الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: وإنما يتحصّل ذلك بمعرفة ما كان من ذلك مستعملا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبمعرفة أقدارها، ويتحصل الغرض من ذلك في الفصلين المذكورين بعد هذا إن شاء الله تعالى.
الفصل الثاني في معرفة أسماء الأوزان المستعملة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفة أقدارها، وهي عشرة
الدرهم، والدينار، والمثقال، والدانق، والقيراط، والأوقية، والنش، والنواة، والرطل، والقنطار.
1- ذكر الدرهم
،
وفيه سبع مسائل:
الأولى: في ذكر استعماله:
روى النسائي (5: 59) رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبق درهم مائة ألف، قالوا: يا رسول الله وكيف؟ قال: رجل له درهمان فأخذ أحدهما فتصدّق به، ورجل له مال كثير فأخذ من عرض ماله مائة ألف فتصدق بها.
وروى النسائي (7: 284) أيضا عن سماك قال: سمعت مالكا أبا صفوان يقول رضي الله تعالى عنه: بعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من سراويل قبل الهجرة بثلاثة دراهم، فوزن لي فأرجح لي.
المسألة الثانية: هل كان معلوم القدر أم لا؟
وفي ذلك قولان:
القول الأول: أن الدرهم لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم معلوما حتى ضربت الدراهم في زمان عبد الملك بن مروان.
قال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستذكار» قال أبو عبيد: كانت الدراهم غير معلومة إلى أيام عبد الملك بن مروان فجمعها وجعل كل عشرة من الدراهم وزن
سبعة مثاقيل، قال: وكانت الدراهم يومئذ درهم من ثمانية دوانق زيف، ودرهم من أربعة دوانق جيد.
قال: فاجتمع رأي علماء ذلك الوقت لعبد الملك على أن جمعوا الأربعة دوانق إلى الثمانية فصارت اثني عشر دانقا وجعلوا الدرهم ستة دوانق وسموه كيلا. انتهى.
وقال أبو محمد عبد الحق بن عطية في جواب سؤال سئله في سنة ست عشرة وستمائة: قال أبو عبيد القاسم بن سلام عن بعض شيوخه إن الدراهم كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نوعين:
السوداء الوافية ووزن الدرهم منها ثمانية دوانق، والطبرية العتق وزن الدرهم منها أربعة دوانق. قال: وكان الناس يزكّون بشطرين من الكبار والصغار، فلما أراد عبد الملك بن مروان ضرب الدرهم خشي إن ضرب على الوزن الوافي أن يبخس الزكاة، وإن ضرب على الطبرية أن يبخس الناس، فجمع الوزنين وأخذ نصفهما مراعاة لما كانت زكاة الناس عليه، فجعل الدرهم من ستة دوانق.
والقول الثاني: إن الدرهم كان معلوما في زمن النبي صلى الله عليه وسلم:
قال أبو العباس العزفي، قال أبو جعفر الداودي: وذكر قول من قال: إن الدرهم لم يكن معلوما في زمن النبي صلى الله عليه وسلم: هذا قول فاسد لم يكن القوم ليجهلوا أصلا من أصول الدين فلا يعلمون فيه نصا، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج السّعاة فلا يجوز أن يظنّ بهم جهل مثل هذا ولم يأت ما قاله من طريق صحيح.
قال، وقد قال أبو عمر ابن عبد البر: لا يجوز أن تكون الأوقية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجهولة المبلغ من الدراهم في الوزن ثم يوجب الزكاة عليها وهي لا يعلم مبلغ وزنها.
قال: وتلاهما على هذا القول القاضي الجليل أبو الفضل عياض رحمه الله تعالى، قال: ولا يصحّ أن تكون الأوقية والدراهم مجهولة القدر في زمن النبي
صلى الله عليه وسلم وهو يوجب الزكاة في أعداد منها، وتقع بها البياعات والأنكحة، كما جاء في الأحاديث الصحيحة، وهذا يبيّن أن قول من قال: إن الدراهم لم تكن معلومة إلى زمن عبد الملك حتى جمعها برأي الفقهاء وهم.
