الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس في صاحب المساحة
روى أبو عبيد في «كتاب الأموال» (86) عن أبي مجلز، لاحق بن حميد، أن عمر بن الخطاب بعث عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما إلى أهل الكوفة على صلاتهم وجيوشهم، وعبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه على قضائهم وبيت مالهم، وعثمان بن حنيف على مساحة الأرض، ثم فرض لهم في كلّ يوم شاة بينهم. قال: أو قال: جعل لهم في كلّ يوم شاة، شطرها وسواقطها لعمّار، والشطر الآخر بين هذين. ثم قال: ما أرى قرية يؤخذ منها كلّ يوم شاة إلا كان سريعا في خرابها.
قال (87) فمسح عثمان بن حنيف الأرض، فجعل على جريب الكرم عشرة دراهم، وعلى جريب النخل خمسة دراهم، وعلى جريب القضب ستة دراهم، وعلى جريب البر أربعة دراهم، وعلى جريب الشعير درهمين، وجعل على أهل الذمة في أموالهم التي يختلفون بها في كل عشرين درهما درهما، وجعل على رقابهم أربعة وعشرين كل سنة، وعطل الصبيان والنساء من ذلك، ثم كتب بذلك إلى عمر فأجازه ورضي به.
وفي «الاستيعاب» (1033) : عثمان بن حنيف بن واهب بن العكيم بن ثعلبة بن الحارث بن مجدعة الأنصاري، من بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس، أخو سهل بن حنيف. يكنى أبا عمرو، وقيل أبا عبد الله. عمل لعمر ثم لعلي رضي الله تعالى عنهما ولاه عمر بن الخطاب مساحة الأرض وجبايتها، وضرب الخراج والجزية على أهلها، وولاه عليّ البصرة، فأخرجه طلحة والزبير رضي الله تعالى
عنهم حين قدما البصرة، ثم قدم عليّ فكانت وقعة الجمل، فلما خرج عليّ من البصرة ولاها عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهم.
ذكر العلماء بالخبر والأثر أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه استشار الصحابة رضي الله تعالى عنهم في رجل يوجهه إلى العراق، فأجمعوا جميعا على عثمان بن حنيف وقالوا: لن تبعثه إلى أهم من ذلك فإن له بصرا وعقلا ومعرفة وتجربة، فأسرع عمر إليه فولاه مساحة أرض أهل العراق، فضرب عثمان على كلّ جريب من الأرض يناله الماء عامرا أو غامرا: درهما وقفيزا، فبلغت جباية سواد الكوفة قبل أن يموت عمر بعام: مائة ألف ألف ونيفا.
وقال عثمان بن حنيف في نزول عسكر طلحة والزبير البصرة ما زاد في فضله رحمه الله تعالى ورضي عنهم ثم سكن عثمان بن حنيف الكوفة وبقي إلى زمن معاوية. انتهى.
فوائد لغوية في خمس مسائل:
الأولى: «ابن القوطية» (3: 183) مسح الأرض مساحة ومسحا: ذرعها؛ «الفارابي» (2: 198) مسحها يمسحها بفتح السين فيهما.
الثانية: حنيف: مصغر أحنف على أسلوب تصغير الترخيم كزهير وسويد في أزهر وأسود.
الثالثة: سواقط الشاة: يداها ورجلاها وحشوتها وهي سقطها أيضا؛ وفي «الصحاح» (3: 1132) الساقط والساقطة اللئيم في حسبه ونفسه، والسّقط رديء المتاع.
الرابعة: في «الصحاح» (1: 98) الجريب من الطعام ومن الأرض: مقدار معلوم، والجمع أجربة وجربان.
الخامسة: في «الصحاح» (1: 203، 3: 1049) القضب والقضبة: الرطبة وهي
الإسفست بالفارسية، والموضع الذي تنبت فيه يسمى: مقضبة، قال: وهي الفصفصة بالكسر، وأنشد الأعلم للنابغة «1» :[من البسيط]
وقارفت وهي لم تجرب وباع لها
…
من الفصافص بالنمّيّ سفسير
وقال: الفصافص: الرطاب واحدتها فصفصة، وفي «ديوان الأدب» (3: 105) الفصفصة بكسر الفاءين وسكون الصاد. الأولى: الرطبة، بفتح الراء، وأصلها بالفارسية، والنميّ الفلوس، قاله الجوهري.
(1) البيت من قصيدة تنسب للنابغة (ديوانه: 157) كما تنسب لأوس بن حجر (ديوانه: 41) ولهذا تضطرب المصادر في نسبتها فالبيت في اللسان (قرف) للنابغة، وهو نفسه في (فصفص) لأوس؛ والنميّ: الفلوس، قارن بلفظة Z numismatics z الذي سمي «علم النميات» .