الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ـ منه في المهدي وخروج السفياني عليه وبعثه الجيش لقتاله وأنه الجيش الذي يخسف به
روي من حديث «حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وذكر فتنة تكون بين أهل المشرق والمغرب فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فوره ذلك حتى ينزل دمشق، فيبعث جيشين جيشاً إلى المشرق وجيشاً إلى المدينة، فيسير الجيش نحو المشرق حتى ينزل بأرض بابل في المدينة الملعونة والبقعة الخبيثة يعني مدينة بغداد قال فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف ويفتضون أكثر من مائة امرأة، ويقتلون بها أكثر من ثلاثمائة كبش من ولد العباس، ثم يخرجون متوجهين إلى الشام، فتخرج راية هدى من الكوفة فتلحق ذلك الجيش على ليلتين فيقتلونهم حتى لا يفلت منهم مخبر، ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم، ويحل جيشه الثاني بالمدينة فينهبونها ثلاثة أيام ولياليها، ثم يخرجون متوجهين إلى مكة حتى إذا كانوا بالبيداء، بعث الله جبريل عليه السلام فيقول يا جبريل إذهب فأبدهم فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم، وذلك قوله تعالى عز وجل {ولو ترى إذ
فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب} فلا يبقى منهم إلا رجلان أحدهما بشير والآخر نذير وهما من جهينة» ولذلك جاء القول: وعند جهينة الخبر اليقين.
قلت: حديث حذيفة هذا فيه طول، وكذلك حديث ابن مسعود فيه ثم إن عروة بن محمد السفياني يبعث جيشاً إلى الكوفة خمسة عشر ألف فارس، ويبعث جيشاً آخر فيه خمسة عشر ألف راكب إلى مكة والمدينة لمحاربة المهدي ومن تبعه، فأما الجيش الأول فإنه يصل إلى الكوفة فيتغلب عليها ويسبي من كان فيها من النساء والأطفال ويقتل الرجال ويأخذ ما يجد فيها من الأموال، ثم يرجع فتقوم صيحة بالمشرق، فيتبعهم أمير من أمراء بني تميم يقال له شعيب بن صالح، فيستنفذ ما في أيديهم من السبي ويرد إلى الكوفة.
وأما الجيش الثاني فإنه يصل إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فيقاتلونها ثلاثة أيام، ثم يدخلونها عنوة ويسبون ما فيها من الأهل والولد، ثم يسيرون نحو مكة أعزها الله لمحاربة المهدي ومن معه، فإذا وصلوا إلى البيداء مسحهم الله أجمعين فذلك قول الله تعالى {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب} .
وقد ذكر خبر السفياني مطولاً بتمامة أبو الحسين أحمد بن جعفر بن
المنادى في كتاب الملاحم له، وأنه الذي يخسف بجيشه.
قال: واسمه عتبة بن هند، وهو الذي يقوم في أهل دمشق فيقول يا أهل دمشق: أنا رجل منكم وأنت خاصتنا جدي معاوية بن أبي سفيان وليكم من قبل فأحسن وأحسنتم، وذكر كلاماً طويلاً إلى أن ذكر كتابه إلى الجرهمي وهو على ما يليه من أرض الشام، وأتىالبرقي وهو على ما يليه من حد برقة وما وراء برقة من المغرب إلى أن قال: فيأتي الجرهمي فيبايعه واسم الجرهمي عقيل بن عقال، ثم يأتيه البرقي واسم البرقي همام بن الورد، ثم ذكر مسيره إلى أرض مصر وقتاله لملكها فيقتلون على قنطرة الفرما أو دونها بسبعة أيام، ثم ينصر أهل مصر وقد قتل منهم زهاء سبعين ألفاً ونيفاً ثم يصالحه أهل مصر ويبايعونه فينصرف عنهم إلىالشام، ثم ذكر تقدميه الأمراء من العرب رجل من حضرموت، ولرجل من خزاعة، ولرجل من عبس، ولرجل من ثعلبة، وذكر عجائب وأن جيشه الذي يخسف بهم تبتلعهم الأرض إلى أعناقهم وتبقى رؤوسهم خارجة، ويبقى جميع خيلهم وأموالهم وأثقالهم وخزائنهم وجميع مضاربهم والسبي على حاله إلى أن يبلغ الخبر الخارج بمكة، واسمه محمد بن علي من ولد السيط الأكبر الحسن بن علي فيطوي الله تعالى له الأرض فيبلغ البيداء من يومه، فيجد القوم أبدانهم داخلة في الأرض ورؤوسهم خارجة وهم أحياء فيحمد الله عز وجل هو وأصحابه وينتحبون بالبكاء، ويدعون الله عز وجل ويسبحونه ويحمدونه على حسن
صنيعه إليهم ويسألونه تمام النعمة والعافية، فتبلغهم الأرض من ساعتهم يعني أصحاب السفياني ويجد الحسنى العسكر على حاله والسبي على حاله، وذكر أشياء كثيرة الله أعلم بصحتها أخذها من كتاب دانيال فيما زعم.
