الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو عمر (599) : وتخلف سعد بن عبادة عن بيعة أبي بكر، وخرج من المدينة ولم ينصرف إليها إلى أن مات بحوران من أرض الشام لسنتين ونصف مضتا من خلافة عمر، وذلك سنة خمس عشرة، وقيل سنة أربع، وقيل بل مات سعد في خلافة أبي بكر سنة إحدى عشرة، ولم يختلفوا أنه وجد ميتا في مغتسله وقد اخضرّ جسده ولم يشعروا بموته حتى سمعوا قائلا يقول، ولا يرون أحدا «1» :
[من مجزوء الرمل]
قتلنا سيد الخزرج
…
سعد بن عباده
رميناه بسهمين فلم نخط فؤاده
ويقال إن الجن قتلته؛ روى ابن جريج عن عطاء أنه قال: سمعت الجنّ قالت في سعد بن عبادة فذكر البيتين.
فائدة لغوية:
الأطم بضم الطاء وتسكينها والهمزة مضمومة في اللغتين: الحصن، والجمع آطام؛ قاله الجوهري، قال: وهي حصون لأهل المدينة، والواحدة أطمة مثل أكمة.
وفي «المحكم» الجمع القليل: آطام، والكثير: أطوم. قال ابن الأعرابي: الأطوم:
القصور.
8- قيس بن سعد بن عبادة
رضي الله تعالى عنه: في الاستيعاب (1289) :
قيس بن سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة الأنصاري الخزرجي، قد نسبنا أباه في بابه، فأغنى عن الرفع في نسبه هنا، يكنى أبا الفضل، وقيل أبا عبد الله، وقيل:
أبا عبد الملك. قال الواقدي: كان قيس بن سعد بن عبادة من كرام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسخيائهم ودهاتهم.
قال أبو عمر: كان شريف قومه غير مدافع هو وأبوه وجده، وصحب قيس رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأبوه وأخوه سعيد بن سعد بن عبادة، وأعطاه
(1) يمر الشعر حيثما وردت ترجمة سعد بن عبادة في المصادر، انظر سير الذهبي 1: 277، 278 وفي البيتين زحاف بيّن، على اختلاف في روايتهما.
رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية يوم فتح مكة إذ نزعها من أبيه لشكوى قريش سعدا يومئذ. وقد قيل إنه أعطاها الزبير، وقيل إنه أعطاها عليا رضي الله تعالى عن الجميع.
وعن جابر قال: خرجنا في بعث كان عليهم قيس بن سعد، فنحر لهم تسع ركائب، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا له ذلك من فعل قيس بن سعد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الجود شيمة «1» أهل ذلك البيت.
(1289)
ثم صحب قيس بن سعد علي بن أبي طالب، وشهد الجمل وصفين والنهروان هو وقومه، ولم يفارقه حتى قتل.
(1292)
وهو القائل في صفين: [من البسيط]
هذا اللواء الذي كنّا نحفّ به
…
مع النبي وجبريل لنا مدد
ما ضرّ من كانت الأنصار عيبته
…
أن لا يكون له من غيرهم أحد
قوم إذا حاربوا طالت أكفّهم
…
بالمشرفيّة حتى يفتح البلد
(1290، 1291) ولما أجمع الحسن على مبايعة معاوية خرج عن عسكره وغضب على الحسن، وبدر منه فيه قول خشن أخرجه الغضب، فاجتمع إليه قومه وكانوا خمسة آلاف قد حلقوا رؤوسهم بعد ما مات علي رحمه الله وتبايعوا على الموت، فلما دخل الحسن في بيعة معاوية أبي قيس أن يدخل وقال لأصحابه:
ما شئتم، إن شئتم جالدت بكم أبدا، وإن شئتم أخذت لكم أمانا، فقالوا: خذ لنا أمانا، فأخذ لهم: أنّ لهم كذا وكذا، وألا يعاقبوا بشيء، وأنه رجل منهم، ولم يأخذ لنفسه خاصة شيئا، والتزم لهم معاوية الوفاء بما شرطوه، ثم لزم قيس المدينة وأقبل على العبادة حتى مات بها سنة ستين، وقيل سنة تسع وخمسين، في آخر خلافة معاوية.
(1) ط والاستيعاب: من شيمة.
(1292)
وهو معدود في المدنيين، وكان رجلا طوالا سناطا لم يكن في وجهه شعرة ولا شيء من لحية، وكان مع ذلك جميلا، رحمه الله تعالى ورضي عنه، وكانت الأنصار تقول: لوددنا أن نشتري لقيس بن سعد لحية بأموالنا. ومن أخباره في الكرم أن رجلا استقرض منه ثلاثين ألفا، فلما ردّها إليه أبى أن يقبلها وقال: إنا لا نعود في شيء أعطيناه.
(1293)
»
وكان له مال كثير ديونا على الناس، فمرض واستبطأ عوّاده، فقيل له: إنهم يستحيون من أجل دينك، فأمر مناديا فنادى من كان لقيس بن سعد عليه دين فهو له، فأتاه الناس حتى هدموا درجة كانوا يصعدون عليها إليه.
(1292)
«2» وتوفي أبوه عن حمل لم يعلم به، فلما ولد وقد كان سعد قسم ماله حين خروجه من المدينة، فكلم أبو بكر وعمر في ذلك قيسا، وسألاه أن ينقض ما صنع سعد من تلك القسمة، فقال: نصيبي للمولود ولا أغيّر ما صنع أبي ولا أنقضه.
قال أبو عمر (1292)«3» : وقصّته مع العجوز التي شكت إليه أنه ليس في بيتها جرذ، فقال لها: ما أحسن ما سألت، أما والله لأكثّرنّ من جرذان بيتك، فملأ بيتها طعاما وودكا وأداما صحيحة.
فائدتان لغويتان:
الأولى: في «المحكم» السّناط والسّناط والسّنوط كله: الذي لا لحية له، وقيل: هو الذي لا شعر في وجهه البتة، وقد سنط فيهن. وفي «الأفعال» لابن طريف: سنط وسنط بضم النون وكسرها سنطا: لم ينبت له لحية فهو سناط.
(1) القصة في البصائر 4: 298 والصداقة والصديق: 23 والمستجاد: 176 وسراج الملوك: 155 ولباب الآداب: 109 والتذكرة الحمدونية 2 رقم: 706 وسير الذهبي 3: 107 وربيع الأبرار: 341/ أوالمستطرف 1: 158.
(2)
الخبر في الكامل للمبرد 2: 116 والتذكرة الحمدونية 2 رقم: 206 وسير الذهبي 3: 107.
(3)
قصة تتردد في المصادر الأدبية، وانظر سير الذهبي 3:106.