الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي: ألم تعلموا». (1)
3 - نسبة الشاهد لمن أنشده من العلماء والرواة:
أدرك أبو عبيدة والفراء كثيرًا من الرواة من العلماء والأعراب الذين يروون شعر شعراء القبائل، ومن ذلك قول أبي عبيدة: «سَمعتُ مَنْ يُنشدُ بيتَ خِرْنِق بنت هفان من بني سعدِ بن ضُبيعةَ، رهطِ الأعشى:
لا يَبْعَدَنْ قَومي الذين هُمُ
…
سُمُّ العُداةِ وآفَةُ الجُزْرِ
النّازِلِيْنَ بِكُلِّ مُعْتَرَكٍ
…
والطَّيْبِينَ مَعاقِدَ الأُزْرِ (2)
فيخرجون البيت الثاني من الرفع إلى النصب، ومنهم من يرفعه على موالاة أوله في موضع الرفع». (3)
وهذا من أبي عبيدة استشهادٌ بلغة المُنشدِ للشاهدِ، لا بلغةِ الشاعر، فالشاعرة قيسيةٌ قالت هذا الشِّعرَ في رثاء زوجها بشر بن عمرو بن مرثد ومن قتل معه من بنيه وقومه، حين غزا بني أسد بن خزيمة. (4) ورواية الشطر الثاني من البيت الثاني بالرفع، كما في المصادر الأخرى. (5) وإن كان سيبويه قد أجاز الوجهين فقال:«ووإن شئت أجريت هذا كله على الاسم الأول، وإن شئت ابتدأته جميعًا فكان مرفوعًا على الابتداء، كل هذا جائز في ذين البيتين وما أشبههما» . (6)
استفاد ابن قتيبة في كتبه من كتب أبي عبيدة وخاصة مجاز القرآن، فهو ينقل عنه تفسير الغريب، وينقل شواهده الشعرية أيضًا، وقد يشير إلى ذلك، وربما يغفل الإشارة إلى أبي عبيدة. ومِنْ إشارته لأَبي عُبيدة قوله
(1) غريب القرآن 228.
(2)
تقدم تخريجهما.
(3)
مجاز القرآن 1/ 65.
(4)
انظر: الحلل في إصلاح الخلل من كتاب الجمل للبطليوسي 2 - 3.
(5)
انظر: الكتاب لسيبويه 1/ 202، 2/ 58، خزانة الأدب 5/ 41.
(6)
الكتاب 1/ 203، خزانة الأدب 5/ 42 - 43.
عند تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)} [يوسف: 49]: «{وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} يعني: الأَعنابَ والزيتَ. وقال أبو عبيدة: (1){يَعْصِرُونَ} : يَنْجُون، والعُصْرَةُ النَّجاةُ. قال الشاعرُ (2):
وَلَقَدْ كانَ عُصْرَةَ المَنْجُودِ (3)
أي: غِياثًا ومَنْجاةً للمَكْروب». (4)
ومن ذلك قول ابن قتيبة: «وقال أبو عبيدة (5): رسولٌ، بِمعنى: رسالة، وأنشد:
لقد كَذَبَ الواشونَ ما بُحتُ عندَهمْ
…
بِسِرٍّ، ولا أَرسلتُهُمْ بِرَسُولِ (6)
أي: برسالة». (7) وقد تعقب ابن قتيبة أبا عبيدة في تفسيره لبعض المفردات أو الأساليب القرآنية. ومن ذلك أنَّ أبا عبيدة عند تفسير قوله تعالى: {جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ} [إبراهيم: 9](8) قال في تفسير قوله: {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} : مَجازهُ مَجازُ المَثَلِ، وموضعه موضع: كفوا عما أمروا بقوله من الحق، ولم يؤمنوا به ولم يسلموا، ويقال: رَدَّ يدَهُ في فَمِهِ، أي: أمسك إذا لم يُجِب». (9) فقال ابن قتيبة متعقبًا له: «ولا أعلم أحدًا قال: رَدَّ يَدَهُ في فِيهِ إذا أَمسكَ عن الشيءِ. والمعنى: ردوا أيديهم في أفواههم، أي: عضوا عليها حنقًا وغيظًا. كما قال الشاعر: (10)
(1) انظر: مجاز القرآن 1/ 313.
(2)
هو أبو زبيد الطائي.
(3)
عجز بيت، وصدره:
صاديًا يَستغيثُ غَيْرَ مُغاثٍ ............................
انظر: ديوانه، تفسير القرطبي 9/ 205.
(4)
غريب القرآن 218.
(5)
انظر: مجاز القرآن 2/ 84.
(6)
انظر: ديوان كثير عزة 152.
(7)
غريب القرآن 316، وانظر: 340، 346.
(8)
إبراهيم 9.
(9)
مجاز القرآن 1/ 336.
(10)
لم أعثر عليه.