قال الحافظ أبو الخطاب بن دحية: ودانيال نبي من أنبياء إسرائيل كلامه عبراني وهو على شريعة موسى بن عمران، وكان قيل عيسى بن مريم بزمان، ومن أسند مثل هذا إلى نبي عن غير ثقة أو توقيف من نبينا صلى الله عليه وسلم، فقد سقطت عدالته إلا أن يبين وضعه لتصح أمانته.
وقد ذكر في هذا الكتاب من الملاحم وما كان من الحوادث وسيكون، وجمع فيه التنافي والتناقض بين الضب والنون، وأغرب فيما أغرب في روايته عن ضرب من الهوس والجنون، وفيه من الموضوعات ما يكذب آخرها أولها ويتعذر على المتأول لها تأويلها وما يتعلق به جماعة الزنادفة من تكذيب الصادق المصدوق محمد صلى الله عليه وسلم أن في سنة ثلاثمائة يظهر الدجال من يهودية أصبهان، وقد طعنا في أوائل سبعمائة في هذا الزمان وذلك شيء ما وقع ولا كان ومن الموضوع فيه المصنوع والتهافت الموضوع الحديث الطويل الذي استفتح به كتابه، فهلا اتقى الله وخاف عقابة، وأن من أفضح فضيحة في الدين نقل مثل هذه الاسرائيليات عن المتهودين، فإنه لا طريق فيما ذكر عن دانيال إلا عنهم ولا رواية تؤخذ في ذلك إلا منهم.
وقد روى البخاري في تفسير سورة البقرة، «عن أبي هريرة قال: كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا» .
وقد ذكر في كتاب الاعتصام أن ابن عباس قال: كيف تسألونه أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزله الله على رسوله أحدث شيء تقرؤونه محضاً لم
يشب، وقد حدثكم أهل الكتاب بدلوا كلام الله وغيروه، وقد كتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم لا والله ما رأينا منهم رجلاً يسألكم عن الذي أنزل عليكم.
قال ابن دحية رضي الله عنه: وكيف يؤمن من خان الله وكذب عليه وكفر واستكبر وفجر.
وأما حديث الدابة فقد نطق بخروجها القرآن ووجب التصديق بها والإيمان.
قال الله تعالى {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم} وكنت بالأندلس قد قرأت أكثر من كتب المقرئ الفاضل أبي عمر عثمان بن سعيد بن عثمان توفي سنة أربع وأربعين وأربعمائة فمن تأليفه: كتاب السنن الواردة بالفتن وغوائلها والأزمنة وفسادها والساعة وأشراطها، وهو مجلد مزج فيه الصحيح بالسقيم، ولم يفرق فيه بين نسر وظلم، وأتى بالموضوع وأعرض عما ثبت من الصحيح المسموع، فذكر الدابة في الباب الذي نصه باب ما روي أن الوقعة التي تكون بالزوراء وما يتصل بها من الوقائع والآيات والملاحم والطوام، وأسند ذلك «عن عبد الرحمن، عن سفيان الثوري، عن قيس بن مسلم، عن ربعي بن خداش، عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تكون وقيعة بالزوراء قالوا يا رسول الله وما الزوراء؟ قال: مدينة بالمشرق بين أنهارها يسكنها شرار خلق الله وجبابرة من أمتي تعذب بأربعة أصناف من العذاب.