وإنما معنى ذلك أنها لم تكن من ضرب أهل الإسلام وعلى صفة لا تختلف، وإنما كانت مجموعات من ضرب فارس والروم، وصغارا وكبارا، وقطع فضة غير مضروبة ولا منقوشة، ويمنية ومغربية، فرأوا صرفها إلى ضرب الإسلام ونقشه وتصييرها وزنا واحدا لا يختلف، وأعيانا يستغنى بها عن الموازين، فجمعوا أصغرها وأكبرها وضربوه على وزنهم الكيل، ولعله كان الوزن الذي يتعاملون به حينئذ كيلا بالمجموع، ولهذا سمّي كيلا، وإن كانت قائمة مفردة غير مجموعة. انتهى.
وقال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستذكار» أيضا: وما أظنّ عبد الملك وعلماء عصره نقضوا شيئا من الأصل. وإنما أنكروا وكرهوا الضرب الجاري عندهم من ضرب الروم فردّوها إلى ضرب الإسلام. انتهى.
وقال أبو سليمان أحمد بن محمد الخطابي رحمه الله تعالى، في كتابه «معالم السنن» في الكلام على الحديث الذي خرّجه أبو داود رحمه الله تعالى عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الوزن وزن أهل مكة والمكيال مكيال أهل المدينة: إنما جاء الحديث في نوع ما يتعلّق به أحكام الشريعة في حقّ من حقوق الله سبحانه دون ما يتعامل به الناس في بياعاتهم وأمور معايشهم. وقوله: الوزن وزن أهل مكة، يريد من الذهب والفضة خصوصا دون سائر الأوزان، ومعناه أنّ الوزن الذي يتعلق به حقّ الزكاة في النقد وزن أهل مكة، وهي دراهم الإسلام المعدّلة منها العشرة بسبعة مثاقيل، والدرهم الوازن الذي هو من دراهم الإسلام الجائزة بينهم في عامة البلدان ستة دوانيق، وهو نقد أهل مكة ووزنهم الجائز بينهم. وكان أهل المدينة يتعاملون بالدراهم عددا وقت مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها، والدليل على صحة ذلك أن
عائشة رضي الله تعالى عنها قالت فيما روي عنها من قصّة بريرة: إن شاء أهلك أن أعدّها لهم عدّة واحدة فعلت؛ تريد الدراهم التي هي ثمنها. فأرشدهم صلى الله عليه وسلم إلى الوزن فيها، وجعل العيار وزن أهل مكة دون ما يتفاوت وزنه منها في سائر البلدان، وقد تكلّم الناس في هذا الباب، وهل كانت هذه الدراهم لم تزل في الجاهلية على هذا المعيار، وإنما غيروا السكك منها ونقشوا فيها اسم الله عز وجل، وقام الإسلام والأوقية وزنها أربعون درهما، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، وهي مائتا درهم. وهذا بلغني عن أبي العباس ابن سريج أنه كان يقوله ويذهب إليه. انتهى.
تنبيه:
أقرب ما يتناول في هذا الاختلاف الواقع في الدرهم الشرعي: هل كان معلوما في عصر النبي صلى الله عليه وسلم أو غير معلوم القدر، وهو أن يكون معلوم القدر غير موجود العين مثل درهم الصّنجة عندنا الآن، فإنه معلوم القدر غير موجود العين، وإنما توجد صنجته ومنه تتركّب الأوزان التي فوقه بالدينار والأوقية والرطل وغيرها، ومن أبين الأدلّة على ذلك الحديث المتقدم على هذا الباب الذي خرجه النسائي في شرائه صلى الله عليه وسلم رجل سراويل بثلاثة دراهم، وفيه:
فوزن لي فأرجح لي. والحديث الذي خرجه مسلم (1: 470) والبخاري رحمهما الله تعالى عن جابر رضي الله تعالى عنه: اشترى مني النبي صلى الله عليه وسلم بعيرا بأوقيتين ودرهم أو درهمين، وفيه: ووزن لي ثمن البعير فأرجح لي، وقد تقدم في باب الوزان؛ فلو لم يكن الدرهم معلوما في حين عقد هاتين الصفقتين المباركتين لما صحّ البيع ولما عرف الرجحان الذي أرجح لهما صلى الله عليه وسلم بعد استيفائهما حقوقهما، والله تعالى أعلم.
