الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأول: العيوب المسقطة للشاهد. وهي التي لا يصلح الشاهد الشعري معها - إذا ثبتت - للاستشهاد، ويسقط بالكلية، وهي قليلة في كتب التفسير، وفي كتب النحو.
الثاني: العيوب المضعفة للشاهد. وهي التي تقلل من قوة الشاهد الشعري وحجيته، ولكنها لا تسقطه بالكلية، وأغلب العيوب التي وجهت إلى الشاهد الشعري من هذا القسم. وقد أوردت في هذا المبحث ما يعد عيبًا في الشاهد الشعري، وما يظن عيبًا وليس كذلك.
القسم الأول: العيوب المسقطة للشاهد الشعري
.
فأما القسم الأول فيدخل تحته:
°
الطعن في الشاهد الشعري بالوضع أو الصنعة
.
يأتي الوضع في اللغة لعدة معانٍ منها الاختلاق، يقال: وضع الشيءَ وضعًا، أَي اختلقه (1). ومنها الإلصاق، يقال: وضع فلانٌ على فُلانٍ كذا، أي ألصقه به (2).
والشاهد الشعري هو جزء من الشعر الذي وقع فيه الوضع والاختلاق، والشعر الموضوع هو أن يقول بعض رواة الشعر، أو بعض المولدين، شعرًا ثم ينسبه إلى المتقدمين من الشعراء (3). ومن العلماء من يسميه المصنوع. وابن قتيبة يسميه المنحول، استعمالًا للفظ النحل على أصل وضعه في اللغة بمعنى أن تنسب قولًا إلى من لم يقله (4). وأما ابن سلَّام وخلف فإنهما يعنيان بالشعر المنحول ما يكون عند أحد من الرواة مِنْ شِعْرٍ معروف لشاعرٍ متقدم بعينه، فينسبه الراوية إلى شاعر متقدم
(1) انظر: المحكم 2/ 212.
(2)
انظر: فتح المغيث للسخاوي 1/ 234.
(3)
انظر: نَمط صعبٌ لمحمود شاكر 79 - 80.
(4)
انظر: لسان العرب 14/ 74 - 75 (نحل).
آخر (1). وهذا خطأ في نسبة الشعر فحسب، ولا يقدح في الاستشهاد به إذا كان جاهليًا أو إسلاميًا، وإنما يقدح في صحة نسبته إلى قائل بعينه (2).
وقد عبر المفسرون وأهل العربية عن الشاهد الموضوع بعبارات متعددة، كقولهم:«وهو موضوع» . أو قولهم: «وهو مصنوع» ، أو قولهم:«هو منحول» ، أو «محمول» . وهذه التعبيرات النقدية وغيرها مما يتعقب به العلماء بعض الأشعار يهم البحث منها الموضوع والمصنوع الذي قيل بعد عصور الاستشهاد مما يعني سقوط الاستشهاد به.
والوضع لم يكن مختصًا بالشاهد الشعري فحسب، بل هي قضية معروفة في الشعر عمومًا، بل وتطرق الوضع إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك توعد من يتعمد الكذب والوضع بالنار، فقال:«من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار» (3).
والوضع للشاهد الشعري قد يكون كليًا، يشمل البيت كله، وقد يكون جزئيًا حيث يعمد الراوية أو النحوي إلى كلمة أو كلمات فيحذفها ويضع مكانها ما يناسب الوزن، ويساير المعنى الذي يريده.
ومثل ذلك الشواهد المصنوعة، وهي تلك الشواهد التي يضعها صاحبها وينشدها على أنها مما قالته العرب الفصحاء، وهي في حقيقتها أبيات يتيمة ليس لها سوابق أو لواحق، كما لا يعرف قائلها أو واضعها على الأغلب، وتتردد في كتب النحو والتفسير، بحيث لا يكاد يخلو منها كتاب من تلك الكتب، مما يكون الغرض منه غالبًا تأييد مذهب في النحو أو اللغة (4). وتنقسم الشواهد الموضوعة بحسب معرفة الواضع لها إلى ثلاثة أقسام:
(1) انظر: طبقات فحول الشعراء 1/ 4.
(2)
انظر: نَمط صعبٌ لمحمود شاكر 79 - 80.
(3)
متفق عليه، البخاري 3/ 247 برقم 2433، مسلم 3/ 421 برقم 3422.
(4)
انظر: الشواهد والاستشهاد في النحو لعبد الجبار النايلة 66.