الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أكتافهم لم يدركوه بعدُ فهو ثِقلٌ عليهم، وبصيرتي أَي ذحلى قد أدركتُ به» (1). وقوله: إِنَّ البَصيْرَةَ طريقةُ الدمِ، يعني بِها ما استدارَ من الدمِ مِقدارَ الدرهمِ (2).
الاختلاف في شرح الشاهد الشعري:
يرجع الاختلاف في شرح المفسرين للشاهد الشعري إلى عدة عوامل، منها الاختلاف في رواية البيت في موضعٍ يتغير بتغيره المعنى، أو يكون راجعًا إلى وقوع التصحيف في الشاهد، أو يكون الاختلاف راجعًا إلى الاختلاف في تفسير الآية وحَملِ الشاهد عليها، أو نحو ذلك، وسيأتي أمثلة ذلك.
وقد تعقب المفسرون بعضًا في شرح الشواهد الشعرية، وأكثرُ مَن رأيته عُنِيَ بذلك الإمامُ الطبري، وابن عطية في تفسيريهما. فأما الطبري فقد أكثر من تعقب أبي عبيدة في فهمه للشواهد، كما تعقب الفراء في مواضع قليلة، وأما ابن عطية فقد تعقب أبا عبيدة، وابن قتيبة، والأخفش والطبري، وأكثر من ذلك في تفسيره مع بيان وجه الاختلاف أحيانًا، وعدم بيانه في مواضع.
أولًا: الاختلاف في معنى الشاهد
.
من أمثلة الاختلاف في معنى الشاهد بسبب الاختلاف في رواية البيت أن أبا عبيدة روى شاهدًا شعريًا نسبه لعمرو بن حني التغلبي وهو قوله:
وَكُنّا إِذا الجَبّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ
…
أَقَمنا لَهُ مِن مَيلِهِ فَتَقَوَّما
وشرح غريبه فقال: «والصَّعَرُ داءٌ يأخذُ البعيرَ في عُنقهِ أو رأسه
(1) المعاني الكبير 2/ 1013.
(2)
انظر: الأصمعيات 141 حاشية المحقق رقم 7.
فيُشبَّهُ به الرجلُ الذي يتكبَّرُ على الناس» (1)، ورواه الطبري كذلك (2)، غير أنَّ ابن عطية استشهدَ به فقال: «والصَّعَرُ الميلُ
…
ومنه قول عمرو بن حني التغلبي:
وَكُنّا إِذا الجَبّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ
…
أَقَمنا لَهُ مِن مَيلِهِ فَتَقَوَّمِ
أَيْ: فتقوَّمْ أنتَ، قالهُ أبو عبيدةَ (3)، وأنشدَ الطبريُّ «فتقوَّمَا» ، وهو خطأٌ؛ لأن قافية الشعرِ مَخفوضةٌ» (4). فيتغير المعنى من الغائب للحاضر.
وقد روى المرزبانيُّ هذا البيت مع عدة أبياتٍ مخفوضةٍ كما ذكر ابن عطية وهي:
نُعاطي المُلوكَ الحقَّ ما قَصَدُوا بِنَا
…
وليسَ عَلينا قَتْلُهُمْ بِمُحرَّمِ
أَنِفتُ لَهُمْ مِنْ عَقلِ عَمرِو بنِ مَرْثَدٍ
…
إذا وَردوا ماءً ورُمْحِ ابنِ هَرْثَمِ
وكُنَّا إذا الجبَّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ
…
أَقَمْنَا لَهُ مِنْ مَيْلِهِ فَتَقَوَّمِ
قال: يريدُ فتقوَّمْ أنتَ» (5).
ثم عقَّبَ على ذلك المرزباني مشيرًا إلى أن هذا البيت يروى لغيره فقال: «وهذا البيت يروى من قصيدة المتلمس التي أولها:
يُعَيّرني أُمِّي رِجَالٌ ولَنْ تَرى
…
أَخَا كَرَمٍ إِلَّا بِأَنْ يَتَكَرَّما (6)
وبعده البيت، وآخره:
..........................
…
أَقمنَا لَه من مَيلهِ فتقوَّمَا
وأبو عبيدة وغيره يروون هذه الأبيات لجابر بن حُنَيِّ التغلبيِّ» (7).
وهذا الذي ذكره المرزباني يعني به رواية أبي عبيدة في «مجاز
(1) مجاز القرآن 2/ 127.
(2)
انظر: تفسير الطبري (هجر) 18/ 559.
(3)
ما في «مجاز القرآن» 2/ 127 خلاف ذلك، فالرواية فيه كما عند الطبري (فتقوَّما)، فإما أن يكون ابن عطية قد وَهِمَ، وإما أن يكون البيت في المطبوع أصابه تَحريفٌ.
(4)
المحرر الوجيز 13/ 18.
(5)
معجم الشعراء 13.
(6)
انظر: ديوانه 62.
(7)
معجم الشعراء 13.