وبهذا تتفق الأقوال ويندفع التعارض عنها، فيحمل قول من قال: إن درهم مكة كان معلوما في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن المراد بذلك قدره ووزنه، لا عينه، ويحمل قول من قال: إن الدراهم كانت غير معلومة إلى أيام
عبد الملك بن مروان: أن المراد بذلك أنها لم تكن معلومة بأعيانها، وإنما كانوا يتعاملون بتلك الدراهم المختلفة المتنوعة ويرجعون في أقدارها إلى قدر الدرهم المعلوم الذي تركبت منه الأوقية والنشّ والنواة.
المسألة الثالثة: في معرفة مقداره، وفي ذلك قولان:
الأول: قال: أبو محمد ابن عطية في جوابه المشار إليه في أول الباب:
ذكر الخطابي عن أبي العباس ابن سريج: أن درهم مكة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كان من ستة دوانق، وأن عدد حبوبه خمسون حبة، وإنما غيّر في الإسلام نقشه. قال أبو محمد: والحبة التي تركّب منها الدرهم هي حبة الشعير المتوسطة الحسنة غير مقشورة بعد أن يقطع من طرفيها ما امتدّ وخرج عن خلقتها.
والقول الثاني: ذكر ابن حزم في «المحلّى» (5: 246) قال: قد بحثت أنا غاية البحث عند كلّ من وثقت بتمييزه، فكل اتفق لي على أن دينار الذهب بمكة وزنه اثنتان وثمانون حبة وثلاثة أعشار حبة بالحب من الشعير المطلق، والدرهم سبعة أعشار المثقال، فوزن الدرهم المكي سبع وخمسون حبة وستة أعشار حبة وعشر عشر حبة.
وحكى ابن شاس في «الجواهر» مثل هذا القول عن عبد الله بن أحمد بن حنبل بنصّه لم يغادر منه حرفا.
المسألة الرابعة: في الترجيح بين هذين القولين المختلفين في عدة حبوب لدرهم على مذهب من رجح أحدهما على الآخر والجمع بينهما على مذهب من رأى ذلك، فلذلك قولان:
القول الأول: قال أبو العباس العزفي رحمه الله تعالى في «إثبات ما ليس منه بد» : ما قاله أبو محمد علي بن أحمد لا تحقيق وراءه، فإنه وإن كان اعتمد على نقل من وثق بتمييزه في زنة الدينار والدرهم بمكة شرفها الله تعالى فلعلّ ذلك مخصوص بزمن بحثه وذلك لنحو من أربعمائة سنة من تاريخ الهجرة، فبقي عليه البحث والتنقير على أن الدينار والدرهم لم يزالا على ذلك من الوزن، بنقل الآحاد
العدول، أو بنقل الجمّاء العفير خلفا عن سلف، من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الزمان بمكة شرفها الله تعالى، كما اعتمد المحققون ذلك في صاعه ومدّه- عليه السلام بالمدينة. وأمّا مع إمكان اختلافه في الأعصار وتباينه في الأمصار وعند تعاقب الولاة، مع ما عهد من اختلاف زنة الدنانير والدراهم والمكاييل عند تجدد الولاة واختلاف الأزمنة، فلا اعتماد على ما قاله، فهذا ترجيح لمن قال إن الدرهم خمسون حبة وخمسا حبة.
