المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما جاء أن عثمان رضي الله عنه لما قتل سل سيف الفتنة - التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌باب النهي عن تمني الموت والدعاء به لضر نزل في المال والجسد

- ‌باب جواز تمني الموت والدعاء به خوف ذهاب الدين

- ‌باب ذكر الموت والاستعداد له

- ‌في أمور تذكر الموت والأخرة ويزهد في الدنيا

- ‌باب منه، وما يقال عند دخول المقابر وجواز البكاء عندها

- ‌باب المؤمن يموت بعرق الجبين

- ‌باب منه في خروج نفس المؤمن والكافر

- ‌باب ما جاء أن للموت سكرات وفي تسليم الأعضاء بعضها على بعض وفيما يصير الإنسان إليه

- ‌باب الموت كفارة لكل مسلم

- ‌باب لا يموت أحد وهو يحسن بالله الظن وفي الخوف من الله تعالى

- ‌باب تلقين الميت لا إله إلا الله

- ‌باب من حضر الميت فلا يلغو وليتكلم بخير وكيف الدعاء للميت إذا مات وفي تغميضه

- ‌باب منه وما يقال عند التغميض

- ‌باب ما جاء أن الميت يحضر الشيطان عند موته وجلساؤه في الدنيا وما يخاف من سوء الخاتمة

- ‌باب ما جاء في سوء الخاتمة وما جاء أن الأعمال بالخواتيم

- ‌بالب ما جاء في رسل ملك الموت قبل الوفاة

- ‌باب متى تنقطع معرفة العبد من الناس وفي التوبة وبيانها. وفي التائب من هو

- ‌باب لا تخرج روح عبد مؤمن أو كافر حتى يبشر وأنه يصعد بها

- ‌باب ما جاء في تلاقي الأرواح في السماء والسؤال عن أهل الأرض وفي عرض الأعمال

- ‌باب منه

- ‌باب في شأن الروح وأين تصير حين تخرج من الجسد

- ‌باب كيفية التوفي للموتى؟ واختلاف أحوالهم في ذلك

- ‌باب ما جاء في صفة ملك الموت عن قبض روح المؤمن والكافر

- ‌باب ما جاء أن ملك الموت عليه السلام هو القابض لأرواح الخلق وأنه يقف على كل بيت في كل يوم خميس مرات وعلى كل ذي روح كل ساعة وأنه ينظر في وجوه العباد كل يوم سبعين نظرة

- ‌باب ما جاء في سبب قبض ملك الموت لأرواح الخلق

- ‌باب ما جاء أن الروح إذا قبض تبعه البصر

- ‌باب ما جاء في تزاور الأموات في قبورهم واستحسان الكفن لذلك

- ‌باب الإسراع بالجنازة وكلامها

- ‌باب بسط الثوب على القبر عند الدفن

- ‌باب ما جاء في قراءة القرآن عند القبر حالة الدفن وبعده وأنه يصل إلى الميت ثواب ما يقرأ ويدعى ويستغفر له ويتصدق عليه

- ‌باب يدفن العبد في الأرض التي خلق منها

- ‌باب ما جاء أن كل عبد يذر عليه من تراب حفرته وفي الرزق والأجل، وبيان قوله تعالى " مخلقةً وغير مخلقةٍ

- ‌باب مايتبع الميت إلى قبره وبعد موته وما يبقى معه فيه

- ‌باب ما جاء في هول المطلع

- ‌باب ماجاء أن القبر أول منازل الآخرة وفي البكاء عنده، وفي حكمه والاستعداد له

- ‌باب ما جاء في اختيار البقعة للدفن

- ‌باب يختار للميت قوم صالحون يكون معهم

- ‌باب ما جاء أن الموتى يتزاورون في قبورهم واستحسان الكفن لذلك

- ‌باب ما جاء في كلام القبر كل يوم وكلامه للعبد إذا وضع فيه

- ‌باب ما جاء في ضغط القبر على صاحبه وإن كان صالحاً

- ‌باب منه وما جاء أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه وهم من شر الناس له

- ‌باب ما ينجي من ضغطة وفتنته

- ‌باب ما يقال عند وضع الميت في قبره وفي اللحد في القبر

- ‌باب الوقوف عن القبر قليلاً بعد الدفن والدعاء بالتثبيت له

- ‌باب ما جاء في تلقين الإنسان بعد موته شهادة الإخلاص في لحده

- ‌باب في نسيان أهل الميت ميتهم وفي الأمل والغفلة

- ‌باب في رحمة الله بعبده إذا أدخل في قبره

- ‌باب متى يرتفع ملك الموت عن العبد؟ وبيان قوله تعالى: " وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد " وقوله تعالى: " لتركبن طبقاً عن طبق

- ‌باب في سؤال الملكين للعبد وفي التعوذ من عذاب القبر وعذاب النار

- ‌باب ذكر حديث البراء المشهور الجامع لأحوال الموتى عند قبض أرواحهم وفي قبورهم

- ‌الرد على الملحدة

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌الفصل الخامس

- ‌الفصل السادس

- ‌باب ما جاء في صفة الملكين صلوات الله عليهما وصفة سؤالهما

- ‌باب اختلاف الآثار في سعة القبر على المؤمنين بالنسبة إلى أعمالهم

- ‌باب ما جاء في عذاب القبر وأنه حق وفي اختلاف عذاب الكافرين وفي قبورهم وضيقها عليهم

