الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث في الرجل يستخلفه الإمام على أهله إذا سافر
في «السير» (2: 516، 519) : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجعه من عمرته لستّ بقين من ذي القعدة من سنة ثمان، ثم أقام بالمدينة ما بين ذي الحجة إلى رجب، ثم أمر الناس بالتهيؤ لغزو الروم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلّما يخرج في غزوة إلا كنى عنها إلّا غزوة تبوك فإنه بيّنها للناس لبعد الشقّة وشدّة الزمان وكثرة العدوّ الذي يصمد له ليتأهب الناس لذلك أهبته. ولما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب عسكره على ثنية الوداع.
قال ابن هشام: واستعمل على المدينة محمد بن مسلمة الأنصاري.
وذكر عبد العزيز بن محمد الدراوردي أن النبيّ صلى الله عليه وسلم استعمل على المدينة مخرجه إلى تبوك سباع بن عرفطة.
قال ابن إسحاق (2: 519) : وضرب عبد الله بن أبيّ معه على حدة عسكره، أسفل منه نحو ذباب، وكان فيما يذكرون ليس بأقلّ العسكرين، فلما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلّف عنه عبد الله بن أبي فيمن تخلّف من المنافقين وأهل الريب، وخلّف رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّ بن أبي طالب على أهله، وأمره بالإقامة فيهم، فأرجف به المنافقون فقالوا: ما خلّفه إلا استثقالا له، وتخفّفا منه، فلما قال ذلك المنافقون أخذ علي بن أبي طالب سلاحه، ثم خرج حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نازل بالجرف «1» ، فقال يا نبيّ الله، زعم المنافقون
(1) الجرف: موضع على ثلاثة أميال من المدينة.
أنك استثقلتني وتخففت مني، فقال: كذبوا، ولكني خلفتك لما تركت ورائي، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك، أفلا ترضى يا عليّ أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيّ بعدي. فرجع علي بن أبي طالب إلى المدينة، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سفره. انتهى.
وروى النسائي رحمه الله تعالى عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، قال: لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك خلّف عليا في المدينة، فقالوا فيه: ملّه وكره صحبته، فتبع علي النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى لحقه بالطريق، قال: يا رسول الله خلفتني بالمدينة مع الذراري والنساء حتى قالوا: ملّه وكره صحبته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إنما خلفتك على أهلي، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبيّ بعدي. انتهى.
تنبيه:
قد تقدم ذكر علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه في باب القاضي «1» فأغنى عن الإعادة هنا.
فوائد لغوية في ثلاث مسائل:
الأولى: الفارابي (3: 26) الشقة: السفر البعيد، وفيها لغتان ضمّ الشين وكسرها.
الثانية: الفارابي صمد يصمد- بفتح الميم في الماضي وضمها في المستقبل- صمدا: قصد.
الثالثة: قال البكري (609) : «ذباب» بضم الذّال المعجمة على لفظ الواحد من الذّبّان: جبل بجّبانة المدينة أسفل من ثنيّة المدينة.
(1) انظر ما تقدم ص: 273- 279.