الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القرآن»، وأما في ديوان المتلمس فقد رواه أبو عبيدة له بالفتح. (1) وتعقب ابن عطية لرواية الطبري مبني على الخلاف في رواية الشاهد وهي قد تتعدد كما في كثير من روايات الشعر، وإن كان موضع الشاهد لم يتأثَّر بِهذا الاختلاف وهو لفظة:«صَعَّرَ» ، حيث ساق المفسرون الشاهد من أجلها.
ومن الأمثلة أيضًا قول ابن عطية عند قوله تعالى: {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7](2): «وحكى الطبريُّ أنَّ «لا» زائدة، وقال: هي هنا على نحو ما هي عليه في قول الراجز (3):
فَمَا أَلُومُ البِيضَ أَلَاّ تَسْخَرا (4)
أرادَ: أَنْ تسخَر. وفي قول الأحوص:
ويَلْحِيْنَنِي في اللَّهوِ أَنْ لا أُحِبَّه
…
ولِلَّهوِ داعٍ دَائبٌ غَيْرُ غَافِلِ (5)
وقال الطبري: يُريدُ ويَلْحَيْنَنِي في اللَّهوِ أَنْ أُحبَّه. قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: وبيتُ الأحوص إِنَّما معناه: إرادةَ أَنْ لا أُحبَّهُ، فـ «لا» فيه متمكنة» (6).
فقد اعترض على شرح الشاهد بما شرحه به الطبري، وذهب به مذهب
ثانيًا: الاختلاف في دلالة الشاهد
.
قد يكون معنى الشاهد متفقًا على صحة روايته عند المفسرين، غير أَنَّهم يَختلفونَ في معناه، ودلالته على الآية، فيكون الخلاف في معنى الشاهد، لا في تفسير الآية. ومن ذلك أن أبا عبيدة أنشد قول ابن مقبل:
(1) انظر: ديوان المتلمس الضبعي 24 - 25 وأبو عبيدة أحد رواة الديوان.
(2)
الفاتحة 7.
(3)
هو أبو النجم العجلي.
(4)
انظر: ديوانه 87.
(5)
انظر: شعر الأحوص الأنصاري 224.
(6)
المحرر الوجيز 1/ 87.
أَفسدَ النَّاسَ خُلوفٌ خَلفُوا
…
قَطعوا الإِلَّ وإِعرَاقَ الرَّحِمْ (1)
وفسَّرَ الإِلَّ فيه بأَنَّها القَرابة (2). واعترض ابن عطية على ذلك فقال: «أنشده أبو عبيدة على القرابة وظاهره أنه في العهود» . (3) فالخلاف هنا في دلالة اللفظة في الشاهد على المعنى، واعتراض ابن عطية مبني على فهمه للمفردةِ من خلال سياق البيت، وإن كان بيتُ ابنِ مقبل يَحتملُ الأمرين، وفهم أبي عبيدة غير بعيد، ومعرفته بالشعر أوسع، ولم أجد البيتَ في ديوان الشاعر لأتبيَّنَ ما قبلَهُ وما بعده.
ومثله قول ابن عطية أيضًا: «وقال الطبري: {يُضِلُّونَكُمْ} [آل عمران: 69] 4) معناه: يُهلكونَكم، واستشهدَ ببيت جرير (5):
كُنتَ القَذى في مَوجِ أَخضرَ مُزبدٍ
…
قَذَفَ الأَتيُّ بهِ فضلَّ ضلالا (6)
وقول النابغة:
فآبَ مُضلوهُ بِعَينٍ جَليَّةٍ
…
البيت (7)
وهذا تفسيرٌ غيرُ خاصٍ باللفظةِ، وإنَّما اطَّردَ له هذا الضلالُ في الآية، وفي البيتين اقترنَ به هلاكٌ، وأَمَّا أَن تُفسَّرَ لفظةُ الضلالِ بالهلاكِ فَغَيْرُ قَويمٍ» (8).
واعتراضُ ابنِ عطيَّةَ هنا على تفسير الطبري للضلال بمعنى الهلاك مطلقًا، ولم يعترض على تفسير الضلال في الآية والشاهدين بالهلاك لتوفر القرينة على ذلك. قال في اللسان: «قال أَبو عمرو: وأَصلُ الضَّلالِ
(1) لم أجده في ديوانه.
(2)
لم أجد البيت ولا تفسير أبي عبيدة له في مجاز القرآن.
(3)
المحرر الوجيز 8/ 137.
(4)
آل عمران 69.
(5)
البيت للأخطل وليس لجرير، والطبري نسبه للأخطل. انظر: تفسير الطبري (هجر) 5/ 490.
(6)
رواية الديوان والطبري: «في موج أكدر» . انظر: ديوان الأخطل 252.
(7)
انظر: ديوان النابغة الذبياني 119.
(8)
المحرر الوجيز 3/ 120.