الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويهتف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما تقرأ كتاب الله تعالى {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً} الآية؟ فقال الرجل: والله يا رسول الله ما أجد لي وهؤلاء شيئاً خيراً من مفارقتهم.
أشهدك أنهم أحرار كلهم» .
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن غزوان.
وقد روى أحمد بن حنبل عن عبد الرحمن بن غزوان هذا الحديث، وعن وهب بن منبه في قوله تعالى {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} قال: إنما يوزن من الأعمال خواتيمها، وإذ أراد الله بعبد خيراً ختم له بخير وإذا أراد الله به شراً ختم له بشر عمله.
ذكره أبو نعيم.
قال المؤلف هذا صحيح يدل عليه قوله عليه السلام «وإنما الأعمال بالخواتيم» والله تعالى أعلم.
باب منه وذكر أصحاب الأعراف
ذكر خيثمة بن سليمان في مسنده «عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم توضع الموازين يوم القيامة فتوزن السيئات والحسنات،
فمن رجحت حسناته على سيئاته مثقال صؤابة دخل الجنة، ومن رجحت سيئاته على حسناته مثقال صؤابة دخل النار قيل يا رسول الله: فمن استوت حسناته وسيئاته؟ قال: أولئك أصحاب الأعراف لم يدخلوها وهم يطعمون» .
وذكر ابن المبارك قال، أخبرنا أبو بكر الهذلي، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن مسعود قال يحاسب الناس يوم القيامة فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة، ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار، ثم قرأ {فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم} ثم قال إن الميزان يخف بمثقال حبة أو ترجح.
قال ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف.
وذكر الحديث.
وقال كعب الأحبار: إن الرجلين كانا صديقين في الدنيا، فيمر أحدهما بصاحبه وهو يجر إلى النار فيقول له أخوه: والله ما بقي لي إلا حسنة أنجو بها خذها أنت يا أخي فتنجو بها مما أرى وأبقى أنا وإياك من أصحاب الأعراف، قال: فيأمر الله بهما جميعاً فيدخلان الجنة.
وذكر أبو حامد في كتاب كشف علم الآخرة: أنه يؤتى برجل يوم القيامة فما يجد له حسنة ترجح ميزانه وقد اعتدلت بالسوية، فيقول الله تعالى رحمة منه: اذهب في الناس فالتمس من يعطيك حسنة أدخلك بها الجنة فيصير يجوس خلال العالمين فيما يجد أحداً يكلمه في ذلك الأمر إلا يقول له خفت أن يخف ميزاني فأنا أحوج منك إليها، فييأس
فيقول له رجل: ما الذي تطلب؟ فيقول: حسنة واحدة فلقد مررت بقوم لهم منها الألف فبخلوا علي، فيقول له الرجل: لقد لقيت الله تعالى فما وجدت في صحيفتي إلا حسنة واحدة وما أظنها تغني عني شيئاً خذها هبة مني إليك، فينطلق فرحاً مسروراً فيقول الله له: ما بالك وهو أعلم فيقول: رب اتفق من أمري كيت وكيت، ثم ينادي سبحانه بصاحبه الذي وهبه الحسنة فيقول له سبحانه: كرمي أوسع من كرمك خذ بيد أخيك وانطلقا إلى الجنة، وكذا تستوي كفتا الميزان لرجل فيقول الله تعالى له: لست من أهل الجنة ولا من أهل النار، فيأتي الملك بصحيفة فيضعها في كفة الميزان فيها مكتوب أف فترجح على الحسنات لأنها كلمة عقوق ترجح بها جبال الدنيا فيؤمر به إلى النار قال: فيطلب الرجل أن يرده الله تعالى فيقول: ردوه فيقول له أيها العبد العق لأي شيء تطلب الرد إلي فيقول: إلهي رأيت أني سائر إلى النار وإذ لا بد لي منها وكنت عاقاً لأبي وهو سائر إلى النار مثلي فضعف علي به عذابي وأنقذه منها.
قال: فيضحك الله تعالى ويقول: عققته في الدينا وبررته في الآخرة خذ بيد أبيك وانطلقا إلى الجنة.
فصل: ذكر الله تعالى الميزان في كتابه بلفط الجمع، وجاء السنة بلفظ الإفراد والجمع، فقيل: يجوز أن يكون هنالك موازين للعمل الواحد يوزن بكل
ميزان منها صنف من الأعمال كما قال:
ملك تقوم الحادثات لعدله
…
فلكل حادثة لها ميزان
تتصرف الأشياء في ملكوته
…
ولك شيء مدة وأوان
ويمكن أن يكون ميزاناً واحداً عبر عنه بلفظ الجمع كما قال تعالى {كذبت عاد المرسلين} و {كذبت قوم نوح المرسلين} وإنما هو رسول واحد، وقيل: المراد بالموازين جمع موزون أي الأعمال الموزونة لا جمع ميزان.
