الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سِيْرو بَنِي العَمِّ فالأَهْوازُ مَنْزِلُكُمْ
…
ونَهْرُ تِيْرَى ولَنْ تَعْرِفْكُمُ العَرَبُ (1)». (2)
قال الزجاج تعقيبًا على قراءةِ حَمزةَ، واستشهادِ جَميعِ النحويين بالشاهدين الأولين على توجيهها:«وقرأَ حَمزةُ "وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيّئْ" على الوقف، وهذا عند النَّحويين الحُذَّاقِ لَحْنٌ، ولا يجوزُ، وإنما يجوز مثله في الشِّعر في الاضطرار .. » ثم ذكر الشاهدين، ثم قال:«وهذان البيتان قد أَنشدهُما جَميعُ النحويين المذكورين، وزعموا كلهم أَنَّ هذا من الاضطرار في الشعر ولا يجوز مثله في كتاب الله» . (3) ثم ذكرَ أَنَّ المُبَرِّدَ قد أنشدهما إياه على غير هذا الوجه كما ذكر ابن عطية.
وهذه إشارةٌ من الزَّجاجِ إِلى أَنَّ للشعر خصوصيةٌ في الكلام، لا يُقاسُ عليه القرآن، ولا يحمل عليه، وقد تقدَّم تفصيل ذلك في مبحث سابق في الرسالة (4)، وعُدَّ هذا من عيوب الشاهد الشعري المُضْعِفةِ للاستشهاد به. مع أن من العلماء من رد هذا التفريق بين لغة الشعر وغيرها من كلام العرب فقال:«كُلُّ ما يَجوزُ في الشعرِ فهو جائزٌ في الكلامِ؛ لأَنَّ الشعرَ أَصلُ كلام العربِ، فكيف نتحكَّمُ في كلامِها، ونَجعلُ الشعرَ خارجًا عنه؟ ! » . (5)
أثر الشاهد الشعري في توجيه القراءات الشاذة من حيث اللغة
.
القراءات الشاذة هي كل قراءة فقدت ركنًا أو أكثر من أركان القراءة المقبولة، وهي ما زاد على الطرق الصحيحة التي وردت في كتاب «السبعة» لابن مجاهد، و «التيسير» للداني، و «النشر» لابن الجزري (6).
(1) تِيْرَى: نَهْرٌ بالأهواز. انظر: معجم ما استعجم للبكري 1/ 329، وقد انفرد ابن عطية برواية «فَلَنْ تَعْرِفْكُمُ» ، في حين رواية الديوان «فَلَمْ تَعْرِفْكمُ» ، ولا شاهد فيها على ما أراده ابن عطية. انظر: ديوانه 1/ 441، كشف المشكلات لجامع العلوم النحوي 2/ 368.
(2)
المحرر الوجيز 13/ 182.
(3)
معاني القرآن وإعرابه 4/ 275.
(4)
انظر: مبحث «عيوب الشاهد الشعري» 100 من البحث.
(5)
إعراب القرآن 5/ 97.
(6)
انظر: المرشد الوجيز 172، منجد المقرئين 85، غيث النفع 6، 7.
وحفظت بعد ذلك في «الشاطبية» و «الطيبة» ، ولو كانت طريقًا عن أحد القراء العشرة ما دامت لم تتواتر فتعد شاذة. وأغلب التوجيهات اللغوية للقراءات الشاذة التي استشهد لها المفسرون بالشعر من باب بيان اللغات التي رويت للقبائل موافقة للقراءة الشاذة، ومن أمثلة ذلك:
1 -
قول ابن عطية عند بيانه للقراءة الواردة في لفظة {وَلِوَالِدَيَّ} من قوله تعالى: {{رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41)} [إبراهيم: 41](1): «وقرأَ يَحيى بن يَعْمَر (ولوُلْدِي) بضمِّ الواوِ وسُكونِ اللام. (2) والوُلْدُ لُغَةٌ في الوَلَدِ، ومنه قول
…
الشاعر (3) - أنشده أبو علي وغيرُه:
فليتَ زِيادًا كانَ في بَطْنِ أُمِّهِ
…
وليتَ زِيادًا كانَ وُلْدَ حِمارِ (4)». (5)
وقراءةُ يَحيى بن يَعْمَر هذه إحدى ثلاث روايات عنه، وهي من القراءات الشاذة، وقد وجَّهها أبو عليٍّ الفارسي وابنُ جِنِّي كما ذكر ابن عطية، واستشهدوا على توجيههم بالشاهد الشعريِّ المُتقَدِّم، على أَنَّ الوُلْدَ يُطلَقُ على الواحدِ والجَمعِ، وما ورد في الشاهد الشعريِّ مِنْ باب إطلاقهِ على الواحدِ. (6) قال الزجاج: «الوَلَدُ والوُلْدُ واحِدٌ، مِثْلُ العَرَبِ والعُرْبِ، والعَجَمُ والعُجْمُ، ونحو ذلك. (7) وقَبيلةُ قَيسٍ تَجعلُ الوُلْدَ بِضمِّ الواو للجَمْعِ، والوَلَدَ بفتحها للواحد. (8)
(1) إبراهيم 41.
(2)
قرأ السبعة وأبو جعفر ويعقوب (ولِوالِدَي) بألف بعد الواو وتشديد الياء تثنيةُ والدٍ، وقرأ الزهري ويحيى بن يعمر (ولِوَلَدَيَّ) بغير ألف وبفتح اللام، يعني إسماعيل وإسحاق، وقرأ يحيى بن يعمر أيضًا (ولِوَلَدِيْ) بالإفراد، وقرأ يحيى بن يعمر وعاصم الجحدري (ولِوُلْدِي) بضم الواو وسكون اللام. انظر: المحتسب 1/ 365، إعراب القراءات الشواذ 1/ 738، الدر المصون 4/ 276.
(3)
هو نافعُ بن صَفَّار الأَسلميُّ.
(4)
انظر: إصلاح المنطق 43.
(5)
المحرر الوجيز 10/ 95.
(6)
انظر: معاني القرآن للفراء 2/ 173، المُحتسَب 1/ 365.
(7)
انظر: لسان العرب 15/ 393 (ولد).
(8)
انظر: الجامع لأحكام القرآن 11/ 146، حجة القراءات 725 - 726، العضديات للفارسي 110.