الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من رواية عطاء بن أبي رباح (ت 114)(1)، كما تقدمت الإشارة لمسائل نافع بن الأزرق التي سأل عنها ابن عباس في الباب الأول من هذا البحث.
فيكون ابتداء التصنيف في غريب القرآن في النصف الثاني من القرن الهجري الأول، غير أن مؤرخي العلوم ذكروا أن ابتداء التصنيف في غريب القرآن كان في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري في عهد أتباع التابعين، وممن ذكر له تدوين في ذلك زيد بن علي (ت 120)، وأبان بن تغلب (ت 141)، وقد طُبع كتابٌ منسوب لزيد بن علي (ت 120) مؤخرًا. (2)
المطبوع من كتب «غريب القرآن» :
ما طُبِعَ مِنْ كُتبِ غريب القرآن أكثر مما طبع من معاني القرآن، ومنها:
1 -
غريب القرآن لعبد الله بن عباس رضي الله عنهما (ت 68). (3)
2 -
تفسير غريب القرآن لزيد بن علي (ت 120). (4)
3 -
مجاز القرآن لأبي عبيدة مَعْمَر بن المثنى (ت 210). (5)
(1) يوجد ضمن مجموع برقم 8/ 2815 بمكتبة عاطف أفندي بتركيا، وقد كتبت في القرن الثامن. انظر: الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي المخطوط - علوم القرآن - مخطوطات التفسير وعلومه 1/ 14.
(2)
طبع بتحقيق الدكتور حسن الحكيم، وفي نسبته لزيد بن علي نظر؛ لأن الراوي عنه عمرو بن خالد الواسطي، وهو كذاب متروك الحديث. انظر: الجرح والتعديل 6/ 230، التفسير اللغوي للقرآن الكريم 332.
(3)
نشره إسماعيل جراح اوغلي عن نسخة عاطف أفندي رقم 2815/ 8 بمجلة كلية الإلهيات بجامعة أنقرة عدد 22، ص 25 - 104.
(4)
طبع بتحقيق الدكتور حسن محمد تقي الحكيم، عام 1412 هـ.
(5)
طبع بتحقيق الدكتور فؤاد سزكين، في مجلدين، وصدر عن مكتبة الخانجي بالقاهرة.
4 -
غريب القرآن وتفسيره لليزيدي (ت 237). (1)
5 -
تفسير غريب القرآن لابن قتيبة (ت 276). (2)
6 -
نزهة القلوب في تفسير غريب القرآن العزيز لابن عزيز السجستاني (ت 330). (3)
7 -
مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني (ت 425). (4)
8 -
تفسير غريب القرآن العظيم لمحمد بن أبي بكر الرازي (666 هـ). (5)
9 -
تُحفةُ الأريبِ بما في القرآن من الغريب لأبي حيان الغرناطي (745). (6)
10 -
عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ للسمين الحلبي (ت 756). (7)
11 -
تفسير غريب القرآن لمحمد بن إسماعيل الصنعاني (ت 1182). (8)
فأما كتاب «مجاز القرآن» لأبي عبيدة فهو من أقدمِ كتب غريب القرآن، وأوفرها من حيث الشواهد الشعرية، حيث بلغت شواهده 952.
(1) حقق ثلاث مرات، الأولى كرسالة دكتوراه قدمها شكري أرسلان في إحدى جامعات تركيا، والثانية قام بها محمد سليم الحاج، وطبع ببيروت عام 1405 هـ، والثالثة للدكتور عبد الرزاق حسين في بيروت 1407 هـ. وكل هذه التحقيقات عن نسخة وحيدة محفوظة بمكتبة كوبرلي باستانبول برقم 205.
(2)
طبع بتحقيق السيد أحمد صقر عام 1378 هـ.
(3)
حققه الدكتور يوسف المرعشلي، وطبع بدار المعرفة ببيروت 1410 هـ، وحققه محمد جمران 1416 هـ.
(4)
حقق مرات من آخرها تحقيق صفوان داوودي، الذي طبعته دار القلم عام 1412 هـ.
(5)
طبع بتحقيق الدكتور حسين ألمالي، وطبع بأنقرة عام 1997 م.
(6)
حققه الدكتور أحمد مطلوب، والدكتورة خديجة الحديثي، ونشر في بغداد عام 1977 م.
(7)
حققه الدكتور محمد ألتونجي، وطبع بدار عالم الكتب عام 1414 هـ في أربع مجلدات.
(8)
طبع بتحقيق محمد صبحي حلاق، وصدر عن دار ابن كثير بدمشق عام 1421 هـ.
شاهدًا، ولذلك اخترته لدراسة منهجه في الاستشهاد بالشاهد الشعري.
وتسمية كتاب أبي عبيدة بمجاز القرآن قد أوقعت بعض الباحثين في الوهم حين ظنَّه كتابًا في البلاغة، وأَنَّ المقصود به دراسةُ مصطلحِ المَجازِ المعروفِ عند أهل البلاغة (1)، في حين ذكر مُحقق المَجاز أنَّ أبا عبيدة قد نُسبت لَهُ كتبٌ في «معاني القرآن» و «غريب القرآن» و «مَجاز القرآن» ، وأَنَّ المقصود بها جميعًا كتابه مَجاز القرآن المطبوع، لأن كل النقول التي نسبت لأبي عبيدة في معاني القرآن وغريبه توجد في هذا الكتاب. وربما يوافق المحقق على أن غريب القرآن ومجاز القرآن واحد للأدلة التي ذكرها.