وخرج اللالكائي في سننه، عن أنس رفعه: أن ملكاً موكل بالميزان فيؤتى بابن آدم فيوقف بين كفتي الميزان، فإن رجح نادى الملك بصوت يسمع الخلائق كلها: سعد فلان سعادة لا يشقى بعدها أبداً وإن خف نادى الملك: شقي فلان شقاوة لا يسعد بعدها أبداً وخرج عن حذيفة قال: [صاحب الميزان يوم القيامة جبريل عليه السلام] .
فصل: وأما أصحاب الأعراف فيقال: إنهم مساكين أهل الجنة.
ذكر هناد بن السري قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن مجاهد، عن حبيب، عن عبد الله بن الحارث قال: أصحاب الأعراف ينتهي بهم إلى نهر يقال له الحياة حافتاه قصب الذهب قال: أراه قال مكلل باللؤلؤ فيغتسلون منه اغتسالة فيبدو في نحورهم شامة بيضاء، ثم يعودون فيغتسلون فكلما اغتسلوا زادت بياضاً فيقال لهم: تمنوا فيتمنون ما شاءوا.
قال: فيقال لهم لكم ما تمنيتم وسبعين ضعفاً.
قالوا: فهم مساكين أهل الجنة.
وفي رواية: فإذا دخلوا الجنة وفي نحورهم تلك الشامة البيضاء فيعرفون بها.
قال: فهو يسمون في الجنة مساكين أهل الجنة.
واختلف العلماء في تعيينهم على اثني عشر قولاً:
الأول: ما تقدم ذكره في الحديث، وهو قول ابن مسعود وكعب الأحبار كما ذكرنا وذكره ابن وهب عن ابن عباس.
الثاني: قوم صالحون فقهاء علماء.
قاله مجاهد.
الثالث: هم الشهداء ذكره المهدوي.
الرابع: هم فضلاء المؤمنين والشهداء فرغوا من شغل أنفسهم وتفرغوا لمطالعة أحوال الناس.
ذكره أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم القشيري.
الخامس: هم المستشهدون في سبيل الله الذين خرجوا عصاة لآبائهم.
قاله شرحبيل بن سعد.
وذكر الطبري في ذلك حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنه تعادل عقوقهم واستشهادهم.
السادس: هم العباس وحمزة وعلي بن أبي طالب وجعفر ذو الجناحين يعرفون محبيهم ببياضالوجوه ومبغضيهم بسواد الوجوه.
ذكره الثعلبي عن ابن عباس.
السابع: هم عدول القيامة الذين يشهدون على الناس بأعمالهم وهم في كل أمة.
ذكره الزهراوي واختاره النحاس.
الثامن: هم قوم أنبياء.
قاله الزجاج.
التاسع: هم قوم كانت لهم صغائر لم تكفر عنهم بالآلام والمصائب في الدنيا فوقفوا وليست لهم كبائر فحيسبون عن الجنة لينالهم بذلك غم، فيقع في مقابلة صغائرهم.
حكاه ابن عطية القاضي أبو محمد في تفسيره.
العاشر: ذكره ابن وهب عن ابن عباس قال: أصحاب الأعراف الذين ذكر الله في القرآن أصحاب الذنوب العظام من أهل القبلة، وذكره ابن المبارك قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: أصحاب الأعراف رجال كانت لهم ذنوب عظام، وكان جسيم أمرهم لله فأقيموا ذلك المقام إذا نظروا إلى أهل النار عرفوهم بسواد الوجوه وقالوا: ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين، وإذا نظروا إلى أهل الجنة عرفوهم ببياض وجوههم.
قال ابن عباس: أدخل الله أصحاب الأعراف الجنة، وفي رواية سعيد بن جبير عن عبد الله بن مسعود وكانوا آخر أهل الجنة دخولاً الجنة.
قال ابن عطية: وتمنى سالم مولى أبي حذيفة أن يكون من أصحاب الأعراف لأن مذهبه أنهم مذنبون.
الحادي عشر: أنهم أولاد الزنا.
ذكره أبو نصر القشيري عن ابن عباس.
الثاني عشر: أنهم ملائكة موكلون بهذا السور يميزون الكافرين من المؤمنين قبل دخالهم الجنة والنار.
قاله أبو مجلز لاحق بن حميد، فقيل له: لا يقال للملائكة رجال فقال: إنهم ذكور وليسوا بإناث فلا يبعد إيقاع لفظ الرجال عليهم كما وضع على الجن في قوله تعالى {وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن} .
والأعراف: سور بين الجنة والنار.
قيل: هو جبل أحد يوضع هناك.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق أنس وغيره ذكره أبو عمر بن عبد البر وغيره حسب ما ذكرناه في كتاب جامع أحكام القرآن من سورة الأعراف والحمد لله.
حكاية
روي عن بعض الصالحين رضي الله عنه أنه قال: أخذتني ذات ليلة سنة فنمت