والقول الثاني: قال الأستاذ أحمد بن عثمان بن البناء رحمه الله تعالى في «مقالته في مقادير المكاييل الشرعية» : وأما ما نقله صاحب «الجواهر الثمينة» عن أبي محمد عبد الله بن أحمد بن حنبل من أن دينار الذهب وزنه بمكة اثنتان وثمانون حبة وثلاثة أعشار حبة وذلك بالحبّ المطلق من الشعير فتكون زنة الدرهم بالحبّ المطلق سبعا وخمسين حبة وكسرا، لأن الدرهم سبعة أعشار الدينار، هذا أيضا قول مشهور، فليس بين القولين اختلاف، لأن الوزن في القول الأول بالوسط من الشعير، وفي هذا القول بالحبّ المطلق، ولا يبعد أن يكون بين المطلق والوسط ذلك القدر من التفاوت، وهذا جمع بين القولين.
المسألة الخامسة: في الدليل على استعمالهم حب الشعير في أوزانهم في الجاهلية والإسلام:
أنشد ابن إسحاق في «السير» (1: 277) لأبي طالب: [من الطويل]
جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا
…
عقوبة شرّ عاجلا غير آجل
بميزان صدق لا يخسّ شعيرة
…
له شاهد من نفسه غير عائل
وذكر أبو محمد ابن عطية في «التفسير» عند قوله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (المجادلة: 12) صحّ عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه قال: ما عمل بها أحد غيري، وأنا كنت سبب الرخصة والتخفيف عن المسلمين، وذلك أني أردت مناجاة النبي عليه السلام في أمر ضروري فصرفت
دينارا بعشرة دراهم ثم ناجيته عشر مرّات أقدّم في كلّ مرة درهما. وروي عنه أنه تصدق في كل مرة بدينار. قال علي رضي الله تعالى عنه: ثم فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذه العبادة قد شقّت على الناس، فقال لي: يا علي، كم ترى أن يكون حدّ هذه الصدقة؟ أتراه دينارا؟ قلت: لا، قال: فنصف دينار؟ قلت: لا، قال: فكم؟ قلت: حبة من شعير، قال: إنك لزهيد، فأنزل الله عز وجل الرخصة. انتهى.
قلت: وإنما يريد رضي الله تعالى عنه وزن حبة من شعير لأنه يصحّ به الانتفاع ويكون قريبا من خمس العشر من الدرهم في قول من قال: إن الدرهم خمسون حبة وخمسا حبة أو قريبا من سبع ثمن الدرهم في قول من قال: إن الدرهم سبع وخمسون حبة وثلاثة أعشار حبة، ولا يصحّ أن يريد رضي الله تعالى عنه حبة الشعير بعينها لتفاهتها وعدم الانتفاع بها.
المسألة السادسة: في معنى تسمية هذا الدرهم بالشرعي:
قال أبو محمد ابن عطية في جوابه: سمّي بذلك لما تركّب منه الرطل والمد والصاع، فهو درهم كيل الشريعة، وفي هذا الدرهم والرطل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الوزن وزن مكة. وفيما تركب منه كما ذكرنا قال: الكيل كيل المدينة.
المسألة السابعة: في ذكر فوائد لغوية وهي عشر فوائد:
الأولى: في «المخصص» قال سيبويه: الدرهم: فارسي معرب ألحقوه ببناء هجرع، وقالوا في تصغيره دريهم كأنهم صغروا درهاما. قال ابن جني قد قيل درهام وأنشد:
لو أنّ عندي مائتي درهام
…
لجاز في آفاقها ختامي
وقال المطرز في «اليواقيت» : أفصح اللغات درهم، والثانية درهم، وقالوا في الجمع دراهم ودراهيم، كما قالوا قراقر وقراقير.
الثانية: في «المشرع الرويّ» في حديث عائشة: ما تصدّقت المرأة من عرض بيتها: أي من ناحيته، ويقال عرض كلّ شيء: ما استقبلك منه، وكذلك عرض النهر والماء. وفي المحكم (1: 246) عرض الشيء: وسطه وناحيته. وقيل نفسه، وعرض الحديث: معظمه، وعرض الناس كذلك. وفي «الديوان» (1: 155) العرض بضم العين وسكون الراء: الناحية.
