الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَؤُلا ثُمَّ هَؤلا كُلًا اعطيـ
…
ـتَ نِعَالًا مَحذُوَّةً بِنِعَالِ (1)» (2).
وقد ذكرَ ابنُ منظورٍ في (هؤلاءِ) ثلاثَ لغاتٍ:
(هؤلاءٍ): مَمدوة منوَّنة، ونُسبت لبني عُقَيل. (هؤلاءِ): مَمدودة مبنية على الكسر، ونُسبت إلى الحجاز. (هؤلا): مقصورة، ونسبت لتميم (3). ونسبت لغة القصر - إضافة لما ذكره ابن عطية - إلى أهلِ نَجدٍ من بني تَميمٍ وقيسٍ وربيعةَ وأَسَد (4). وقد استشهد اللغويون ببيت الأعشى كما صنع ابن عطية، على لغة القصر في هؤلاء (5).
ومن الأمثلة أيضًا قول ابن عطية عند تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)} [الأنعام: 162](6) وهو يذكر القراءات في بعض ألفاظ الآية: «وقرأ ابنُ أبي إسحاق وعيسى والجحدريُ: (ومَحْيَىّ)(7). وهذه لغة هذيل، ومنه قول أبي ذؤيب:
سَبَقُوا هَوَيَّ وأَعْنَقُوا لِهَواهمُ
…
فَتُخُرِّمُوا ولِكُلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ (8)» (9).
رابعًا: اعتماد الشاهد الشعري في شرح الغريب
.
يعتمد ابن عطية على الشاهد الشعري في تفسير الغريب، واختياره الوجه التفسيري بناء عليه، وهذا كثير في تفسيره.
ومن الأمثلة عند تفسيره لقوله تعالى: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} [البقرة: 58](10) قال: «وسجدًا قال ابن عباس رضي الله عنه: معناه: ركوعًا، وقيل:
(1) روايةُ الديوانِ (مَحذوَّةً بِمِثالِ)
…
انظر: ديوانه 61.
(2)
المحرر الوجيز 1/ 171.
(3)
انظر: لسان العرب (هذا) 20/ 340، 341.
(4)
انظر: شريح التصريح للأزهري 151 نقلًا عن لغات القرآن للفراء.
(5)
انظر: المقتضب 4/ 178، الشعر للفارسي 416 وحواشيه، أمالي ابن الشجري 1/ 43.
(6)
الأنعام 162.
(7)
بتشديد الياء الثانية من غير ألف، وهي لغة عليا مضر، وهذيل. انظر: إعراب القرآن للنحاس 1/ 596، الدر المصون 3/ 227.
(8)
انظر: ديوانه 23.
(9)
المحرر الوجيز 6/ 193.
(10)
البقرة 58.
متواضعين لا على هيئةٍ معينةٍ، والسجودُ يَعمُّ هذا كلَّه؛ لأنه التواضعُ، ومنه قول الشاعر (1):
........................
…
تَرَى الأُكْمَ فيها سُجَّدًا لِلحَوَافِرِ (2)» (3).
وقد يطيلُ ابنُ عطية النظرَ في اللفظةِ ويورد عَددًا من الشواهد الشعرية، ثُمَّ يَختارُ الوجه الذي يراه اعتمادًا على الشاهد الشعري، ومن ذلك أنه بعد أن ساق عبارات المفسرين في تفسير قوله تعالى:{وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} [البقرة: 235](4)، وأَنَّ منهم مَنْ فَسَّرَ السِّرَّ بالمواعدة على الخطبة بعد العدة على وجه الإسرار والإخفاء، ومنهم مَنْ فَسَّرَ السَّرَّ بالزنا، أي لا تواعدوهن زِنًا، قال تعقيبًا على هذه الأقوال:«هكذا جاءت عبارةُ هؤلاءِ في تفسير «السِّرِّ» ، وفي ذلك عندي نظر.
وذلك أنَّ السرَّ في اللغة يقعُ على الوطءِ حَلالِهِ وحرامِهِ، لكنْ معنى الكلامِ وقَرينتُهُ تَردُّ إلى أحدِ الوجهينِ، فمن الشواهدِ قولُ الحطيئة:
ويَحْرُمُ سِرُّ جَارتِهِم عَليهِمْ
…
ويأكلُ جَارُهُمْ أُنُفَ القِصَاعِ (5)
فقرينة هذا البيت تُعطي أَنَّ السِّرَّ، أرادَ به الوَطء حَرامًا، وإلا فلو تزوجت الجارةُ كما يَحسُنُ لم يكن في ذلك عارٌ. ومن الشواهد قول الآخر (6):
(1) هو زيد الخيل الطائي.
(2)
عجز بيت، وصدره:
بِجَيشٍ تَضِلُّ البُلقُ في حَجَراتِهِ .....................................
انظر: الكامل 2/ 735، الحماسة البصرية 1/ 61.
(3)
المحرر الوجيز 1/ 230، للمزيد من الأمثلة انظر: 2/ 362، 72.
(4)
البقرة 235.
(5)
أُنُفُ القِصَاعِ أَوَّلُهَا، أي: يبدأون بالأكل من القصعة قبل غيرهم، انظر: ديوانه بشرح ابن السكيت 138.
(6)
هو مرضاوي بن سعودة المهري.