أما أن يكون «معاني القرآن» لأبي عبيدة هو نفسه «مجاز القرآن» ، فقد يُضعفُ ذلك قولُ أبي حاتم:«أخذ الأخفش كتاب أبي عبيدة في المعاني، فأسقط منه شيئًا وزاد شيئًا، وأبدل شيئًا، قال: فقلت له: أي شيء هذا الذي تصنع من هذا؟ مَنْ أَعرَفُ بالعربية؟ أنت أو أبو عبيدة؟ فقال: الكتاب لمن أصلحه وليس لمن أفسده، قال: فلم يلتفت إلى كتابه وصار مطرحًا» . (2) والموازنة بين الكتابين تُبعِدُ أن يكون معاني الأخفش مختصرًا أو تَهذيبًا لمَجاز القرآن لاختلاف المنهج والمضمون.
وقول أبي حاتمٍ يعضُدُ قولَ مَنْ ذهبَ إلى أنَّ لأبي عبيدة كتابًا في «المعاني» مؤلفًا قبل «المَجاز» ، هو أصلُ «معاني القرآن» للأخفش الذي صنفه بطلب من الكسائيِ المتوفى سنة 189 هـ على الأرجح، و «المَجاز» مؤلَّف سنة 188 هـ (3). علمًا أن الكسائي قد احتذى في تصنيفه لكتابه «معاني القرآن» كتاب الأخفش (4)، مما يعني أَنَّ الأخفش قد صنَّف كتابه
(1) انظر: مجاز القرآن 1/ 18.
(2)
إنباه الرواة 2/ 37 - 38.
(3)
انظر: النحو وكتب التفسير لرفيدة 1/ 118.
(4)
انظر: إنباه الرواة 2/ 37، معجم الأدباء 11/ 26، طبقات المفسرين للداودي 1/ 185.
قبل وفاة الكسائي بِمدةٍ تسبقُ عامَ وفاة الكسائيِّ، وتُمَكِّنُ الكسائيَّ من قراءتهِ والنَّظرِ فيه ثم الاحتذاء على منواله، وقبل تصنيف أبي عبيدة لمَجاز القرآن أيضًا. (1) وكذلك فإن نص المترجمين لأبي عبيدة على تصنيفه كتابًا باسم معاني القرآن يؤكد هذا القول، ولا سيما مع تكرار نسبة هذا الكتاب وتمييزه عن مجاز القرآن. (2)
والمَجاز عند أبي عبيدة هو ما يجوز في لغة العرب من تعبيرٍ عن الألفاظ والأساليب. (3) وقد أراد أبو عبيدة من كتابه أن يفسر القرآن تفسيرًا قائمًا على اللغة، وقد ظهر هذا في اعتماده على الشواهد الشعرية في كتابه، مما دعا كثيرًا من معاصريه إلى انتقاده في منهجه هذا. فقد روي عن سلمة بن عاصم قوله:«سمعت الفراء يقول لرجلٍ: لو حُمِلَ إليَّ أبو عبيدة لضربته عشرين في كتاب المجاز» . (4) وقال التوزي: «بلغ أبا عبيدة أَنَّ الأصمعي يعيبُ عليه تأليفَه المَجاز في القرآن، وأنه قال: يفسر القرآن برأيه، قال: فسأل عن مجلس الأصمعي في أي يوم هو، فركب حماره في ذلك اليوم ومر بحلقة الأصمعي، فَنَزَل عن حِماره، وسَلَّم عليه، وجلس عنده، وحادثه ثم قال له: يا أبا سعيد ما تقول في الخبز؟ قال: هو الذي تخبزه وتأكله، فقال له أبو عبيدة: فسَّرتَ كتاب الله برأيك، قال الله تعالى: {إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا} [يوسف: 36] (5)، فقال له الأصمعيُّ: هذا شيءٌ بانَ لي فقلتُه، ولم أُفسِّره برأيي، فقال له أبو عبيدة: وهذا الذي تعيبُه علينا كُلُّه شيءٌ بانَ لنا فقلناه، ولم نفسره برأينا، ثُمَّ قامَ فركبَ حِمَاره وانصرف» . (6)
ويمكن أن يستنتج من النقد الذي وجه لكتاب أبي عبيدة ما يلي:
أولًا: صحة كونه أول من صنَّفَ في غريب القرآن بهذه الطريقة التي
(1) انظر: معجم الأدباء 19/ 158.
(2)
انظر: الفهرست 37.
(3)
انظر: مجاز القرآن 1/ 19.
(4)
نزهة الألباء للأنباري 87.
(5)
يوسف 36.
(6)
نزهة الألباء 88، طبقات النحويين واللغويين 176، الأضداد لابن أبي حاتم 101.
