الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس في بائع الرماح
في «الاستيعاب» (1512) نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي «1» ، يكنى أبا الحارث، كان أسنّ من سائر «2» من أسلم من بني هاشم، أسر يوم بدر وفداه العباس رضي الله تعالى عنهما، وهاجر أيام الخندق، وقيل فدى نفسه برماحه، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين العباس بن عبد المطلب وكانا رضي الله تعالى عنهما شريكين في الجاهلية، متفاوضين في المال متحابين. وروى ولده عبد الله بن نوفل بن الحارث قال: لما أسر نوفل بن الحارث يوم بدر قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: افد نفسك، قال: مالي شيء أفتدي به، قال: افد نفسك برماحك التي بجدة، قال: والله ما علم أحد أن لي رماحا بجدة غيري بعد الله، أشهد أنك رسول الله، ففدى نفسه بها وكانت ألف رمح.
قال أبو عمر: وشهد نوفل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة، وشهد حنينا والطائف، وكان ممن ثبت يوم حنين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين بثلاثة آلاف رمح، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: كأني أنظر إلى رماحك يا أبا الحارث تقصف أصلاب المشركين.
قال أبو عمر (1513) : توفي رحمه الله تعالى ورضي عنه بالمدينة سنة خمس
(1) القرشي الهاشمي: سقط من م.
(2)
الاستيعاب: أسن من إخوته ومن سائر.
عشرة في خلافة عمر رضي الله تعالى عنهما، وصلّى عليه عمر، بعد أن مشى معه إلى البقيع، ووقف على قبره حتى دفن. انتهى.
تنبيه:
قول النبي صلى الله عليه وسلم لنوفل بن الحارث: كأني أنظر إلى رماحك يا أبا الحارث تقصف أصلاب المشركين من معجزاته بإخباره بالغيب صلى الله عليه وسلم، فقد نصره الله تعالى يوم حنين وقتل المشركين، حتى قتل منهم أبو طلحة الأنصاري رضي الله تعالى عنه عشرين رجلا وحده وأخذ أسلابهم.
وروى أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في «الاستيعاب» عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين: من قتل كافرا فله سلبه.
فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا وأخذ أسلابهم.
فوائد لغوية في أربع مسائل:
الأولى: في «المحكم» (3: 255) الرمح من السلاح معروف، وجمعه أرماح، والكثير رماح، ورجل رمّاح: صانع الرماح ومتخذها، وحرفته الرماحة.
الثانية: في «المحكم» شركة المفاوضة: الشركة العامة في كل شيء، يقال:
متاعهم فوضى بينهم إذا كانوا فيه شركاء، ويقال: فوضى فضا، قال:
[من الطويل]
طعامهم فوضى فضا في رحالهم
…
ولا يحسنون الشرّ إلّا تناديا «1»
وفي «المشارق» (2: 248) الشّركة- بفتح الشين وكسر الراء- والشرك:
مكسور الشين في البيع وغيره معلوم. انتهى.
الثالثة: جدّة- بضم الجيم- ساحل مكة قاله البكري (371) وفي «رحلة ابن جبير» (79- 80) أن بينها وبين مكة يومين.
(1) هو للمعذل البكري كما في اللسان (فضا) ؛ وفي ط ر: ولا يحسنون السدّ (ولعله: السوء) .
الرابعة: قال ابن طريف: قصفت الشيء- بفتح الصاد- كسرته. انتهى.
قلت: ويستعمل في الأصلاب كثيرا كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم هنا.
ومن مليح ما جاء في ذلك ما أنشده الحصري في «زهر الآداب» (665) قال: مات رجل من العرب يعول اثني عشر ألفا، فلما حمل على سريره صرّ، فقال بعض من حضره:[من الطويل]
وليس صرير النعش ما تسمعونه
…
ولكنه أصلاب قوم تقصّف
وليس فتيق المسك نشر حنوطه
…
ولكنه ذاك الثناء المخلّف