الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم يذكره أصحاب كتب ألفاظ القرآن ومفرداته مع عنايتهم بالشواهد (1). ومِنْ قَبْلِ الطبري لم يذكره أبو عبيدة (2)، ولا ابن قتيبة (3)، ولا ابن الأنباري (4)، مع عنايتهم بالشواهد الشعرية.
ومِمَّا يؤكد منهج ابن جرير في مثل هذه الشواهد أنه كرر الاستشهاد بهذا الشاهد على معنى التبذير في قوله تعالى: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} [الإسراء: 26](5)، مما يعني عدم تحرجه من ذكرها، وأن الهدف التعليمي أولى بالعناية، وأهم من هذا التحرج (6).
وإن كان المفسرون ربما تجوزوا في نقل الشاهد فيه اللفظة يستحيا منها، إذا لم يكن بُدٌّ من ذكره، كما نقلوا مثل ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما (7).
ثانيًا: مدى اعتماد المفسرين على الشاهد الشعري في التفسير
.
تبين أن المفسرين قد اعتمدوا على الشاهد الشعري في تفاسيرهم، غير أن هناك حاجة لمعرفة مقدار اعتمادهم على الشاهد الشعري، ومكانته بين بقية شواهد المفسرين من القرآن والسنة ومنثور كلام العرب، ويمكن قياس هذا الاعتماد من خلال الصور الآتية:
-
عدد الشواهد الشعرية في كتب التفسير
.
من المقاييس التي يمكن بها قياس مدى اعتماد المفسرين على
(1) انظر: مفردات الراغب 569، عمدة الحفاظ للحلبي 3/ 100 - 101.
(2)
انظر: مجاز القرآن 1/ 82.
(3)
انظر: غريب القرآن 97.
(4)
انظر: المذكر والمؤنث 1/ 541، وابن الأنباري استفاد من تفسير الطبري في كتبه ونقل منه أقوال المفسرين دون إشارة إلى ذلك. انظر: الزاهر في معاني كلمات الناس 1/ 64، 2/ 213.
(5)
الإسراء 26.
(6)
انظر: تفسير الطبري (هجر)565.
(7)
انظر: تفسير الطبري (هجر) 3/ 459 - 460، الكشاف 1/ 386، الجامع لأحكام القرآن 2/ 384، الدر المصون 2/ 294.
الشاهد الشعري معرفة عدد الشواهد الشعرية في كتب التفسير وتنوعها، وقد أحصيتُ الشواهدَ الشعريةَ في كتب التفسير التي درستها في هذه الرسالة، وأضفت إليها ما وجدته من غيرها من التفاسير المشهورة المعتمدة ليتضح لك حجم الرواية الشعرية في كتب التفسير، وعدد الشواهد فيها، فكانت على النحو الآتي:
م
…
الكتاب
…
المؤلف
…
عدد الشواهد
1
…
جامع البيان في تأويل آي القرآن
…
أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ)
…
2260
2
…
الكشاف
…
جار الله بن عمر الزمخشري (ت 538 هـ)
…
901
3
…
المُحرر الوجيز
…
عبدالحق بن غالب بن عطية (ت 541 هـ)
…
1981
4
…
زاد المسير في التفسير
…
عبدالرحمن بن علي بن الجوزي (ت 597 هـ)
…
734
5
…
الجامع لأحكام القرآن
…
أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي (ت 671 هـ)
…
4807
6
…
البحر المُحيط
…
أبو حيان الغرناطي (ت 745 هـ)
…
723 (1)
7
…
الدر المصون
…
أحمد بن يوسف السمين الحلبي (ت 756 هـ)
…
4686 (2)
8
…
أنوار التنْزِيل وأسرار التأويل
…
البيضاوي (ت 685 هـ)
…
266
تَدلُّ كثرة الشواهد الشعرية في كتب التفسير على أهميته، وعناية المفسرين به كشاهدٍ على معاني ألفاظ القرآن الكريم، ومُعِينٍ على فهمها
(1) انظر: أبيات النحو في تفسير البحر المحيط لشعاع المنصور 9، وفي إحصاء شواهد أبي حيان في تفسيره للدكتور صبري السيد إبراهيم 652 - 653 بلغت الشواهد 501.
(2)
انظر: الدر المصون 11/ 159، وقد رقَّمَ المُحقق د. أحمد الخراط الشواهد الشعرية.
كما كانت العرب زمنَ نزول الوحي تفهمُها، وقد تقدم ما صنفه العلماء من تفاسير اشتملت على أكثر مما اشتملت عليه التفاسير المطبوعة التي بين أيدي الناس اليوم من شواهد الشعر.
غير أن هذه الكثرة للشواهد الشعرية لا تعني أَنَّهَا كانت مقصودةً لذاتِها في التفسير، وإِنَّمَا هي وسيلة ضمنَ وسائل يستعين بها المفسر على إيضاح معاني القرآن الكريم وتقريبها، إلا أَنَّها من أهم الوسائل، ولذلك جعل المصنفون في شروط المفسر وآدابه اللغةَ العربيةَ ومعرفتَها شَرطًا من شروط المفسر؛ لأن القرآن نزل بلغة العرب، ونص على ذلك عدد من العلماء (1)، وقد عني بذلك المفسرون في كتب التفسير.
وليست مسائل اللغة والنحو دخيلة على كتب التفسير، غير أنها ليست من صميم مسائله، ولذلك أشار بعض المفسرين في مواضع إلى أنهم عندما يطيلون في المناقشات اللغوية في بعض الآيات فإنَّما يكون ذلك لخدمة معنى الآيات القرآنية وتوضيحها، وليس قصدًا إلى هذه العلوم وشرحها، مع حرصهم على الاختصار وعدم الاسترسال في ذلك، ومن ذلك قول الطبري عندما رأى أنه قد أطال في نقاشاته النحوية في مسألة من تفسيره:«وإِنَّما اعترضنا بِما اعترضنا في ذلك من بَيانِ وجوهِ إعرابه - وإن كان قصدُنا في هذا الكتاب الكشفَ عن تأويلِ آي القرآن - لِمَا في اختلاف وجوهِ إعراب ذلك من اختلاف وجوه تأويله، فاضطرتنا الحاجةُ إلى كشفِ وجوه إعرابه، لنكشفَ لطالب تأويلهِ وجوهَ تأويله، على قَدْرِ اختلافِ المُختلفةِ في تأويله وقراءته» (2). وهذا يعني أنه لم يتعرض للمسائل النحوية واللغوية إلا بمقدار ما يخدمُ بيانَ وإيضاحَ معاني الآيات المفسَّرة.
(1) انظر: البرهان في علوم القرآن 1/ 160.
(2)
تفسير الطبري (شاكر) 1/ 184.