الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الرابع في ذكر صاحب الخاتم
وفيه فصلان
الفصل الأول في اتخاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخاتم ومن أي شيء كان، وما كان نقشه:
خرج البخاري (7: 203)«1» رحمه الله تعالى عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى الروم، فقيل له: إنهم لن يقدروا كتابك إذا لم يكن مختوما، فاتخذ خاتما من فضة، ونقشه: محمد رسول الله، فكأنما أنظر إلى بياضه في يده صلى الله عليه وسلم.
وخرج الترمذي في «الشمائل» (46) أيضا قال: كان نقش خاتم النبي صلى الله عليه وسلم: محمد: سطر، ورسول: سطر، والله: سطر.
قال ابن بطّال «2» ، قال المهلب: كان عليه السلام لا يستغني عن الختم به على الكتب إلى البلدان، وأجوبة العمال، وقواد السرايا.
فائدتان لغويتان:
الأولى: في الخاتم أربع لغات: خاتم بفتح التاء، وخاتام بألف بعدها، وخيتام بياء عوض الألف، وخاتم بكسر التاء؛ قاله الهروي وابن النحاس والجوهري:
(1) قارن أيضا بالنسائي 8: 174 والشمائل: 46.
(2)
هو علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال القرطبي، شرح صحيح البخاري في عدة أسفار، وكانت وفاته سنة 449 (الصلة: 394 وعبر الذهبي 3: 219) .
قال ابن النحاس: إلا أن الرابعة رديئة لأنها تشكل بقولهم: ختمت الكتاب فأنا خاتم.
قال الهروي: ومعنى الختم: التغطية على الشيء، والاستيثاق منه حتى لا يدخله شيء، ومنه سمي خاتم الكتاب: لصيانة الكتاب، ومنع الناظرين من معرفة ما فيه. وقال ابن النحاس: وجمع خاتم وخاتم: خواتم، وجمع خاتام:
خواتيم، وجمع خيتام: خياتيم، ويقال: استختم الكتاب: بلغ أن يختم، وحكي:
أختم الكتاب بهذا المعنى، قلت: من قبيل قولهم: أركب المهر: إذا حان أن يركب. انتهى.
قال ابن النحاس: ويقال: أختمت الكتب أي وجدتها مختومة، مثل أحمدت فلانا أي وجدته محمودا. ويقال: الكتب في الختم والختام، ولا يقال: في الخاتم، ويقال: أول من ختم الكتاب سليمان بن داود عليهما السلام.
الثانية: تقدّم في أخبار عبد الله بن الأرقم رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمره أن يكتب إلى بعض الملوك فيكتب، ويأمره أن يطينه ويختمه، وما يقرأه لأمانته عنده. وفي «المحكم» طان الكتاب طينا وطينه:
ختمه بالطين، هذا هو المعروف. وقال يعقوب: سمعت من يقول: أطن الكتاب أي اختمه، وطينته: خاتمه الذي يطيّن به.
تنبيه:
قد يقال لما يطبع به الكتاب: طابع كما يقال له الآن. قال ابن سيده في «المحكم» (1: 349) : طبع الشيء وعليه يطبع طبعا: ختم، والطابع: الخاتم الذي يختم به. وأنشد لعديّ بن الرقاع «1» :
كأن قرادي صدره «2» طبعتهما
…
بطين من الجولان كتّاب أعجم
قال: وقرادي الثديين حلمتاهما؛ قلت: وهذا من مليح التشبيه.
(1) أورده في اللسان (قرد) مع بيتين آخرين في مدح عمر بن هبيرة وقيل إن الأبيات لمسلمة الجرمي؛ قال وأنشد الأزهري البيت ونسبه لابن ميادة.
(2)
اللسان: زوره.