تعتمد على اللغة، دون الرجوع إلى أقوال السلف، بدليل تعرضه للانتقاد من معاصريه، وقد خَفَّ هذا النقد بعد ذلك، واستفاد مَنْ بَعدَهُ من كتابه هذا استفادةً ظاهرةً. حتى إنَّ أحد تلاميذ أبي حاتم السجستاني - تلميذ أبي عبيدة - سأله عنهُ، كما ذكر الزبيدي:«قال مروان بن عبد الملك: سألت أبا حاتم عن غريب القرآن لأبي عبيدة الذي يُقال له المَجازُ، فقال: ما يَحلُّ لأحدٍ أن يكتبه» . (1) وقال في موضعٍ آخر: «ما يحلُّ لأحدٍ أن يقرأهُ إلا على شرطِ إذا مَرَّ بالخطأ أن يُبينه ويُغيّرَه» . (2) ولكنه قرأه لتلاميذه بعد ذلك، وسمعوه منه. (3)
ثانيًا: أن كثيرًا من النقد يرجع إلى المنافسة الشخصية بين المعاصرين، لأنَّ أبا عبيدة لم يقل برأيه وإنما هو يروي عن العَربِ، وهو ثقةٌ فيما يرويهِ، فقد وثقه علي بن المديني وصححَ روايتَه. (4) وربما يكون قد انفرد لسعة روايته بشيء من الغريب، غير أن هذا ليس بقادحٍ في الثقة به، فقد انفرد غيرُه بأشياء من اللغة. كما أنه قد يجتهد فيقول برأيه شيئًا مبنيًا على ما عرفه من العرب، وهذا ظاهر من قوله للأصمعي:«وهذا الذي تعيبُه علينا كُلُّه شيءٌ بانَ لنا فقلناه، ولم نفسره برأينا» . وإن كان قد وقع في أخطاء بسبب اعتماده على اللغة دون الالتفات لتفسير السلف، إلا أنه قد رد العلماء عليه في ذلك وبينوا وجه الصواب فيها، كما انفرد ببعض الآراء الشاذة في النحو كقوله بالزيادة لبعض الأسماء، وقوله بحذف بعضها (5)، مما لم يوافقه عليه أحد، غير أن هذا لا يقلل
(1) طبقات اللغويين 194.
(2)
طبقات اللغويين 194، إنباه الرواة 3/ 278.
(3)
انظر: المصادر السابقة.
(4)
انظر: تقريب التهذيب 962، نزهة الألباء 89.
(5)
انظر: مجاز القرآن 2/ 250، 257، 1/ 60، 240، 282، النحو وكتب التفسير لرفيدة 1/ 156 - 175.
من قيمة كتابه، واعتماد المفسرين عليه، وقد اعتمد عليه البخاري في صحيحه عند كلامه عن غريب القرآن. (1)
ثالثًا: كل من جاء بعد أبي عبيدة اعتمد على كتابه، من المعاصرين له كالأخفش والفراء والكسائي، أو من جاء بعده كابن قتيبة والطبري وابن عطية والقرطبي وغيرهم. بل إن كتب الغريب والتفسير عِيالٌ عليه ولا سيما في شواهد غريب القرآن من الشعر، وهذا لثقتهم برواية أبي عبيدة.
وأما كتابُ «غريب القرآن وتفسيره» لليزيدي (ت 237)(2)، فليس كما وصفه من رآه، فقد ذكره القفطي في ترجمته لمؤلفه فقال:«صنَّفَ كتابًا في غريب القرآن حَسَنًا في بابه، ورأيتهُ في ستةِ مُجلداتٍ، يستشهدُ على كُلِّ كلمةٍ من القرآن بأبياتٍ من الشِّعرِ، ملكته بخطه» . (3) في حين يقع المطبوع في مجلد واحدٍ صغير، وليس فيه إلا تسعة شواهد من الشعر (4)، وهذا يعني أنه ليس كتاب اليزيدي الذي رآه القفطي، وإنما قد يكون مختصرًا منه، أو يكون ليزيدي آخر غير من نسب له الكتاب، فاليزيدون كثيرون، وصُنِّفَت في أخبارهم كُتبٌ.
وأما غريب القرآن لابن قتيبة فقد كان له أثر بارز في الكتب المصنفة في الغريب بعده، ورُزق هذا الكتاب قبولًا عند العلماء منذ تأليفه حتى اليوم، وقد استشهد فيه بمائةٍ وواحدٍ وسبعينَ شاهدًا من الشِّعرِ، وقد درستُ منهجه في الاستشهاد ضمن كتب غريب القرآن لمكانته بين كتب الغريب.
(1) انظر: مجاز القرآن 1/ 17، صحيح البخاري 4/ 1624 - 1900، بحوث وتنبيهات للمعصومي 1/ 95.
(2)
هو عبد الله بن يحيى بن المبارك اليزيدي، كان أديبًا عارفًا بالنحو واللغة وغريب القرآن. انظر: إنباه الرواة 2/ 151.
(3)
إنباه الرواة 2/ 151.
(4)
انظر: 76، 108، 123، 152، 203، 255، 281، 293.