الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال: «وهذا مِمَّا كان يقوله نَحويو أهلِ الحجازِ، ولم نَجِدْ مثلَه في العربية» (1). فلا يصح نسبة هذا القول للكوفيين دون تفصيل، حيث رده الفراء، وهو من كبار أهل الكوفة في النحو، وكتابه عمدة في نقل آراء الكوفيين. ونظائر هذه الشواهد في كتب التفسير كثيرة (2).
3 - الشواهد الصرفية
.
تَعْرِضُ كثيرًا للمفسرين مسائل من الصرف أثناء تفسيرهم للمفردات القرآنية، يعالجونها بمناهج مختلفة، فمنهم من يتعرض لها باختصار، ومنهم من يطيل الوقوف عندها، والاحتجاج لما يذهب إليه من الرأي بشواهد الشعر الصرفية. وهذا النوع أقل من النوعين السابقين في كتب التفسير.
ومن أمثلة الشواهد الصرفية ما أورده المفسرون للاستشهاد على أن صيغة «فعيل» تأتي بمعنى: «مُفْعِل» من قول الشاعر عمرو بن معد يكرب:
أَمِنْ ريحانةَ (3) الدَّاعي السَميعُ؟
…
يُؤرقني وأَصحابي هُجُوعُ (4)
يريد: الداعي المُسْمِعُ (5). وذلك عند تفسيرهم لقوله تعالى: {وَلَهُمْ
(1) معاني القرآن للفراء 1/ 358.
(2)
للاستزادة: معاني القرآن للفراء 1/ 87، 105، 255، 123، 108، 107، 58، 55، تفسير الطبري (شاكر) 1/ 298، 329، 404، 569، 2/ 149، 8/ 210، 298، 9/ 30 - 31، 11/ 242، 12/ 94، 13/ 175، 478، 15/ 206، 497، 16/ 21، 198، 221، 294، 321، 17/ 36، 44، 60، 66، 152، 205، 18/ 19، والكشاف 1/ 2، 16، 21، 24، والمحرر الوجيز 1/ 130، 2/ 157، 54، 24، 3/ 9، والجامع لأحكام القرآن 6/ 123، 3/ 4، 6.
(3)
هي ريحانة بنت معديكرب أخت عمرو، وهي أم دريد بن الصمة القشيري. انظر: خزانة الأدب 8/ 181.
(4)
انظر: ديوانه 148، الأصمعيات 43.
(5)
انظر: تأويل مشكل القرآن 297، وغريب القرآن لابن قتيبة 17، الكشاف 1/ 181، المحرر الوجيز 1/ 339، الدر المصون 2/ 85.
عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [البقرة: 10](1) بمعنى مؤلم، وتفسير قوله تعالى:{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: 117](2) أي مبدعها. قال الطبري: «والأليم: هو الموجع، ومعناه: ولهم عذاب مؤلم. بصرفِ مُؤلِمٍ إلى أَلِيْمٍ، كما يقالُ: ضَرْبٌ وَجِيعٌ بمعنى مُوجِع، والله بديع السموات والأرض بمعنى مُبْدِع، ومنه
…
» ثم أورد الشاهد الشعري السابق (3). وهذا شاهد من شواهد الصرف (4)، وقد منع بعضهم وجه الاستشهاد به على هذا الوجه (5).
ومن الأمثلة كذلك استشهادهم عند تفسير قوله تعالى: {وَقُولُوا انْظُرْنَا} [البقرة: 104](6)، وتفسير قوله تعالى:{وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ} [النساء: 46]} (7) على أن «نظرتك» و «انتظرتك» بمعنى واحد بقول الحطيئة: (8)
وقد نَظَرْتُكُمُ إِعشاءَ صَادرةٍ
…
للخِمْسِ طال بها حَوْزِي وتَنْسَاسي (9)
والشاهد من شواهد الصرفيين على ذلك (10). ومن الأمثلة ما يورده المفسرون شاهدًا على أن: «أجاب» و «استجاب» بمعنى واحد، وهو قول كعب الغَنَويّ:
وداعٍ دعا يا مَنْ يُجيبُ إلى النَّدى
…
فلم يَسْتَجِبْهُ عند ذاك مجيبُ (11)
(1) البقرة 10.
(2)
البقرة 117.
(3)
تفسير الطبري (شاكر) 1/ 383.
(4)
انظر: خزانة الأدب 8/ 178، لسان العرب 6/ 365 (سمع)، أمالي ابن الشجري 1/ 97 - 98.
(5)
قال ابن منظور عن وجه الشاهد: «وهو شاذ» . لسان العرب 6/ 365، وبحث البغدادي ذلك بتفصيل في خزانة الأدب 8/ 178 وما بعدها.
(6)
البقرة 104.
(7)
النساء 46.
(8)
انظر: ديوانه 46.
(9)
تفسير الطبري (شاكر) 2/ 468، 8/ 437 - 438، وروايته عند ابن قتيبة:
وقدْ نَظَرْتُكُمُ إيناءَ عاشيةٍ
…
للخَمسِ طال بها حَوْزِي وتَنْسَاسي
انظر: تأويل مشكل القرآن 376.
(10)
انظر: تهذيب اللغة 14/ 371، لسان العرب 14/ 193.
(11)
انظر: الأصمعيات 96.