الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأشعريين في نحو خمسين رجلا في سفينة، فألقتهم الريح إلى النجاشي بأرض الحبشة، فوافقوا خروج جعفر وأصحابه منها فأتوا معهم. وقدمت السفينتان معا:
سفينة الأشعريين، وسفينة جعفر وأصحابه على النبي صلى الله عليه وسلم في حين فتح خيبر.
وقد قيل إن الأشعريين إذ رمتهم الريح إلى النجاشيّ أقاموا بها مدة، ثم خرجوا في حين خروج جعفر، فلهذا ذكره ابن إسحاق فيمن هاجر إلى أرض الحبشة، والله تعالى أعلم. وكان من أحسن الناس صوتا بالقرآن، قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أوتي أبوموسى مزمارا من مزامير آل داود.
ولما دفع أهل الكوفة سعيد بن العاص ولّوا أبا موسى، وكتبوا إلى عثمان يسألونه أن يولّيه فأقرّه عثمان على الكوفة وعزله عليّ عنها، فلم يزل واجدا منها على عليّ حتى جاء منه ما قال حذيفة فيه؛ فقد روي فيه لحذيفة كلام كرهت ذكره، والله يغفر له. ثم كان من أمره يوم الحكمين ما كان، ومات بالكوفة في داره بها، وقيل إنه مات بمكة سنة أربع وأربعين، وقيل سنة خمسين، وقيل سنة اثنتين وخمسين، وهو ابن ثلاث وستين سنة. انتهى ما نقل من الاستيعاب.
تنبيه:
قال أبو علي الغساني: حضّار في نسب أبي موسى- مشدد الضاد مفتوح الحاء أكثر من حضار بالتخفيف والكسر- نقلته من طرة بخطه في «الاستيعاب» الذي بخطه أيضا.
14- سلمان الفارسي
رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (234) سلمان الفارسي أبو عبد الله، يقال إنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعرف بسلمان الخير، أصله من فارس من رام هرمز من قرية يقال لها جيّ، وقيل كان من أصبهان، وكان إذا قيل له: من أنت؟ قال: أنا سلمان ابن الإسلام من بني آدم، وكان سلمان يطلب دين الله، ويتبع من يرجو ذلك عنده، فدان بالنصرانية وغيرها، وقرأ الكتب، وصبر في ذلك على مشقات نالته. وذكر أبو عثمان النهدي عن
سلمان: أنه تداوله في ذلك اثنا عشر ربا من رب إلى رب حتى أفضى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنّ الله عليه بالإسلام. انتهى.
روى البخاري رحمه الله تعالى في «صحيحه» (5: 90) عن أبي عثمان عن سلمان الفارسي: أنه تداوله بضعة عشر من ربّ إلى ربّ. انتهى.
وفي «تاريخ بغداد» (1: 163) للخطيب: أسلم سلمان رضي الله عنه في السنة الأولى من الهجرة، وأول مشهد شهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق، وإنما منعه من حضور ما قبل ذلك أنه كان مسترقّا لقوم من اليهود فكاتبهم، وأدّى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابته وعتق. انتهى.
وقال أبو عمر ابن عبد البر (636) رحمه الله تعالى: روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كان الدين في الثريا لناله سلمان. وقال صلى الله عليه وسلم:
أمرني ربي بحب أربعة، وأخبرني أنه يحبهم: علي وأبو ذر والمقداد وسلمان.
وعن عائذ بن عمرو «1» أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر، فقالوا: ما أخذت سيوف الله من عنق عدوّ الله مأخذها، فقال أبو بكر: تقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟ وأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: يا أبا بكر لعلك أغضبتهم؟ لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك، فأتاهم أبو بكر فقال:
يا إخوتاه أغضبتكم؟ قالوا: لا يا أبا بكر، يغفر الله لك.
وذكر ابن إسحاق في «السير» (2: 224) أن سلمان رضي الله تعالى عنه أشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعمل الخندق على المدينة حين حاصره الأحزاب، وأن المهاجرين قالوا: سلمان منا، وقالت الأنصار: سلمان منا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سلمان منا أهل البيت.
وعن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال: سلمان الفارسي مثل لقمان الحكيم.
(1) أورده مسلم 2: 265.
وعنه رضي الله تعالى عنه أنه سئل عن سلمان قال: علم العلم الأول والآخر، بحر لا ينزف، هو منّا أهل البيت.
(636)
وقال أبو هريرة: سلمان صاحب الكتابين، قال قتادة: يعني: الإنجيل والفرقان.
(637)
وقال كعب الأحبار: سلمان حشي علما وحكمة.
(635)
قال أبو عمر: كان خيرا فاضلا، حبرا عالما، زاهدا متقشفا.
وعن الحسن «1» : كان عطاء سلمان خمسة آلاف، وكان إذا خرج عطاؤه تصدق به، ويأكل من عمل يده، وكانت له عباءة يفترش بعضها ويلبس بعضها.
وعن معمر عن رجل من الصحابة قال: دخل قوم على سلمان رضي الله تعالى عنه وهو أمير على المدائن، وهو يعمل هذا الخوص، فقيل له: لم تعمل هذا وأنت أمير يجري عليك رزق؟ فقال: إني أحبّ أن آكل من عمل يدي. انتهى.
وقال الخطيب في «تاريخ بغداد» (1: 163) : ولم يزل سلمان بالمدينة حتى غزا المسلمون العراق فخرج معهم وحضر فتح المدائن ونزلها حتى مات بها. وقبره الآن معروف ظاهر بقرب إيوان كسرى، وعليه بناء، وهناك خادم مقيم يحفظ الموضع وعمارته والنظر في أمر مصالحه، وقد رأيت الموضع وزرته غير مرة. انتهى.
قال أبو عمر (638) : توفي سلمان رضي الله تعالى عنه آخر خلافة عثمان سنة خمس وثلاثين، وقيل بل توفي سنة ست وثلاثين في أولها، وقيل توفي في خلافة عمر، والأول أكثر، والله أعلم.
فوائد لغوية في ثلاث مسائل:
الأولى: جيّ اسم القرية التي كان منها سلمان رضي الله تعالى عنه، ذكرها
(1) حلية الأولياء 1: 197- 198 وصفة الصفوة 1: 217 وزهد بن حنبل: 150 وطبقات ابن سعد 4: 87 والتذكرة الحمدونية 1: 144 وربيع الأبرار 4: 377.
البكريّ في باب الجيم والياء أخت الواو من كتاب «معجم ما استعجم» (412) فقال:
جيّ- بفتح أوله وتشديد ثانيه- مدينة أصبهان؛ قال ذو الرمة «1» :
نظرت ورائي نظرة الشوق بعد ما
…
بدا الجوّ من جيّ لنا والدساكر
الثانية: قوله: وهو يعمل الخوص، الجوهري (3: 1038) : الخوص ورق النخيل، الواحدة خوصة، وقد أخوصت النخلة.
الثالثة: ابن طريف: عتق العبد عتقا وعتاقة وعتاقا، قال الفارابي: بفتح التاء في الماضي وكسرها في المستقبل.
(1) ديوان ذي الرمة: 1018 والجو: المنبسط من الأرض؛ والدساكر: البيوت.