السلمي في «الذيل» فقال:
الضحاك بن سفيان بن الحارث بن زائدة بن عبد الله بن حبيب بن مالك بن خفاف بن امرىء القيس بن بهثة، له صحبة من النبي صلى الله عليه وسلم، وكان رأس بني سليم وصاحب رايتهم. انتهى.
(1) انظر أيضا ديوان العباس: 55.
(2)
ديوان العباس: 77.
وكذلك نسبه ابن حزم في «جمهرته» (261) سواء وقال: وله صحبة، وهو غير الضحاك بن سفيان الكلابي. انتهى.
إفادة:
ذكر العباس بن مرداس رضي الله تعالى عنه في شعره أربعة من بني سليم في الوفد وهم: أبو قطن حزابة، وأبو الغيوث، وواسع، والمقنع. فثبت بذلك صحبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكرهم أبو عمر ابن عبد البر وذكرهم ابن فتحون في «الذيل» .
فوائد لغوية في ثمان مسائل:
الأولى: قول الزبير بن بكار: كان الضحاك بن سفيان سيّاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي حامل سيفه صلى الله عليه وسلم، الذي يحمله ويقف به بين يديه كما كان الحارث بن الصمة حامل حربته الذي يحملها ويسير بها بين يديه، كما ذكر في باب حامل الحربة.
وقوله متوشحا سيفه يعني أيضا سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بين ذلك عباس بن مرداس بقوله:[من الطويل]
عشية ضحاك بن سفيان معتص
…
بسيف رسول الله والموت كانع
الثانية: في «المحكم» : رجل مسيف وسياف: صاحب سيف. وفي «المخصص» (6: 16) : وسائف: معه سيف.
الثالثة: التوشّح بالسيف: التقلّد به، كما تتقلد المرأة بالوشاح. وقال الجوهري (1: 415) : الوشاح ينسج من أديم عريضا ويرصّع بالجواهر وتشدّه المرأة بين عاتقيها وكشحيها؛ ووشّحتها توشيحا فتوشّحت هي: أي لبسته، وربما قالوا:
توشّح الرجل بثوبه وبسيفه.
الرابعة: في «المحكم» الخذروف: السريع المشي، والخذروف أيضا: عويد مشقوق في وسطه يشدّ بخيط ويمدّ فيسمع له حنين. وفي «مختصر العين» نحو منه
وبالذال المعجمة ذكراه معا. وقال أبو الحسن طاهر بن عبد العزيز بن عبد الله الرعيني «1» : كخذروف يريد البرق الذي في السحاب. نقلته من طرّة كتبها على هذا البيت بخطّه في نسخته العتيقة التي كتبها بخطه أيضا وقرأها على عبد الرّحيم بن عبد الله بن عبد الرّحيم الزهري البرقي «2» سنة ثلاث وثمانين ومائتين بفسطاط مصر وحدثه بها عن عبد الملك بن هشام.
الخامسة: في «الديوان» (4: 93) عصيت بالسيف أعصى: أي ضربته به بالكسر في الماضي والفتح في المستقبل. وفي «الصحاح» (6: 1429) : العصا مقصور مصدر قولك عصي بالسيف يعصى إذا ضرب به. وفي «مختصر الزبيدي» و «أفعال السرقسطي» وعصا بالسيف أيضا يعصو لغتان. وفي «الديوان» (4: 124) في باب الافتعال: فلان يعتصي بالسيف. ثم قال: وهذا الباب يكون بمعنى التفاعل بمعنى الاشتراك في الفعل كالتطاعن والاطّعان والتخاصم والاختصام. ويكون بمعنى فعل: كجذب واجتذب، وقلع واقتلع. انتهى. واللفظة تحتملهما معا. وفي «الصحاح» (6: 2429) فلان يعتصي بالسيف: أي يجعله عصا.
تنبيه:
هذه اللغات كلها في الضرب بالسيف، وأما العصا فقال ابن طريف عصوته وعصيته عصوا وعصيا: ضربته بالعصا بفتح العين فيهما معا، يريد عين فعل.
السادسة: في «الصحاح» (3: 1278) كنع الأمر: دنا. ابن طريف: كنع الموت بفتح النون كنوعا: دنا، وأنشد الجوهري:
(1) طاهر بن عبد العزيز بن عبد الله الرعيني أبو الحسن القرطبي سمع من بقي بن مخلد كثيرا ومن محمد بن عبد السلام الخشني، ورحل إلى المشرق فسمع بمكة من علي بن عبد العزيز بن عبد الله كاتب أبي عبيد القاسم بن سلام، وكان علم اللغة والخبر أغلب عليه، وسمع الناس منه كتب أبي عبيد وتوفي سنة 350 (ابن الفرضي 1: 243 وبغية الوعاة 2: 19) .
(2)
عبد الرّحيم بن عبد الله بن عبد الرّحيم البرقي (نسبة إلى برقة وأخطأ محقق عبر الذهبي في التعليق عليها) مولى بني زهرة: روى السيرة عن ابن هشام وكان ثقة وهو أخو المحدثين أحمد (أنساب السمعاني «البرقي» ) ومحمد وكانت وفاته سنة 286 (عبر الذهبي 2: 77) .
إنّي إذا الموت كنع
«1» وأنشد ابن طريف: [من الطويل]
يلوذ حذار الموت والموت كانع «2»
السابعة: في «الصحاح» (3: 1262) : سقت إليك ألفا أقرع من الخيل وغيرها أي تامّا.
الثامنة: حزانة بن أبي قطن بحاء مضمومة مهملة وزاي ونون، ضبطه طاهر بن عبد العزيز الرعيني في نسخته العتيقة التي بخطه.
وقال ابن سيّد في «الاشتقاق» لي في موضع كذا وكذا حزانة: أي ما يتعلّق به قلبي وأهتمّ به، واشتقاقه من الحزن أي لي ما أحزن عليه. انتهى.
وأما سائر ما طالعته من نسخ «السير» فهو فيها أبو حزابة بحاء مهملة أيضا وزاي وباء بواحدة. وفي «المحكم» (3: 171) حزبه الأمر يحزبه: نابه واشتدّ عليه وضغطه، والاسم: الحزابة. وأبو حزابة فيما ذكر ابن الأعرابي: الوليد بن نهيك:
أحد بني ربيعة بن حنظلة. انتهى. والأول الوجه لثبوت الرواية به.
(1) هو في اللسان (كنع) .
(2)
نسبه في اللسان (كنع) للأحوص، ولم أعثر على صدره.