الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأجابه عليها حسان فأحسن، وأجاب خطيبهم ثابت بن قيس يومئذ فقرعهم، وخبرهم مشهور بذلك عند أهل السير موجود في كتبهم وفي كتب جماعة من أصحاب الأخبار، وقد اختصرنا ذلك في باب حسان بن ثابت. انتهى.
قلت: وقد أثبت ذلك في باب الشاعر عند ذكر حسان.
قال أبو عمر رحمه الله تعالى (561) : وقيل إن اسم الزبرقان بن بدر:
الحصين بن بدر، وإنما سمّي الزبرقان لحسنه، شبه بالقمر، لأن القمر يقال له الزبرقان. قال الأصمعي: الزبرقان: القمر، والزبرقان: الرجل الخفيف اللحية.
وقد قيل إن اسم الزبرقان بن بدر: القمر بن بدر. والأكثر على ما قدّمت لك، وقيل سمي الزبرقان لأنه لبس عمامة مزبرقة بالزعفران.
وفي «الصحاح» (4: 1488) : زبرقت الثوب أي صفرته، وزبرقان بن بدر الفزاري من رؤساء بني سعد. قال أبو يوسف: سمي الزبرقان لصفرة عمامته، وكان اسمه حصينا، قال المخبّل السعدي «1» :[من الطويل]
وأشهد من عوف حلولا كثيرة
…
يحجّون سبّ الزبرقان المزعفرا
انتهى.
7- قيس بن عاصم
رضي الله تعالى عنه: قال أبو عمر ابن عبد البر رحمة الله تعالى عليه في «الاستيعاب» (1294) : قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر بن عبيد بن الحارث، والحارث هو مقاعس، بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم المنقري التميمي، يكنى أبا علي، وقيل أبا طلحة، وقيل أبا قبيصة، والمشهور أبو علي. قدم في وفد تميم على رسول الله صلّى الله عليه
(1) إذا حمل بيت المخبل على المدح، كان ما يقوله أبو يوسف صحيحا، وكان معنى «السب» : العمامة؛ غير أن المخبل كان يهجو الزبرقان ويقذع، لأنه خطب أخت الزبرقان «خليدة» فرده، فإذا كان هذا البيت قيل في فترة الهجاء، فينبغي أن يصرف لذلك، ويكون معنى السبّ: الاست، وهذا ما يوحي به قولهم في بعض من يقرف بالابنة «مصفّر استه» .
وسلم فأسلم، وذلك في سنة تسع، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
هذا سيد أهل الوبر. وكان عاقلا حليما مشهورا بالحلم.
وقيل للأحنف بن قيس: ممن تعلمت الحلم؟ قال: من قيس بن عاصم المنقري، رأيته يوما قاعدا بفناء داره محتبيا بحمائل سيفه، حتى أوتي برجل مكتوف وآخر مقتول فقيل له: هذا ابن أخيك قتل ابنك، قال: فوالله ما حلّ حبوته ولا قطع كلامه، فلما أتمه التفت إلى ابن أخيه فقال: يا ابن أخي بئس ما فعلت، أثمت بربك، وقطعت رحمك، وقتلت ابن عمك، ورميت نفسك بسهمك، ثم قال لابن له آخر: قم يا بنيّ فوار أخاك، وحلّ كتاف ابن عمك، وسق إلى أمك مائة ناقة دية ابنها فإنها غريبة.
وكان قيس بن عاصم قد حرّم الخمر على نفسه في الجاهلية، وكان سبب ذلك أنه غمز عكنة ابنته وهو سكران، وسبّ أباها، ورأى القمر فتكلّم بشيء، وأعطى الخمار كثيرا من ماله، فلما أفاق أخبر بذلك، فحرّمها على نفسه، وقال فيها أشعارا منها «1» :[من الوافر]
رأيت الخمر صالحة وفيها
…
خصال تفسد الرجل الحليما
فلا والله أشربها صحيحا
…
ولا أشفي بها أبدا سقيما
ولا أعطي بها ثمنا حياتي
…
ولا أدعو لها أبدا نديما
فإن الخمر تفضح شاربيها
…
وتجشمهم بها أمرا عظيما
قال الحسن: لما حضرت قيس بن عاصم الوفاة دعا بنيه فقال: يا بني احفظوا عني فلا أحد أنصح لكم مني: إذا متّ فسوّدوا كباركم، ولا تسوّدوا صغاركم، فيسفّه الناس كباركم وتهونوا عليهم، وعليكم بإصلاح المال فإنه منبهة للكريم، ويستغنى به عن اللئيم، وإياكم ومسألة الناس فإنها أخر كسب المرء.
وقال حكيم ولده: إنه أوصى عند موته فقال: إذا متّ فلا تنوحوا عليّ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينح عليه.
(1) شعر قيس في تحريم الخمر على نفسه ورد في الأغاني 14: 79 وأسد الغابة 4: 220.
وقال عبدة بن الطّبيب «1» : [من الطويل]
عليك سلام الله قيس بن عاصم
…
ورحمته ما شاء أن يترحّما
تحية من أوليته منك نعمة
…
إذا زار عن شحط بلادك سلّما
فما كان قيس هلكه هلك واحد
…
ولكنه بنيان قوم تهدّما
فوائد لغوية في ست مسائل:
الأولى: قال الخشني في «غريب السيرة» (2: 432) في أبيات الزبرقان:
البيع: مواضع الصلوات والعبادات، واحدتها بيعة، والقزع: جمع قزعة، وهو سحاب رقيق يكون في الخريف.
الثانية: قال الجوهري (3: 1142) : عبطت الناقة واعتبطتها: إذا نحرتها وليست بها علة فهي عبيطة، ولحمها عبيط.
الثالثة: في «المشرع» : في الحديث: الفخر والخيلاء في أهل الوبر: يريد أصحاب الإبل. وفي «الصحاح» : الوبر- بالتحريك- للبعير، الواحدة وبرة، وقد وبر بالكسر فهو وبر، وأوبر إذا كان كثير الوبر.
الرابعة: في «المشارق» (1: 176- 177) الاحتباء: أن ينصب الرجل ساقيه ويدير عليهما ثوبه، أو يعقد يديه على ركبتيه معتمدا على ذلك، والاسم الحبوة والحبية والحبوة: بضم الحاء وكسرها.
الخامسة: في «الصحاح» (2: 886) : غمزت الشيء بيدي: قال ابن القوطية:
عصرته. وفي «الديوان» (1: 214) غمز غمزا- بفتح الميم في الماضي وكسرها في المستقبل-.
السادسة: في «المشارق» (1: 21) : وفي الحديث: المسألة أخر كسب الرجل، مقصور، أي: أرذله وأدناه، وإن كان الخطابي قد رواه بالمد وحمله على ظاهره وأن معناه إن ما كنتم تقدرون على معيشة من غيرها فلا تسألوا.
(1) الأغاني 14: 78 والحماسة (شرح التبريزي) 2: 145 والحماسة البصرية 1: 207.