الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَأَنَّ الثُّريَّا عُلِّقَتْ في مَصَامِهَا (1)
أي: في موضع ثبُوتِها وامتسَاكِهَا، ومنه قوله:
فَدَعْ ذَا وَسَلِّ الهَمَّ عنكَ بِجَسْرةٍ
…
ذَمُولٍ إذَا صَامَ النَّهَارُ وهَجَّرا (2)
أي: وقفت الشمسُ عن الانتقالِ وثَبَتَتْ». (3)
فقد مزج ابن عطية بين شواهد الشعر وشواهد القرآن دون التزام ترتيب بعينه، وقد اختلفت صِيَغُ اللفظة المفسَّرة «الصِّيَام» في الشواهد عنها في الآية المفسَّرة، فقد وردت في الآية المفسرة بصيغة المصدر «الصِّيام» ، ووردت في الشواهد الشعرية بصيغة الصفةِ «خَيْلٌ صِيامٌ» ، وبصيغة اسم المكان «مَصَامِها» ، وبصيغة الفعل الماضي «صام» ، كما وردت في الآية القرآنية بصيغة المصدر «صومًا» ، غير أن اللفظة قد اتحدت في المعنى الأصلي وهو الإمساك في كل الشواهد. والظاهر من صنيع المفسرين عدم عنايتهم بأن تكون صيغة اللفظة المستشهد لها واللفظة في الشواهد من باب واحد، أو وزن واحد، وإنما العناية تنصب على الدلالة التي تحملها هذه اللفظة في الشاهد، فإن كانت تدل على المعنى المراد في الآية بأي صيغة فهي محل العناية من المفسرين وغيرهم من علماء اللغة.
2 - إيراد الشواهد الشعرية مع شواهد من الحديث:
هذه الصورة الثانية التي يورد فيها المفسرون الشواهد الشعرية مع غيرها دون ترتيب مطرد، وهي إيراد الشاواهد الشعرية مع شواهد الحديث النبوي، ومن أمثلة هذه الصورة في إيراد الشواهد قولُ ابن عطية عند
(1) صدر بيت من معلقته، وعجزه:
............................
…
بِأَمْرَاسِ كِتَّانٍ إِلى صُمِّ جَنْدَلِ
انظر: ديوانه 19.
(2)
انظر: ديوان امرئ القيس 63.
(3)
المحرر الوجيز 2/ 72.
تفسيره لقوله تعالى: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} [يونس: 71](1) وهو يذكر أوجه القراءات: «وقرأ السبعةُ وجُمهورُ الناسِ: الحسنُ وابن أبي إسحاق وعيسى {فَأَجْمِعُوا} ، مِن: أَجْمَعَ الرجل على الشيء، إذا عزم عليه، ومنه قول الشاعر:
هَلْ أَغْدُونْ يَومًا وأَمْري مُجْمَعُ (2)
ومنه قول الآخر: (3)
أَجْمَعوا أَمْرَهُمْ بِلَيْلٍ فَلَمَّا
…
أَصْبَحُوا أَصْبَحَتْ لَهُمْ ضَوْضَاءُ (4)
ومنه الحديث: «ما لم يُجْمِع مُكْثًا» (5).
ومنه قول أبي ذؤيب:
ذَكَرَ الوُرُودَ بِهَا فَأَجْمَعَ أَمْرَهُ
…
شَوقًا وأَقْبَلَ حَينهُ يَتَتَبَّعُ (6)». (7)
فأورد ابن عطية شواهد الشعر، وقدم بعضها على الحديث النبوي، وأخر بعضها، دون أن تظهر لي عِلةٌ لهذا الترتيب، والشاهد فيها جَميعًا ورود الإجماعِ بِمَعنى العَزْمِ على الفِعْل.
- وقال ابن عطية عند تفسير قوله تعالى: {يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} [المائدة: 52](8): «ودائِرَةٌ، معناه: نَازِلَةٌ من الزمان، وحَادثةٌ من الحوادث، تُحْوجُنَا إلى مَوالينا من اليهود، وتُسمَّى هذه الأمورُ دوائرَ على قديم الزمان من حيث الليل والنهار في دَوَرانٍ، فكأَنَّ الحادثَ يدورُ بدورانِهَا حتى يَنْزِلَ فيمنْ نَزَل
…
ومنه قولُ الشاعر: (9)
(1) يونس 71.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
هو الحارث بن حلّزة.
(4)
انظر: ديوانه 40، شرح المعلقات السبع الطوال 452.
(5)
رواه مالك في الموطأ، كتاب صلاة الجماعة، باب صلاة المسافر ما لم يجمع مكثًا 1/ 212 برقم (400)، وعبدالرزاق في المصنف 2/ 533 رقم (4340)، والبيهقي في السنن الكبر 3/ 152.
(6)
انظر: ديوانه 151.
(7)
المحرر الوجيز 9/ 67 - 68.
(8)
المائدة 52.
(9)
هو العجاج الراجز.