الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الرابع عشر في ناحت الاقداح
ذكر ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السير» (1: 646- 647) عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنه قال: كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت، فأسلم العباس وأسلمت أمّ الفضل وأسلمت أنا، وكان العباس يهاب قومه ويكره خلافهم، فكان يكتم إسلامه، وكان ذا مال كثير متفرق في قومه، وكان أبو لهب قد تخلّف عن بدر، فبعث مكانه العاصي بن هشام بن المغيرة، وكذلك [كانوا] صنعوا لم يتخلف رجل إلا بعث مكانه، فلما جاء الخبر عن مصاب أصحاب بدر من قريش كبته الله وأخزاه، ووجدنا في أنفسنا قوة وعزا. قال: وكنت رجلا ضعيفا، وكنت أعمل الأقداح أنحتها في حجرة زمزم، فو الله إني لجالس فيها أنحت أقداحي وعندي أم الفضل جالسة، وقد سرّنا ما جاءنا من الخبر، إذ أقبل أبو لهب يجرّ رجليه حتى جلس على طنب الحجرة فكان ظهره إلى ظهري، فبينما هو جالس إذ قال الناس: هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب قد قدم، قال فقال أبو لهب: هلم إليّ فعندك لعمري الخبر، قال: فجلس إليه والناس قيام عليه، فقال: يا ابن أخي: أخبرني كيف كان أمر الناس؟ قال: والله ما هو إلّا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا كيف شاءوا، ويأسروننا كيف شاءوا «1» ، وأيم الله مع ذلك ما لمت الناس، لقينا رجال بيض «2» على خيل بلق بين السماء والأرض، والله ما تليق شيئا ولا يقوم لها شيء. قال
(1) ويأسروننا كيف شاءوا: سقط من ر ط.
(2)
الاستيعاب: رجالا بيضا.
أبو رافع: فرفعت طنب الحجرة بيدي ثم قلت: تلك والله الملائكة، قال: فرفع أبو لهب يده فضرب بها وجهي ضربة شديدة، قال: وثاورته فاحتملني فضرب بي الأرض، ثم برك عليّ يضربني وكنت رجلا ضعيفا، قال: فقامت أمّ الفضل إلى عمود من عمد الحجرة فضربته به ضربة فلغت «1» في رأسه شجّة منكرة، وقالت:
استضعفته أن غاب عنه سيده، فقام مولّيا ذليلا، فو الله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة فقتله «2» .
تنبيه:
قد تقدم ذكر أبي رافع في باب الثقل من هذا الكتاب.
فوائد لغوية في خمس مسائل:
الأولى: في «الصحاح» (1: 262) كبت الله العدوّ: أي صرفه وأذلّه. انتهى.
وفي «الديوان» (2: 147) كبته يكبته- بفتح الباء في الماضي وكسرها في المستقبل.
الثانية: الجوهري (1: 394) : القدح: بالتحريك واحد الأقداح التي للشرب. وفي «الديوان» : (1: 179) القدح بفتح القاف والدال معا، وفيه (2: 148) أيضا: نحت الخشبة أي براها- بفتح الحاء- ينحتها بكسرها، وقال ابن طريف: نحت الخشبة نحتا: سواها.
الثالثة: ابن طريف: ما ألاق شيئا أي ما أبقاه، وما ألاق السيف شيئا إلا قطعه كذلك.
الرابعة: ابن طريف: فلغ رأسه بالحجر فلغا: شقّه.
الخامسة: في «الديوان» (1: 237) العدسة: داء من الأدواء- بفتح العين والدال- وفي «الصحاح» (2: 944) العدسة: بثرة تخرج بالإنسان وربما قتلت.
(1) الاستيعاب: فلعت؛ ط: فلقت؛ ر: بلغت.
(2)
الاستيعاب: فقتلته.