الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شيء» (1). وقد وُجِّهَ كلامُ اللاحقي بأنه يعني بوضع هذا البيت روايته لا اختلاقه وقوله، وأكثر العلماء يميلون إلى توثيق هذا الشاهد ثقة في نقل سيبويه (2).
ثانيًا: ما نص أحد العلماء على وضعه:
نص المفسرون على وضع بعض الشواهد الشعرية أو الشك في صحتها، ومن هؤلاء الزمخشري، فقد وقف مواقفَ نقدية مع عدد من الشواهد الشعرية التي يقال بوضعها. فمن ذلك قوله:«والله أعلم بصحة ما يقال: إن «طه» في لغة عك في معنى: يا رجل، ولعل عكًا تصرفوا في «يا هذا» ، كأنهم في لغتهم قالبون الياء طاءً، فقالوا في «يا» «طا» ، واختصروا هذا فاقتصروا على «ها» ، وأثر الصنعة ظاهر لا يخفى في البيت المستشهد به:
إنَّ السَّفَاهةَ طَهَ في خَلائِقِكُمْ
…
لا قَدَّسَ اللهُ أخلاقَ الملاعين (3)» (4)
وقوله في موضع آخر: «ومن بدع التفاسير: تفسير «الجُزْء» بالإناث، وادعاء أن الجزء في لغة العرب: اسم للإناث، وما هو إلا كذب على العرب، ووضع مستحدث منحول، ولم يقنعهم ذلك حتى اشتقوا منه: أجزأت المرأة، ثم صنعوا بيتًا وبيتًا:
إِنْ أَجْزَأَتْ حُرَّةٌ يَومًا فلا عَجَبٌ (5)
…
.......................................
(1) شرح أبيات سيبويه 1/ 409 - 410.
(2)
انظر: شواهد الشعر في كتاب سيبويه 233، شرح أبيات سيبويه 1/ 409 الحاشية رقم 1.
(3)
البيت ليزيد بن المهلهل كما في الجامع لأحكام القرآن 11/ 111.
(4)
الكشاف 3/ 50.
(5)
صدر بيت مجهول، وهو بلا نسبة في الجامع لأحكام القرآن 16/ 46، والبحر المحيط 8/ 10، لسان العرب 2/ 269 (جزأ).
زُوِّجْتُهَا مِنْ بَنَاتِ الأَوسِ مُجْزِئَةً (1)» (2).
ومثله ابن عطية في إيراد الشاهد الأول مع إِتْمامهِ فقال: «يقالُ: أجزأت المرأةُ إذا ولدت أنثى، ومنه قول الشاعر:
إنْ أَجْزَأَتْ حُرَّةٌ يَومًا فلا عَجَبٌ
…
قَدْ تُجْزِئُ المرأةُ المِذْكَارُ أَحيانَا
وقد قيل في هذا البيت: إنه بيت موضوع» (3).
غير أن ابن قتيبة قد نقل عن أبي إسحاق الزجاج أن معنى الجزء هنا البنات، يقال له جزء من عيال، أي بنات. قال: وأنشدني بعض أهل اللغة بيتًا يدل على أن معنى «جزء» معنى إناث، قال: ولا أدري البيت قديم أم مصنوع:
إِنْ أَجْزأتْ حُرَّةٌ يومًا فلا عَجَبٌ
…
قد تُجزئُ الحُرَّةُ المِذكارُ أَحيَانَا
فمعنى: «أجزأت» . أي آنثت، أي أتت بأنثى. وقال المفضل بن سلمة: حكى لي بعض أهل اللغة: أجزأ الرجل، إذا كان يولد له بنات. وأجزأت المرأة: إذا ولدت البنات. وأنشد المفضل:
زُوجتُها من بَنَاتِ الأَوسِ مُجزئةً
…
للعَوسجِ اللَّدنِ في أَبياتِهَا زَجَلُ» (4).
وربما اكتفى الزمخشري بإظهار شكه وارتيابه في صحة الشاهد، كما في قوله عند تفسير قوله تعالى:{خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء: 37](5): «وقيل: «العجل» . الطين بلغة حِمْيَر، وقال شاعرهم:
والنَّخْلُ ينبتُ بينَ المَاءِ والعَجَلِ (6)
(1) صدر بيت، وعجزه:
.........................
…
لِلعَوْسَجِ اللَّدْنِ في أَبياتِها زَجَلُ.
وهو بلا نسبة في لسان العرب 2/ 269 (جزأ).
(2)
الكشاف 4/ 241.
(3)
المحرر الوجيز 14/ 246.
(4)
غريب القرآن 396.
(5)
الأنبياء 37.
(6)
عجز بيت مجهول، وصدره: =
والله أعلم بصحته» (1).
ومن الأمثلة كذلك ما ذكره الفراء من أن أبا البلاد النحوي (2) كان ينشده بيتًا:
عَسْعَسَ حتى لو يشاء إدَّنا
…
كان له من ضوئه مَقْبَسُ (3)
يريد: إذْ دَنَا، ثم يلقي همزة إذ، ويدغم الذال في الدال، وكانوا يرون أن هذا البيت مصنوع (4). ويعني بهم أهل رواية الشعر. وهذا الشاهد استشهد به الفراء هنا على أن عسعس في قوله تعالى:{وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17)} [التكوير: 17](5) في رأي بعض المفسرين بمعنى دنا من أوله وأظلم. وتابعه في ذلك الطبري، والقرطبي (6). وأعرض عنه أبو عبيدة، والزمخشري، وابن عطية (7).
ولابن عطية في تفسيره وقفات نقدية لبعض الشواهد المصنوعة من مثل قوله - عند تفسير معنى الإثم في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ
…
} [الأعراف: 33](8): «والإثم أيضًا لفظٌ عامٌ لجميع الأفعال والأقوال التي يتعلق بمرتكبها إثم، هذا قول الجمهور. وقال بعض الناس: هي الخمر، واحتج على ذلك بقول الشاعر:
شَرِبْتُ الإِثْمَ حتى طارَ عقلي (9)
= النَّخْلُ في الصخرةِ الصمَّاءِ مَنبتهُ
…
.................................
انظر: لسان العرب 9/ 65 (عجل).
(1)
الكشاف 3/ 117.
(2)
من علماء الكوفة ورواتها، كان أعمى معاصرًا لجرير والفرزدق. انظر: المزهر 2/ 407.
(3)
نسبه القرطبي لامرئ القيس: الجامع لأحكام القرآن 19/ 156، ولم أجده في ديوانه.
(4)
انظر: معاني القرآن 3/ 242.
(5)
التكوير 17.
(6)
انظر: تفسير الطبري (هجر) 24/ 162، الجامع لأحكام القرآن 19/ 156.
(7)
انظر: مجاز القرآن 2/ 288، الكشاف 4/ 711، المحررالوجيز 16/ 242.
(8)
الأعراف 33.
(9)
صدر بيت مجهول، وعجزه: =