الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فنزلنا تحت ظل الشجر، فلما زالت الشمس لبست لأمتي وركبت فرسي، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في فسطاطه، فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، قد حان الرواح، قال: أجل، ثم قال: يا بلال، فثار من تحت شجرة كأن ظله ظلّ طائر فقال: لبيك وسعديك وأنا فداؤك، فقال: اسرج لي الفرس، فأخرج سرجا دفتاه من ليف ليس فيهما أشر ولا بطر فركب وركبنا، وساق الحديث.
قال أبو داود (2: 649) أبو عبد الرّحمن الفهري ليس له إلا هذا الحديث، وهو حديث نبيل جاء به حماد بن سلمة. انتهى، ذكره في كتاب الأدب.
الفصل الثاني في ذكر من أي شيء كان سرج رسول الله صلى الله عليه وسلم شرف وكرّم
قد اختلف في نصّ هذا الحديث المروي عن أبي عبد الرّحمن الفهري، ففي كتاب ابن حيان أنه من لبد، وعن الطيالسي (196) والسجستاني (2: 649) أنه من ليف، ولم يجىء في أشعار العرب في سروجهم إلا أنّه من لبد، وقال امرؤ القيس:
[من الطويل]
كميت يزلّ اللّبد عن حال متنه
«1» ولسلامة بن جندل «2» : [من البسيط]
من كلّ حتّ إذا ما ابتلّ ملبده
…
صافي الأديم أسيل الخدّ يعبوب «3»
(1) من معلقته، وعجزه: كما زلت الصفواء بالمتنزل؛ ديوانه: 20.
(2)
ديوان سلامة: 98.
(3)
الحت: الجواد الذي لا يجارى؛ ويروى: ضافي السبيب؛ اليعبوب: الكثير الجري.
فوائد لغوية في ثلاث مسائل:
الأولى: قال يعقوب في شرح [ديوان] حاتم الطائي: أحناء السرج: عيدانه، الواحد: حنو. ومن «التحفة الفارسية» : السرج: مذكر وجمعه سروج، وهو مؤلف من دفّتين، والواحدة دفّة بفتح الدال، وهما اللتان تقعان على ظهر الفرس، ومن قربوسين والواحد قربوس بفتح الراء، قال الجوهري (2: 959) ولا يخفّف إلا في الشعر. والذئبة: فرجة ما بين دفتي السرج، والجديات بفتح الجيم والدال: واحدته جدية بسكون الدال: قطع. من الأكسية ونحوها تحشى وتشد تحت دفّتي السرج. انتهى. وقال الجوهري (9: 2266) ويجمع أيضا: على جدي «1» : كشرية وشري.
وفي «الأفعال» لابن طريف أسرجت الدابة: عملت لها سرجا، وأسرجتها أيضا: وضعت عليها السرج.
الثانية: في «الصحاح» للجوهري (2: 579، 592) الأشر: البطر، والبطر: شدة المرح، وقد أشر بالكسر يأشر أشرا فهو أشر، وبطر بالكسر، وأبطره المال.
الثالثة: في «الصحاح» (4: 1622) قولهم «أجل» إنما هو [جواب] مثل نعم، قال الأخفش: إلا أنه أحسن من نعم في التصديق، ونعم أحسن منه في الاستفهام، فإذا قال: أنت سوف تذهب، قلت: أجل، وكان أحسن من نعم، وإذا قال:
أتذهب؟ قلت: نعم وكان أحسن من أجل.
(1) في الصحاح: والجمع جدى وجديات.