الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثامن في اتخاذ الإبل
وفيه فصلان
الفصل الأول في ذكر إبله صلى الله عليه وسلم
«1»
ذكر ابن جماعة في «مختصر السير» له: أنه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من النعم الناقة التي هاجر عليها من مكة إلى مدينة، وتسمى بالعضباء، ولم يكن يحمله إذا نزل عليه الوحي غيرها، كما قال الحافظ محبّ الدين الطبري رحمه الله تعالى، اشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه بأربعمائة درهم، وهي القصواء والجدعاء، ولم يكن بها عضب ولا جدع، وإنما سميت بذلك، وقيل كان بأذنها شيء فسميت به، وكانت شهباء، وقيل هنّ ثلاث، وهي التي سبقت فشقّ على المسلمين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن حقا على الله ألا يرتفع شيء من هذه الدنيا إلا وضعه، وقيل المسبوق غيرها.
وعن قدامة بن عبد الله قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يرمي على ناقة صهباء، والصهباء الشقراء. ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة في حجة الوداع على جمل أحمر، وكان له صلى الله عليه وسلم جمل يقال له «الثعلب» بعث عليه صلى الله عليه وسلم خراش بن أمية إلى قريش بمكة يوم
(1) قارن بما ورد في أنساب الأشراف 1: 511- 513 وأخلاق النبي لابن حيان: 153- 154 وعيون الأثر 2: 322.
الحديبية ليبلغهم ما جاء له، فعقروا الجمل وأرادوا قتل خراش فمنعه الأحابيش، وغنم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر جملا مهريا لأبي جهل لعنه الله في أنفه برة من فضة أهداه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ليغيظ بذلك المشركين، وكانت له عشرون لقحة بالغابة، والغابة على بريد من المدينة طريق الشام، يراح إليه صلى الله عليه وسلم كل ليلة بقربتين من ألبانها، وكانت له لقحة تدعى بردة أهداها له الضحاك بن سفيان كانت تحلب كما تحلب لقحتان غزيرتان، وكانت له خمس عشرة لقحة غزارا كان يرعاها يسار مولى النبي صلى الله عليه وسلم بذي الجدر ناحية قباء قريبا من عير على ستة أميال من المدينة، واستاقها العرنيون وقتلوا يسارا وقطعوا يديه وغرزوا الشوك في لسانه وعينيه حتى مات، وباقي قصتهم مشهور في الصحاح. وكانت له صلى الله عليه وسلم بذي الجدر أيضا سبع لقائح، وكانت له لقحة أيضا تسمى الجعدة، ومعنى الجعد: السرعة، وكانت له لقحة اسمها مروة، وكانت له مهرية أرسل بها سعد بن عبادة من نعم بني عقيل.
فوائد لغوية في ثماني مسائل:
المسألة الأولى: في «المشارق» (1: 17) النعم بفتح النون والعين: الإبل خاصة، وإذا قيل: الأنعام دخلت معها في ذلك البقر والغنم، وقيل هما لفظان بمعنى واحد على الجميع.
الثانية: في «المحكم» (1: 256) العضباء: ناقة للنبي صلى الله عليه وسلم اسم لها، وليس من العضب الذي هو الشقّ في الأذن. وفي «المقصور والممدود» لابن القوطية، العضباء اسم لناقة النبي صلى الله عليه وسلم، وناقة عضباء وجدعاء وقصواء مقطوعة الأذن، والذكر أعضب وأجدع ومقصو.
وفي «المشارق» (2: 95- 96) قال الحربي في الحديث كانت للنبي صلى الله عليه وسلم ناقة تسمى العضباء لا تسبق، وكذا رواه مالك في أكثر حديثه. ومن رواية مصعب عن مالك كانت القصواء وذكر مثله. وفي الحديث خطب النبي صلى الله عليه وسلم على ناقته الجدعاء، ومثله في حديث الهجرة. وفي حديث آخر على
ناقة خرماء وفي آخر مخضرمة، قال الحربي: والعضب والجدع والخرم والقصو والخضرمة كله في الأذن، فقيل في الحديث الأول إنه اسمها، فإن كانت عضباء الأذن فقد جعل اسمها. قال القاضي رحمه الله تعالى: إذا كانت الأحاديث جاءت بذلك باختلاف هذه الصفات فيها لا سيما في وقوفه عليها في موطن واحد في حجة الوداع وفي حديث المسابقة، فدل أنها ناقة واحدة، كما قيل، اسمها العضباء وكانت معضوبة الأذن ومقصوته ومجدوعته، فوصفت مرة بعضباء، ومرة بقصواء، ومرة بجدعاء، ولا تبقى حجة لمن زعم أنها نوق للنبي صلى الله عليه وسلم، لكل واحدة منها اسم أو صفة بخلاف غيرها، على ما ذهب إليه بعضهم، إذ لم يكن صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع إلا على واحدة. وقال الداودي:
إنما سميت بذلك لسبقها أي أن عندها أقصى السبق وغاية الجري. قلت: يعني تسميتها بالقصواء.
الثالثة: الجوهري (2: 821) مهرة بن حيدان أبو قبيلة تنسب إليها الإبل المهرية والجمع المهاريّ وإن شئت خففت الياء فقلت: المهاري، قال رؤبة [من الرجز]«1»
لما تمطّت غول كلّ ميله
…
بنا حراجيج المهارى النّفّه
«2» وحكى فيه أبو حيان في «الارتشاف» فعالي بكسر اللام، وفعالى بفتحها، والفاء مفتوحة في اللغتين مهارى وبالفتح ضبطها أبو علي الغساني في كتابه بخطه.
الرابعة: في «المحكم» البرة: الحلقة من صفر أو غيره تجعل في لحم أنف البعير والجمع براة وبرى وبرين. وبروت الناقة وأبريتها جعلت في أنفها برة.
الخامسة: في «الغريبين» ناقة لقحة ولقحة وقد لقحت لقاحا ولقحا وهي التي نتجت حديثا. والجمع لقح ولقاح، وناقة لقوح إذا كانت غزيرة والجمع لقح.
(1) ديوان رؤبة: 167 واللسان (وله) .
(2)
رواية الصحاح: كل مهمه؛ والميله: الفلاة التي توله الناس وتحيرهم، والنفّه: المعيية.