الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- إغفال عزو الشاهد:
ربما أَبْهَمَ المؤلف اسم الشاعر، ولهذا الإبهام صور متعددة بعضها شديد الإبهام، وبعضها يعد إبهامًا يدل على قبيلة القائل أو زمنه أو جنسه. والفراء في أغلب شواهده يبهم اسم القائل، ولا يذكره.
فمن صور الإبهام الاكتفاء بنسبة الشاعر لقبيلته، كقول أبي عبيدة:«قال رجل من عبيد القيس» . (1) وقول ابن قتيبة: «قال الهذلي» . (2)
وربما ذكروا الشاعر بقولهم: قال الشاعر (3)، أو قال الراجز إن كان الشاهد من بحر الرجز (4)، أو قال بعضهم. (5) أو قال، أو وقوله. ونحو هذه العبارات المبهمة. (6)
ونسبة الشاعر إلى قبيلته يعين في معرفة لغة هذه القبيلة، وإن لم يكن دالًا على الشاعر، وكذلك تحديد زمن القائل كقول أبي عبيدة:«وقال رجل من بني عدي جاهلي» . (7) فإنه يطمئن القارئ أن الشعر قديم، وإن كان مجهول القائل، مما يجعل الاستشهاد به مقبولًا.
رابعًا: بيان مناسبة الشاهد الشعري قبل إيراده:
من أوجه العناية بالشاهد الشعري عند إيراده، حتى يتضح معناه بيان مناسبته وموضوعه الذي قيل فيه، فربما لا يفهم القارئ للشاهد معناه دون معرفته لموضوعه. ومن الأمثلة على ذلك:
1 -
قال أبو عبيدة: «وقال رجلٌ من عبد القيس، جاهلي، يَمدحُ بعضَ الملوك:
(1) المصدر السابق 1/ 35.
(2)
غريب القرآن 271.
(3)
انظر: مجاز القرآن 1/ 35، 114، معاني القرآن للفراء 1/ 27، 66، 87، 90، 100.
(4)
انظر: مجاز القرآن 1/ 87، 119.
(5)
انظر: المصدر السابق 1/ 1/ 137.
(6)
انظر: المصدر السابق 1/ 172، 173، 250، 402، 404.
(7)
المصدر السابق 1/ 267.
ولَسْتَ لإِنْسِيٍّ ولكنْ لَمْلأَكٍ
…
تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السماءِ يَصُوبُ». (1)
2 -
وقال أبو عبيدة أيضًا: «وقال حسان بن ثابت يرثي عثمان بن عفان:
يا ويحَ أَنصارِ النَّبِيِّ ونَسلهِ
…
بعدَ المُغَيَّبِ في سَواءِ المُلْحَدِ». (2)
3 -
وقال الفراء: «وأنشدني بعض بني أسدٍ يَصِفُ فَرَسَهُ:
عَلَفْتُها تِبْنًا ومَاءً بَارِدا
…
حتى شَتَتْ هَمَّالةً عَيناها». (3)
4 -
وقال الفراء: «قال الشاعر وهو يذم امرأة له:
عنجرد تَحْلِفُ حينَ أَحْلِفُ
…
كَمِثْلِ شَيطانِ الحَماطِ أَعْرَفُ (4)» (5)
5 -
قال ابن قتيبة: «وقال حُميدُ بن ثور يصفُ إِبِلًا:
رَعَيْنا المُرَارَ الجَوْنَ مِنْ كُلِّ مِذْنَبٍ
…
شهورَ جُمادَى كُلَّها والمُحَرَّما (6)» (7)
6 -
وقال ابن قتيبة أيضًا: «قال الشاعر (8) يذم رجلًا:
يَرى الخَمْصَ تَعذِيبًا وإِنْ يَلْقَ شَبْعَةً
…
يَبِتْ قَلْبُهُ مِنْ قِلَّةِ الهَمِّ مُبْهَما (9)» (10)
(1) المصدر السابق 1/ 33، والشاهد سبق تخريجه.
(2)
المصدر السابق 1/ 50، والشاهد سبق تخريجه.
(3)
معاني القرآن 1/ 14.
(4)
ذكر هذا الشاهد على أن تشبيه شجرة الزقوم برؤوس الشياطين (الصافات 65) قد يكون لأَنَّ العرب تُسمِّي بعضَ الحيَّاتِ شيطانًا، وهو حيَّةٌ ذو عُرْفٍ وهو الشعر النابت في محدب رقبتها، وهذا معنى قوله أَعْرَفُ أي ذو عُرْف، ونسبته للحماط وهو نوع من الشجر لأنه أشد أنواع هذه الحيات سمًا.
(5)
معاني القرآن 2/ 387.
(6)
المرار: شجر مر إذا أكلته الإبل قلصت عنه مشافرها، والجون: النبات الذي يضرب إلى السواد من شدة خضرته، والمذنب: مسيل الماء، والمعنى أنها رعته ستة أشهر أولها المحرم وآخرها جمادى حتى سَمِنَت. انظر: ديوانه 9
(7)
غريب القرآن 185 - 186.
(8)
هو حاتم الطائي.
(9)
الخَمْص: الجوع، والشبعة: الأَكلَةُ المُشبِعَةُ، والمُبْهَمُ: قليلُ الهم. انظر: ديوانه 225، ولهذا الشاهد قصة طريفة مع بلال بني أبي بردة وذي الرمة في طبقات فحول الشعراء 2/ 569، الأغاني 18/ 32.
(10)
غريب القرآن 141.