ثم ذكر حديث خروج السفياني في ستين وثلاثمائة راكب حتى يأتي دمشق، ثم ذكر خروج المهدي قال واسمه أحمد بن عبد الله، وذكر خروج الدابة.
قال: قلت يا رسول الله: وما الدابة؟ قال: ذات وبر وريش عظمها ستون ميلاً ليس يدركها طالب ولا يفوتها هارب، وذكر يأجوج ومأجوج وأنهم ثلاثة أصناف: صنف مثل الأرز الطوال، وصنف آخر منهم عرضه وطوله سواء عشرين ومائة ذراع في عشرين ومائة ذراع في عشرين ومائة ذراع هم الذين لا يقوم لهم الحديد، وصنف يفترش إحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى» .
وهذه الأسانيد عن حذيفة في عدة أوراق ظاهرة الوضع والاختلاف، وفيها ذكر مدينة يقال لها [المقاطع] وهي على البحر الذي لا يحمل جارية قال لأنه ليس له قعر إلى أن قال حذيفة قال عبد الله بن سلام: والذي بعثك بالحق إن صفة هذه في التوراة طولها ألف ميل وعرضها خمسمائة ميل.
قال: «لارسول الله صلى الله عليه وسلم لها ستون وثلاثمائة باب يخرج من كل باب منها مائة ألف مقاتل» قال الحطافظ أبو الخطاب رضي الله عنه: ونحن نرغب عن تسويد الورق بالموضوعات فيه، ونثبت الصحيح الذي يقربنا من إله الأرضين والسموات، فعبد الرحمن الذي يرويه عن الثوري هو ابن هانئ أبو نعيم النخعي الكوفي قال يحيى بن معين: كذاب، وقال أحمد: ليس بشيء،
وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه، وقد رواه عن الثوري عمر بن يحيى بالسند المذكور آنفاً، وقال:«تعذب بأربعة أصناف بخسف ومسح وقذف» قال البرقاني ولم يذكر الرباع وعم ابن يحيى متروك الحديث.
وقد روى حديث الزوراء محمد بن زكريا الغلابي، وأسند «عن علي رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أما أن هلاكها على يد السفياني كأني والله بها قد صارت خاوية على عروشها» ، ومحمد بن ذكريا الغلابي قال أبو الحسن الدارقطني: كان يضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعظم هذه الدابة المذكورة، وطول يأجوج ومأجوج على تلك الصورة يدل على وضع هذا الحديث بالتصريح، ويقطع العاقل بأنه ليس بصحيح، لأنه مثل هذا القدر في العظم والطول يشهد على كذب واضعه في المنقول، وأي مدينة تسع طرقاتها دابة عرضها ستون ميلاً ارتفاعاً، وأي سبيل يضم يأجوج ومأجوج وأحدهم طولاً وعرضا مائتان وأربعون ذراعاً.
لقد اجترأ هذا الفاسق على الله العزيز الجبار بما اختلقه على نبيه المختار، فقد صح عنه بإجماع من أئمة الآثار أنه قال:«من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ثم يطرق إلينا تكذيب اليهود لنا فيما نقلناه عن توراتهم ويكذبوننا بسبب ذلك في كل حال» .
مسلم، «عن أم سلمة وسئلت عن الجيش الذي يخسف به، وكان ذلك في أيام ابن الزبير فقالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ بالبيت عائذ
فيبعث إليه بعث، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم، فقلت يا رسول الله: وكيف بما كان كارهاً؟ قال: يخسف به معهم، ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته» وقال أبو جعفر: هي بيداء المدينة.
وقال عبد العزيز بن رفيع: إنما قال ببيداء من الأرض قال كلا إنها والله لبيداء المدينة، «وعن عبد الله بن صفوان قال: أخبرتني حفصة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليؤمن هذا البيت جيش يغزونه حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأوسطهم وينادي أولهم آخرهم، ثم يخسف بهم فلا يبقى منهم إلا الشريد الذي يخبر عنهم» أخرجه ابن ماجه وزاد.
فلما جاء جيش الحجاج ظننا أنهم هم فقال رجل: أشهد أنك لم تكذب على حفصة، وإن حفصة لم تكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
«وعنه عن أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سيعوذ بهذا البيت يعني الكعبة قوم ليس لهم منعة ولا عدد ولاعدة يبعث