الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنها اللسان، من قولهم: لفلان شاهدٌ حسنٌ، أي: عبارة جميلة (1).
ومنها المَلَك، كما في قول الأعشى:
فلا تَحسَبَنِّي كافرًا لكَ نِعمَةً
…
عَلى شاهِدي يا شَاهِدَ اللهِ فاشْهَدِ (2)
فشاهده اللسان، وشاهد الله جل ثناؤه هو المَلَكُ (3).
ومنها الشاهد عند القاضي والحاكم، وهو الذي يبين ما يعلمه ويشهد به أمام القاضي (4)، ومن ذلك قوله تعالى:{شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ} [التوبة: 17](5)، وغير ذلك من المعاني (6).
والشواهد التي يُستشهد بِها في التفسير واللغة والنحو وغيرها متعددة منها القرآن الكريم، وكلام العرب نثرًا وشعرًا، ويدخل في النثر الحديث النبوي، والأمثال، والخطب وغيرها، ومن أجل ذلك قيد وصف الشاهد بالشعري ليخرجَ ما عداه من أنواع الشواهد الأخرى.
الشاهد الشعريُّ اصطلاحًا:
الشاهد عند أهل العربية - كما يقول التهانوي- هو «الجزئي الذي يُستشهدُ به في إثبات القاعدة، لكون ذلك الجزئي من التنْزيلِ، أو من كلام العرب الموثوق بعربيتهم» (7).
وعلى هذا التعريف للشاهد ملحوظتان:
إحداهما: أنه قيَّدَ وظيفةَ الشاهد بـ «إثبات القاعدة» . ووظيفة الشاهد عند علماء العربية تتجاوز إثبات القاعدة وتأكيدها، إلى الحكم بصحة
(1) انظر: تهذيب اللغة 6/ 76، لسان العرب 7/ 226 (شهد).
(2)
انظر: ديوانه 243.
(3)
انظر: مقاييس اللغة 3/ 221.
(4)
انظر: الصحاح 2/ 494، لسان العرب 7/ 222 (شهد).
(5)
التوبة 17.
(6)
انظر: الصحاح 2/ 494، لسان العرب 7/ 222 (شهد)، التعريفات 164، القاموس المحيط 372 (شهد)، خزانة الأدب 1/ 301.
(7)
كشاف اصطلاحات الفنون 1/ 1002 - 1003 (الشاهد).
اللفظة، والتركيب، وبيان ما قد يعتري القاعدة من الشذوذ وعدم الاطراد، إلا إذا كان التهانوي يعني أن الشواهد التي أوردها العلماء لما خالف القاعدة لا يقصد بها إثبات قاعدة جديدة، وإنما جيء بها لبيان ما ورد عند العرب مخالفًا لتلك القاعدة، وأنه من القلة بمكان فلا يلتفت إليه، ومثل هذا يؤدي في النهاية إلى تثبيت القاعدة الأولى وترسيخها.
الثانية: قد يُفْهَمُ من عبارة «الجزئي» أن المقصود هو موضع الشاهد فحسب، لا الجملة المشتملة على ذلك الشاهد، سواء أكانت شاهدًا شعريًا أم نثريًا، في حين أن المقصود بالشاهد هو جملة الشاهد كلها. وكثير ممن شرح الشواهد الشعرية يذكر البيت المستشهد به ثم يقول: الشاهد في البيت كذا (1). من ذلك قول الشَّنْتَمَريّ (2) بعد إيراده بيت الأعشى:
أَقُولُ لَمَّا جاءَنِي فَخْرُهُ
…
سُبحانَ مِنْ عَلْقَمةَ الفاخِرِ (3)
«الشاهد فيه نصب «سُبْحَانَ» على المصدر، ولزومها للنصب من أجل قلة التمكن
…
» (4).
وأحيانًا يطلق الشاهد على البيت كله دون تعيين لموضع الشاهد منه، كما في «شرح أبيات الجمل» لابن السِّيْدِ البَطَلْيَوْسي (5) حيث يقول في شرح بيت المرار الأسدي:
(1) كالسيرافي في «شرح أبيات سيبويه» ، والشنتمري في «تحصيل عين الذهب» ، ومن المتأخرين الدكتور ناصر حسين علي في «شرح أبيات معاني القرآن للفراء» ، ومحمد الشافعي في «شرح شواهد شذور الذهب» .
(2)
هو أبو الحجاج يوسف بن سليمان بن عيسى المعروف بالأَعْلَمِ الشنتمري، فالأعلم لأنه كان مشقوق الشفة العليا شقًا واسعًا، والشنتمري نسبة إلى شَنْتَمَرِيَّة الغرب، من كبار علماء اللغة والنحو بالأندلس، توفي سنة 476 هـ من مؤلفاته تحصيل عين الذهب وهو شرح لأبيات سيبويه. انظر: إنباه الرواة 4/ 65.
(3)
انظر: ديوانه 193، الكتاب 1/ 163.
(4)
تحصيل عين الذهب 208.
(5)
هو أبو محمد عبدالله بن السِّيْد - بكسر السين من أسماء الذئب - البَطَلْيَوْسي الأندلسي، لغوي نحوي، توفي سنة 521 هـ. من مؤلفاته الاقتضاب في شرح أدب الكتاب، وشرح أبيات الجمل، وغيرها. انظر: إنباه الرواة 2/ 141.