الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلى الله عليه وسلم إنما صلّى مؤتمّا بأبي بكر، فمن الناس من صحّح ما دلّ منها على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان الإمام، [ورأى ذلك شرعا لأمته ثم لم ينسخه عنهم ولا اختص به دونهم] فأجاز إمامة المريض جالسا بالأصحّاء قياما، وهي رواية الوليد بن مسلم عن مالك، ومنهم من صحّحها، ولم يجز لأحد بعده إذا كان مريضا أن يؤمّ الأصحّاء قياما، وهو المشهور من قول مالك وأصحابه، ومنهم من ذهب إلى أن ذلك كان منه- صلى الله عليه وسلم في صلاتين: فكان في الصلاة الأولى هو الإمام، وأتمّ في الثانية بأبي بكر، فكان فعله في الصلاة الثانية ناسخا لفعله في الصلاة الأولى، والتأويلان قائمان لمالك من رواية ابن القاسم عنه، وعلى هذا التأويل تتخلّص الآثار من التعارض، وهو أولى بالصواب، وبالله التوفيق.
الفصل الرابع في ذكر أول من اتخذ المنبر
روى البخاري (3: 80) عن جابر بن عبد الله أن امرأة من الأنصار قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ألا أجعل لك شيئا تقعد عليه فإن لي غلاما نجارا؟ قال: إن شئت، قالت «1» : فعملت له المنبر، فلما كان يوم الجمعة قعد النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر الذي صنع، فصاحت النخلة التي كان يخطب عندها حتى كادت أن تنشقّ فنزل النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى أخذها فضمّها إليه، فجعلت تئنّ أنين الصبيّ الذي يسكّت حتى استقرّت، قال: بكت على ما كانت تسمع من الذكر.
قال ابن بشكوال في كتاب «تفسير ما استعجم من غوامض الأسماء» «2» : اسم هذا الغلام النجار مينا. قال: ويقال إن الذي صنع المنبر للنبي صلّى الله عليه
(1) البخاري: قال.
(2)
ذكره بروكلمان (في التاريخ 1: 380 والتكملة 1: 580) باسم كتاب الغوامض والمبهمات من الأسماء؛ ويسمى أيضا غوامض الأسماء المبهمة الواقعة في متون الأحاديث المسندة.