الثالثة: ابن القوطية (2: 104) زافت الدراهم تزيف زيفا: فسدت وبارت.
«الجوهري» (4: 1371) درهم زيف وزائف، وقد زافت عليه الدّراهم وزيّفتها أنا.
الرابعة: ابن القوطية (1: 79) بخسة حقّه بخسا: نقصه، والكيل كذلك.
الفارابي (2: 205) بفتح العين في الماضي والمستقبل لمكان حرف الحلق.
الخامسة: في «الصحاح» (2: 764) عايرت المكاييل والموازين عيارا وعاورت بمعنى؛ يقال عايروا بين مكاييلكم وموازينكم، وهو فاعلوا من العيار ولا تقل عيّروا والمعيار: العيار.
السادسة: الجوهري (4: 1564) الورق: الدراهم المضروبة، وحكى فيها الفراء ثلاث لغات: ورق وورق وورق مثل كبد وكبد وكبد، وكذلك الرّقة والهاء عوض من الواو وتجمع على رقين مثل إرة وإرين.
السابعة: ابن سيده: صنجة الميزان وسنجته فارسية معربة، وحكى اللغتين أبو عبيد في «المصنف» وفي «الصحاح» (1: 326) قال ابن السكّيت: ولا يقال سنجة. وفي «الفرق» لابن السيد: الصّنجة بالصاد التي يوزن بها، وقد حكي سنجة بالسين، قلت: وهي ما اتخذ من أحد المعادن أو الأحجار ليعاير بها مقدار وزن من الأوزان التي تجري بين الناس في معاملاتهم قلّت أو كثرت.
وفي الحماسة (4: 167) : [من الرجز] وفعلة «1»
زين وليست فاضحه
…
نابلة طورا وطورا رامحه
(1) هذا على الكناية تحرجا من إيراد اللفظة نفسها.
على العدوّ والصديق جامحه
…
من لقيت فهي له مصافحه
كأنّها صنجة ألف راجحه
الثامنة: الجوهري (2: 771) قولهم: جاءوا جمّاء غفيرا ممدودا، والجماء الغفير، وجمّاء الغفير، أي جاء جماعتهم «1» الشريف والوضيع، ولم يتخلّف أحد وكانت فيهم كثرة، والجماء الغفير اسم وليس بفعل إلا أنه ينتصب كما تنتصب «2» المصادر التي هي في معناه. كقولك: جاءوني جميعا وقاطبة وطرا وكافة. وأدخلوا فيه الألف واللام كما أدخلوها في قولهم: أوردها العراك أي أوردها عراكا.
ابن القوطية في «المقصور والممدود» وجمّاء القوم جماعتهم، وجاء القوم الجماء الغفير أي بجماعتهم.
التاسعة: قال أبو ذر الخشني في «غريب السير» (1: 90) قوله لا يخسّ شعيرة أي لا ينقص. ويروى لا يخيس من قولهم خاس بالعهد إذا نقضه وأفسده. وفي المحكم (4: 361، 5: 150) خسّ الحظّ خسا فهو خسيس، وأخسّه كلاهما: قلّله ولم يوفّره، وخاس الرجل خيسا: أعطاه بسلعته ثمنا ما ثم أعطاه أنقص [منه] وكذلك إذا وعده بشيء وأعطاه أنقص مما وعده به، وخاس عهده وبعهده: نقضه وخانه.
العاشرة: الجوهري (2: 698) الشّعير من الحبوب، الواحدة شعيرة، قلت:
وهو الذي تركب من المعايرة به الدراهم والدنانير التي هي أصول الأكيال والأوزان الشرعية من دون سائر الحبوب. وفي «المحكم» (1: 226) الشعيرة حلي يتّخذ من الفضة مثل الشعير، والشعيرة هنة تصاغ من فضة أو حديد على شكل الشّعيرة فتكون مساكا لنصاب النّصل والسكين، وأشعر السكين جعل لها شعيرة.
(1) الجوهري: جاءوا بجماعتهم.
(2)
الجوهري: ينصب كما تنصب.