الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - الشواهد المشتركة
.
وهي شواهد شعرية تتضمن عددًا من مواطن الاستشهاد في مفرداتها اللغوية، أو تركيبها، وترد في كتب التفسير وغيرها، فيستشهدون بها على أكثر من وجهٍ، فهي شواهدُ صرفية، ولغوية معجمية، وتاريخية، أوردها المفسرون في مواضع متفرقة بحسب الحاجة، مع تعدد وجه الاستشهاد، وربما يكون فيها أكثر من استشهاد على جانب واحد كالجانب اللغوي مثلًا. ولكونها متعددة الجوانب حسُنَ إفرادُها بالذكر للتنبيه عليها، والحث على حفظها والعناية بها.
1 -
من الأمثلة على هذا النوع قول الفرزدق، ونُسِبَ لغيره:
بَنُونَا بَنُو أَبْنَائِنَا، وبَنَاتُنَا
…
بَنُوهُنَّ أَبناءُ الرِّجَالِ الأَبَاعِدِ (1)
وشاهدٌ عند البلاغيين على أَنَّهُ جاء على عكسِ التشبيهِ. قال ابنُ هشام: «قد يُقال: إِنَّ هذا البيتَ لا تقديمَ فيهِ ولا تأخير، وإِنَّهُ جاء على عكس التشبيه» (3).
(1) انظر: ديوانه 217، خزانة الأدب 1/ 445، دلائل الإعجاز 374.
(2)
خزانة الأدب 1/ 445. وانظر: شرح ابن عقيل للألفية 1/ 202، الإنصاف في مسائل الخلاف 62، شرح الأشموني 1/ 210، شرح المفصل لابن يعيش 1/ 99، 9/ 132، تخليص الشواهد 198، شرح التصريح 1/ 173، الدرر اللوامع للشنقيطي 1/ 76، همع الهوامع 1/ 102.
(3)
انظر: خزانة الأدب 1/ 446، دلائل الإعجاز 374.
وشاهد عند الفُقهاء (1)، والفرضيين (2) في بابي الوصية والانتساب للآباء دون الأمهات. قال الجاحظ: «خبَّرني النُّوشِروانيّ قال: قلت للحسن القاضي: أوصي جدِّي بثلث ماله لأولاده، وأنا من أولاده، قال: ليس لك شيء، قلت: ولم؟ قال: أو ما سمعت قول الشاعر
…
» (3).
يقول العيني في شرح الشاهد: «هذا البيتُ استشهدَ به النحويونَ على جواز تقديم الخَبَرِ، والفرضيون على دخول أَبناءِ الأبناء في الميراثِ، وأَنَّ الانتسابَ للآباءِ، والفقهاءُ كذلك في الوصيَّةِ، وأهلُ المعاني والبيان في التشبيهِ، ولم أَر أحدًا منهم عزاهُ إلى قائلهِ» (4).
2 -
ومن أمثلة هذه الشواهد في كتب التفسير قول الشاعر:
ولست لإنسيٍ ولكن لملأكٍ
…
تَنَزَّل من جو السماءِ يصوبُ (5)
استشهد به أبو عبيدة، والطبري، والقرطبي عند تفسير قوله تعالى:{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30](6) استشهادًا لغويًا على هَمز كلمةِ «الملائكةِ» في قوله: لِمَلأَكٍ، وذلك عند بيانِ أَصلِ اشتقاقِ كلمةِ الملائكة (7).
(1) انظر: المغني لابن قدامة 8/ 204، الشرح الكبير 16/ 465، .
(2)
انظر: المغني 9/ 11، إعلام الموقعين 3/ 371، جلال الأفهام 386، 406.
(3)
الحيوان 1/ 346.
(4)
خزانة الأدب 1/ 445، شرح الحماسة للمرزوقي 2/ 520 الحاشية.
(5)
اختلف في نسبته، فنسب لعلقمة بن عبدة كما في ملحق ديوانه ص 118، وإلى متمم بن نويرة كما في ديوانه 87، ونسب لغيرهما كما في ارتشاف الضرب لأبي حيان 5/ 2383 حاشية رقم 4 وقد استوفى المحقق تخريجه ولعل نسبته لرجل من بني عبدالقيس أولى لأن أبا عبيدة أنشده له، وأنشد قبله مباشرة بيت علقمة على وزنه وقافيته، مما يعني معرفته ببيت علقمة وأن هذا الشاهد ليس له. وانظر: مجاز القرآن 1/ 33.
(6)
البقرة 30.
(7)
مجاز القرآن 1/ 35، تفسير الطبري (هجر) 1/ 473، الجامع لأحكام القرآن 1/ 263.
واستشهد به أبو عبيدة، والطبري، وابن عطية عند تفسير قوله تعالى:{أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} [البقرة: 19](1) استشهادًا صرفيًا على أَنَّ «صَّيّب» بِمَعنى مطرِ، مأخوذٌ من صابَ يصوبُ، قال ابن عطية:«وأصلُ صَيِّبْ: صَيْوِب، اجتمعت الواو والياء، وسُبِقَت إحداهُما بالسكونِ، فقُلِبَت الواو ياءً، وأدغمت كما فُعِلَ في سَيِّد ومَيِّت» (2).
والأمثلة على هذا النوع كثيرة في كتب التفسير (3).
* * *
(1) البقرة 19.
(2)
المحرر الوجيز (قطر) 1/ 189 - 190، مجاز القرآن 1/ 33، تفسير الطبري (هجر) 1/ 351.
(3)
مجاز القرآن 1/ 20، 183، 307، 341، 378، معاني القرآن للفراء 1/ 99، 2/ 202، تأويل مشكل القرآن 199، تفسير الطبري (شاكر) 1/ 105، 3/ 306، 312، 4/ 424، 5/ 120، 8/ 444 - 445، 9/ 332، 11/ 223، 13/ 521، 15/ 179، 529 - 530، تفسير الطبري (هجر) 6/ 225، 22/ 150، معاني القرآن للنحاس 2/ 55، الكشاف 1/ 448، 4/ 41، 818، المحرر الوجيز 1/ 46 - 47، 2/ 45، المحرر الوجيز (قطر) 1/ 111، الجامع لأحكام القرآن 1/ 101.