الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنه إنه أول من جمع مصحف القرآن، وقد كان أبو بكر رضي الله تعالى عنه جمعه في صحف، وبقيت تلك الصحف عند حفصة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها إلى زمن عثمان رضي الله تعالى عنه، ذكر ذلك أبو محمد ابن عطية وغيره. وكان جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم قد جمعوه أيضا قبل ذلك، ومن أشهرهم:
عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه.
قال أبو عمر ابن عبد البر (992) : إن رجلا جاء إلى عمر وهو بعرفات فقال:
جئتك من الكوفة، وتركت بها رجلا يملي المصاحف عن ظهر قلب، فغضب لذلك عمر غضبا شديدا، وقال: ويحك من هو؟ قال: عبد الله بن مسعود، فذهب عنه ذلك الغضب وسكن وعاد إلى حاله وقال: والله ما أعلم من الناس أحدا هو أحقّ بذلك منه. انتهى.
وقالوا: إن عثمان رضي الله تعالى عنه حين أكمل كتب المصحف أمر بانتزاع ما عند الصحابة من المصاحف، فانتزعت إلا مصحف عبد الله بن مسعود. فهذا يدل على أنه قد كانت مصاحف جمعت قبل مصحف عثمان، وإنما نسبوا ذلك إليه لأنه المصحف الذي بعثت نسخة إلى الأمصار، وأتمّ المسلمون به في جميع الأقطار.
فائدة لغوية:
في «المحكم» (4: 207) ظهر القلب: حفظه عن غير كتاب، وقد قرأه ظاهرا واستظهره.
الفصل السابع في معنى الديوان والزمام
أما «الديوان» فقال ابن السيد في «الاقتضاب» (1: 192) الديوان: اسم أعجمي أصله: دوّان بواو مشدّدة، فقلبت الواو الأولى منهما ياء لانكسار ما قبلها بدليل قولهم في جمعه: دواوين، وفي تصغيره: دويوين، فرجعت الواو حين ذهبت
الكسرة، قال: ومن العرب من يقول في جمعه: دياوين بالياء، وأنشد «1» :[من الوافر]
عداني أن أزورك أمّ عمرو
…
دياوين تشقّق «2» بالمداد
وقال ابن قتيبة «في صناعة الكتابة» له: وإنما جمعوه بالياء على لفظه، قال:
وداله بالكسر ولا تفتح.
قال ابن السيد (1: 192- 193) : وفي ديوان شذوذ عما عليه جمهور الأسماء في الاعتلال، قال: والأصل في تسميتهم الديوان ديوانا: أن كسرى أمر كتّابه أن يجتمعوا في دار واحدة ويعملوا حساب السواد في ثلاثة أيام، وأعجلهم فيه، فأخذوا في ذلك، واطّلع عليهم لينظر ماذا يصنعون، فنظر إليهم يحسبون بأسرع ما يمكن وينسخون كذلك، فعجب من كثرة حركتهم فقال: أي ديوانه: ومعناه: هؤلاء مجانين، وقيل: معناه: شياطين، فسمّي موضعهم ديوانا، واستعملته العرب، وجعلوا كلّ محصّل من كلام أو شعر ديوانا. وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: إذا قرأتم شيئا من القرآن ولم تعرفوا ما غريبه، فاطلبوه في شعر العرب فإنه ديوانها «3» . انتهى.
وأما الزمام فقال علي بن خيرة الميورقي في كتابه «ترتيب الأعمال» : إنما قيل له زمام لأنه مشتقّ من زمام الناقة، الذي هو مانعها من إرادة هواها، وقاصرها على المكان الذي عقلت فيه. قال: وكذلك الزمام سمّي زماما لحصر الأمور فيه، وزمّها وعقلها عن التلف، وخشية النسيان لها، واتقاء الغفلة فيها. قال: وقيل للزمام ديوان لأنه جعل كالكتاب الذي تدوّن فيه المعاني والعلوم وتبيّن، لتعلم ولتحفظ في كلّ وقت، فهو مدون لتقييد الأشياء والمعاني التي يخشى عليها النسيان.
قال ابن القوطية في أفعاله (2: 98) : زمّ البعير: أوثقه بالزمام، والشيء: شدّه.
(1) البيت في اللسان (دون) والمعرب: 154 وشفاء الغليل: 82 ورسائل المعري 1: 24.
(2)
اللسان: تنفق.
(3)
الاقتضاب: ديوانهم.