الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث في الرجل يبعثه الإمام بالمال لينفذ فيما يأمره به من وجوه مصارف المال في غير الحضرة
في «السيرة» (2/ 428- 430) لابن إسحاق عن أبي جعفر قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد حين افتتح مكة داعيا ولم يبعثه مقاتلا، ومعه قبائل من العرب: سليم بن منصور ومدلج بن مرة، فوطئوا بني جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة، فلما رآه القوم أخذوا السلاح، فقال خالد: ضعوا السلاح فإن الناس قد أسلموا. قال: فلما وضعوا أمر بهم خالد فكتفوا ثم عرضهم على السيف فقتل من قتل منهم، فلما انتهى الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه إلى السماء ثم قال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد. ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فقال: يا علي اخرج إلى هؤلاء القوم فانظر في أمرهم واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك، فخرج عليّ رضي الله تعالى عنه حتى جاءهم ومعه مال قد بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فودى لهم الدماء «1» ، وما أصيب لهم من الأموال، حتى أنه ليدي لهم ميلغة الكلب، حتى إذا لم يبق شيء من دم ولا مال إلا وداه بقيت معه بقية من المال فقال لهم علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه حين فرغ منهم: هل بقي لكم دم أو مال لم يؤدّ لكم؟ قالوا: لا، قال: فإني أعطيكم هذه البقية من هذا المال «2» احتياطا لرسول الله
(1) ر: بالدماء.
(2)
ر: من المال.
صلى الله عليه وسلم مما لا نعلم ولا تعلمون، ففعل، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فقال: أحسنت وأصبت. انتهى.
وروى أبو داود (2: 564) رحمه الله تعالى بسنده عن عبد الله بن عمرو بن الفغواء الخزاعي عن أبيه رضي الله تعالى عنه قال: دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أراد أن يبعثني بمال إلى أبي سفيان يقسمه في قريش بمكة بعد الفتح، فقال التمس صاحبا فجاءني عمرو بن أمية الضّمري فقال لي: بلغني أنك تريد الخروج وتلتمس صاحبا، قال فقلت: أجل، قال: فأنا لك صاحب، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: قد وجدت صاحبا، قال: فقال: من؟ قلت عمرو بن أمية الضّمري، قال: إذا هبطت بلاد قومه فاحذره، فإنه قد قال القائل:«أخوك البكريّ ولا تأمنه» فخرجت، حتى إذا كنت بالأبواء قال: إني أريد حاجة إلى قومي بودّان، فتلبّث لي، قلت: راشدا، فلما ولّى ذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشددت على بعيري حتى خرجت أوضعه، حتى إذا كنت بالأصافر، إذا هو يعارضني في رهط، قال: وأوضعت فسبقته، فلما رآني قد فتّه انصرفوا، وجاءني فقال: كانت لي إلى قومي حاجة، قال، قلت: أجل، ومضينا حتى قدمنا مكة فدفعت المال إلى أبي سفيان. انتهى.
تنبيه:
ذكر أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (1197) : عمرو بن الفغواء فقال:
عمرو بن الفغواء بن عبيد بن عمرو بن مازن الخزاعي أخو علقمة بن الفغواء، وذكر حديث حمله المال إلى أبي سفيان بنحو مما ذكره أبو داود إلى قوله: أخوك البكري ولا تأمنه، ولم يذكر تكملة الحديث. انتهى.
فوائد لغوية في خمس مسائل:
الأولى: في «الصحاح» (6: 2521) الدية واحدة الديات والهاء عوض من الواو
تقول: وديت القتل أديه دية «1» : إذا أعطيت ديته، واتّديت أي أخذت ديته، وإذا أمرت قلت: د فلانا، وللاثنين: ديا، وللجماعة دوا فلانا.
الثانية: في «الأفعال» لابن طريف: ولغ الكلب والسّبع ولغا. وفي «الصحاح» (4: 1329) : يلغ ولوغا أي شرب بأطراف لسانه، ويولغ إذا أولغه صاحبه، والميلغ: الإناء الذي يلغ فيه في الدم.
الثالثة: في «الصحاح» (3: 1121) حاطه يحوطه حوطا وحيطة وحياطة أي كلأه، ومع فلان حيطة لك ولا تقل عليك، أي تحنن وتعطف، واحتاط الرجل لنفسه أي أخذ بالثقة.
الرابعة: الأبواء والأصافر: موضعان في طريق المارّ من المدينة إلى مكة، وودان موضع قريب من العقيق ذكرها البكري (102، 162، 1374) .
الخامسة: في «الصحاح» (3: 1300) وضع البعير وغيره أي أسرع في سيره، وأوضعه راكبه.
(1) دية: سقطت من ر.