الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السابع في صاحب السكة، ويقال أيضا صاحب دار الضرب
هذه عمالة لم تكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، واختلف الناس في أول من ضرب الدرهم: فحكى أبو محمد حسن بن أبي الحسن علي بن محمد بن عبد الملك المعروف بابن القطان رحمه الله تعالى في «مقالته التي أملاها في الأكيال والأوزان» سنة سبع وأربعين وستمائة في ذلك ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن أول من ضرب الدرهم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه. وحكى الماوردي (153) : أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لما رأى اختلاف الدراهم وأن منها البغلي، وهو ثمانية دوانق، ومنها الطبري، وهو أربعة دوانق، ومنها المغربي، وهو ثلاثة دوانق، ومنها اليمني وهو دانق، قال: أنظر الأغلب مما يتعامل الناس به من أعلاها وأدناها، فكان الدرهم البغلي والدرهم الطبري فجمع بينهما وكانا اثنتي عشرة فأخذ نصفهما، فكان ستة دوانق، قال ابن القطان: ففي هذا إشارة إلى أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ضرب الدرهم لكنه لم يغيّر نقشه.
والقول الثاني: أن أول من ضربه مصعب بن الزبير عن أمر أخيه عبد الله بن الزبير سنة سبعين على ضرب الأكاسرة وعليها «بركة» من جانب و «الله» من جانب.
وقال الماوردي (154) : حكى يحيى بن النعمان الغفاري عن أبيه: أن أول من ضرب الدرهم مصعب بن الزبير عن أمر أخيه عبد الله بن الزبير سنة سبعين على
ضرب الأكاسرة وعليها «بركة» من جانب و «الله» من جانب. ثم غيرها الحجاج بعد سنة وكتب عليها «باسم الله» . «الحجاج» .
والقول الثالث: أن أول من ضرب الدراهم المنقوشة عبد الملك بن مروان، وأن الدراهم كانت سكتين إحداهما عليها نقش فارس وهي البغلية وهي السود، والدرهم منها من ثمانية دوانق، الثانية عليها نقش الروم، وهي العتق وهي أيضا الطبرية، والدرهم منها أربعة دوانق. فاجتمع علماء ذلك العصر على أن جمعوا بين درهم بغلي من ثمانية دوانق ودرهم طبريّ من أربعة دوانق فكانا اثني عشر دانقا.
فقسموها بنصفين وضربوا الدرهم من ستة دوانق.
قال أبو الزناد «1» : أمر عبد الملك الحجاج أن يضرب الدراهم بالعراق فضربها سنة أربع وسبعين؛ وقال المدائني: ضربها الحجاج في آخر سنة خمس وسبعين، ثم أمر بضربها في النواحي سنة ست وسبعين؛ وقيل إن الحجاج كتب عليها:«الله أحد» «الله الصمد» .
فائدتان لغويتان:
الأولى: في «الغريبين» : في الحديث نهى عن كسر سكة المسلمين إلا من بأس. أراد بالسكة الدينار والدرهم المضروبين، سمّى كلّ واحد منهما سكّة لأنه طبع بالحديدة المعلّمة، ويقال لها السّكّ، وكل مسمار عند العرب سكّ. وفي «الديوان» (3: 9، 38) في باب فعل بفتح الفاء وسكون العين: السّكّ: المسمار وقال: السّكة بكسر السين سكة الدراهم.
والثانية: يقال: هذا درهم ضرب الأمير أي مضروب الأمير، قال الجوهري (1: 168) : وصف بالمصدر كقولهم: ماء غور وسكب.
(1) عن الأحكام السلطانية: 154.