الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1324)
شهد رضي الله تعالى عنه العقبة الثانية، ولم يشهد بدرا، وشهد أحدا والمشاهد كلّها حاشا تبوك فإنه تخلف عنها، وقد قيل إنه شهد بدرا، فالله تعالى أعلم. وهو أحد الثلاثة الأنصار الذين تخلّفوا عن غزوة تبوك، وهم: كعب بن مالك الشاعر هذا، وهلال بن أمية، ومرارة بن ربيعة، فتاب الله تعالى عليهم وعذرهم وغفر لهم ونزل القرآن المتلوّ، قال الله عز وجل: وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ (التوبة: 118) . وكان كعب بن مالك يوم أحد لبس لأمة النبيّ صلى الله عليه وسلم، وكانت صفراء، ولبس النبيّ صلى الله عليه وسلم لأمته فجرح كعب بن مالك أحد عشر جرحا.
وعن ابن سيرين قال: بلغني أن دوسا إنما أسلمت فرقا من قول كعب بن مالك «1» : [من الوافر]
قضينا من تهامة كلّ وتر
…
وخيبر ثم أجمعنا السّيوفا
نخبّرها ولو نطقت لقالت
…
قواطعهنّ دوسا أو ثقيفا
فقالت دوس: انطلقوا فخذوا لأنفسكم لا ينزل بكم ما نزل بثقيف.
وتوفي كعب بن مالك في خلافة معاوية سنة خمسين، وقيل سنة ثلاث وخمسين، وهو ابن سبع وسبعين سنة، يعد في المدنيين. انتهى.
الفصل الثالث في استعمال خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه حسان بن ثابت في مجاوبة من خاطبه بالشعر
من «الذيل» لابن فتحون «2» : صهبان بن شمر بن عمرو الحنفي سيّد أهل قرّان، كان ممن ثبت على إسلامه في الردة، وكان عينا للمسلمين فيهم، وغيظا
(1) ديوانه: 234.
(2)
قارن بالإصابة 3: 254.
لمسيلمة، ولا يجدون إليه سبيلا لشرفه وطاعة قومه له. ولما ظهر من أمر الردة ما ظهر كتب إلى أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: أما بعد فإنما أهل اليمامة خرجوا من ذمّة الله ورسوله، ومن يخرج منها يخذل، وإني لست فيهم بذي براءة فأعتذر ولا لي فيهم قوة فأنتصر، ولكني لا أزال أقوم فيهم مقاما يطول لي فيه اللسان، وتقصر عني فيه اليد، أفكّ به العاني وأردّ به المرتاب، والناس فينا ثلاثة أصناف: كافر مفتون، ومؤمن مقهور «1» ، وشاكّ مغتوم، ولم ينف البلاء عنهم إلا بلوغ الكتاب، ولكلّ أجل كتاب، وبعث معه شعرا:[من البسيط]
أغوى حنيفة شرّ الناس كلّهم
…
دخلا وأكذب من يحفى وينتعل
[إني بريء إلى الصديق معتذر
…
مما مسيلمة الكذاب ينتحل]
إني إليكم بريء من جريمته
…
تجري بذلك مني الكتب والرسل
إني وناسا قليلا من عشيرته
…
عمي العيون وفي أسماعنا ثقل
عمّا يزخرفه لسنا نوادعه
…
فيما يجيء به ما حنّت الإبل
لا أقلع الدهر جهدي عن مساءتهم
…
بالمخزيات وإن خفوا «2» وإن جهلوا
ففرح أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه بكتابه والمسلمون ورووا شعره، وراجعه يشكر له ذلك، ويعده بالنصر، وأمر حسّانا فراجعه بشعر يتوعّد فيه أهل الردة، ويشكر له ثباته أوله:[من الوافر]
أتانا ما يقول أخو سحيم
…
فعزّت بالذي قال العيون
وآخره:
فنعم المرء صهبان بن شمر
…
له في قومه حسب ودين»
فوائد لغوية في ثلاث مسائل:
الأولى: قوله: شاكّ مغتوم: في «الصحاح» (5: 1995) الغتمة: العجمة،
(1) الإصابة: مغبون.
(2)
م: غفوا.
(3)
ورد هذا البيت في الإصابة.
والأغتم الذي لا يفصح شيئا، والجمع غتم، ورجل غتميّ بالغين المعجمة والتاء المثناة.
الثانية: صهبان- بالصاد المهملة المضمومة- في «الاشتقاق» لابن سيّد:
صهبان جمع أصهب، والألف والنون زائدة، كما تقول: أحمر وحمران.
الثالثة: في «الديوان» (1: 182) شمر بكسر الشين وسكون الميم من أسماء الرجال. وفي «الاشتقاق» لابن سيد: هو من التشمير في الأمر والجدّ فيه، أو من تشمير الثوب.