الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متى تأْتِهِ تعشو إلى ضَوءِ نارِهِ
…
تَجِدْ خَيْرَ نارٍ عندها خَيْرُ مُوقِدِ
وعجز بيت لعبد الله بن الحُرّ هو:
متى تأْتِنا تُلْمِمْ بِنا في دِيارِنا
…
تَجِدْ حَطَبًا جَزْلًا ونارًا تَأَجَّجا». (1)
والبيت صحيحًا هو:
متى تأْتِهِ تعشو إلى ضَوءِ نارِهِ
…
تَجِدْ حَطَبًا جَزْلًا ونارًا تَأَجَّجا
وقد وقع في هذا التلفيق الطبري من قبل. (2) في حين استشهد أبو عبيدة عند تفسير هذه الآية بقول الحطيئة، دون بيت عبد الله بن الحُرّ. (3)
فيظهر من طريقة المؤلفين في غريب القرآن في ذكر اسم الشاعر قبل إيراد الشعر رغبتهم في الاختصار، فعندما يكون الشاعر مشهورًا باسمه الأول، اكتفوا به، وإلا زادوا في البيان فذكروا اسم الشاعر واسم أبيه، وقد يزيدون نسبته للقبيلة. وربما اكتفوا بلقب الشاعر إن كان له لقب مشهور يعرف به.
2 - نسبة الشاهد إلى القبيلة:
ربما أَبْهَمَ المؤلف اسم الشاعر فلم يذكره، غير أن هذا الإبهام له صور متعددة بعضها شديد الإبهام، وبعضها دون ذلك، فيكتفي المؤلف بنسبة الشاهد إلى قبيلة الشاعر، أو إلى زمنه كالجاهلية، أو إلى جنسه كقولهم: قال رجل، أو قالت امرأة.
فمن صور الاكتفاء بنسبة الشاعر لقبيلته قول أبي عبيدة: «قال رجل من عبيد القيس» (4)، وقول ابن قتيبة:«قال الهذلي» . (5)
وربما ذكروا الشاعر بقولهم: قال الشاعر (6)، أو قال الراجز إن
(1) معاني القرآن للأخفش بتحقيق عبد الأمير الورد 1/ 59.
(2)
انظر: تفسير الطبري (هجر) 20/ 595.
(3)
انظر: مجاز القرآن 2/ 204.
(4)
مجاز القرآن 1/ 35.
(5)
غريب القرآن 271.
(6)
انظر: مجاز القرآن 1/ 35، 114.
كان الشاهد من بحر الرجز (1)، أو «قال بعضهم». (2) أو: قال، أو: وقوله. ونحو هذه العبارات المبهمة. (3)
ونسبة الشاعر إلى قبيلته يعين في معرفة لغة هذه القبيلة، وإن لم يكن دالًا على الشاعر، وكذلك تحديد زمن القائل كقول أبي عبيدة:«وقال رجل من بني عدي جاهلي» . (4) فإنه يطمئن القارئ أن الشعر قديم، وإن كان مجهول القائل، مما يجعل الاستشهاد به مقبولًا.
وفي نسبة لغة من اللغات لقبيلة من قبائل العرب، ينبغي الاستشهاد بشعرٍ لشاعر من هذه القبيلة ليصح الاستدلال. غير أنك ربما وجدت استدلالًا على نسبة لغة من اللغات أو معنى من المعاني لقبيلة من القبائل، وعدم نسبة الشاهد لشاعر من شعراء القبيلة، وإنما تركه مبهمًا. مثل قول ابن قتيبة: «{فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} [الأنفال: 57](5) أي: افعل بهم فعلًا من العقوبة والتنكيل يتفرق بهم من وراءهم من أعدائك. ويقالُ: شَرِّدْ بِهِم، سَمِّع بِهم بلغة قريش. قال الشاعر (6):
أُطوِّفُ في الأَباطِحِ كُلَّ يومٍ
…
مَخافةَ أَنْ يُشَرِّدَ بي حَكِيْمُ». (7)
وهي فيما يبدو لشاعرٍ قرشي لذكره الأباطح وهي في مكة، غير أنه لم يبين ذلك.
ومثل ذلك قول ابن قتيبة أيضًا: «{أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الرعد: 31](8) أي: أفلم يعلم. ويُقال: هي لغةٌ للنَّخَعِ. وقال الشاعر (9):
أَقولُ لَهُم بالشِّعْبِ إِذْ يأْسِرونَني
…
أَلَمْ تَيأَسوا أَنِّي ابنُ فارسِ زَهْدَمِ (10)
(1) انظر: مجاز القرآن 1/ 87، 119.
(2)
انظر: مجاز القرآن 1/ 1/137.
(3)
انظر: مجاز القرآن 1/ 172، 173، 250، 402، 404.
(4)
مجاز القرآن 1/ 267.
(5)
الأنفال 57.
(6)
لم أقف عليه، وحكيم رجل من بني سليم كانت قريش ولته الأخذ على يد السفهاء.
(7)
غريب القرآن 180.
(8)
الرعد 31.
(9)
هو سحيم بن وثيل اليربوعي.
(10)
انظر: مجاز القرآن 1/ 332، تفسير الطبري (هجر)، تأويل مشكل القرآن 148.