- ‌باب منه في عذاب الكافر في قبره

- ‌باب ما يكون منه عذاب القبر واختلاف أحوال العصاة فيه بحسب اختلاف معاصيهم

- ‌باب ماجاء في بشرى المؤمن في قبره

- ‌باب ما جاء في التعوذ من عذاب القبر وفتنته

- ‌باب ما جاء أن البهائم تسمع عذاب القبر

- ‌باب ما جاء أن الميت يسمع ما يقال

- ‌باب ما ينجي المؤمن من أهوال القبر وفتنته وعذابه

- ‌باب ما جاء أن الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي

- ‌باب ما جاء أن أرواح الشهداء في الجنة دون أرواح غيرهم

- ‌باب كم الشهداء؟ ولم سمي شهيداً؟ ومعنى الشهادة

- ‌باب ما جاء أن الإنسان يبلى ويأكله التراب إلا عجب الذنب

- ‌باب لا تأكل الأرض أجساد الأنبياء ولا الشهداء. وأنهم أحياء

- ‌باب في انقراض هذا الخلق وذكر النفخ والصعق وكم بين النفختين؟ وذكر البعث والنشر والنار

- ‌باب في قول الله تعالى

- ‌باب يفنى العباد ويبقى الملك الله وحده

- ‌باب البرزخ

- ‌باب ذكر النفخ الثاني للبعث في الصور

- ‌باب منه في صفة البعث وما آية ذلك في الدنيا وأول ما يخلق من الإنسان رأسه

- ‌باب في بعث النبي صلى الله عليه وسلم من قبره

- ‌باب ما جاء في بعث الأيام والليالي ويوم الجمعة

- ‌باب ما جاء أن العبد المؤمن إذا قام من قبره يتلقاه الملكان اللذان كانا معه في الدنيا وعمله

- ‌باب أين يكون الناس؟ " يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات

- ‌باب منه أمور تكون قبل الساعة

- ‌باب الحشر ومعناه الجمع

- ‌باب بيان الحشر إلى الموقف كيف هو وفي أرض المحشر

- ‌باب الجمع بين آيات وردت في الكتاب في الحشر ظاهرها التعارض

- ‌باب ما جاء في حشر الناس إلى الله عز وجل حفاة عراة غرلاً وفي أول من يكسى منهم وفي أول ما يتكلم من الإنسان

- ‌باب منه وبيان قوله تعالى: " لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه

- ‌الجزء الأول من باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من سره أن ينظر إلى يوم القيامة فليقرأ " إذا الشمس كورت " و" إذا السماء انفطرت " و" إذا السماء انشقت " وفي أسماء يوم القيامة

- ‌الجزء الثاني من باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من سره أن ينظر إلى يوم القيامة فليقرأ " إذا الشمس كورت " و" إذا السماء انفطرت " و" إذا السماء انشقت " وفي أسماء يوم القيامة

- ‌باب ما يلقي الناس في الموقف من الأهوال العظام والأمور الجسام

- ‌باب ما ينجي من أهوال يوم القيامة ومن كربها

- ‌باب في الشفاعة العامة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم لأهل المحشر

- ‌باب ما جاء أن هذه الشفاعة هي المقام المحمود

- ‌باب من أسعد الناس بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب ما جاء في تطاير الصحف عند العرض والحساب

- ‌باب في قوله تعالى " يوم تبيض وجوه وتسود وجوه

- ‌باب في قوله تعالى " ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه " الآية

- ‌باب ما يسأل عنه العبد وكيفية السؤال

- ‌باب ما جاء أن الله تعالى يكلم العبد ليس بينه وبينه ترجمان

- ‌باب القصاص يوم القيامة ممن استطال في حقوق الناس وفي حسبه لهم حتى ينصفوا منه

- ‌باب في إرضاء الله تعالى الخصوم يوم القيامة

- ‌باب أول من يحاسب أمة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌باب أول ما يحاسب عليه العبد من عمله: الصلاة وأول ما يقضى فيه بين الناس: الدماء، وفي أول من يدعى للخصومة

- ‌باب ما جاء في شهادة أركان الكافر والمنافق عليهما ولقائهما الله عز وجل

- ‌باب ما جاء في شهادة الأرض والليالي والأيام بما عمل فيها وعليها وفي شهادة المال على صاحبه وقوله تعالى: " وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد

- ‌باب لا يشهد العبد على شهادة في الدنيا إلا شهد بها يوم القيامة

- ‌باب ما جاء في سؤال الأنبياء وفي شهادة هذه الأمة للأنبياء على أممهم

- ‌باب ما جاء في الشهداء عند الحساب

- ‌باب ما جاء في شهادة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته

- ‌باب ما جاء في عقوبة مانعي الزكاة وفضيحة الغادر والغال في الموقف وقت الحساب

- ‌باب منه وذكر الولاة

- ‌باب ما جاء في حوض النبي صلى الله عليه وسلم في الموقف وسعته وكثره أوانيه وذكر أركانه ومن عليها

- ‌باب فقراء المهاجرين أول الناس ورود الحوض على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب ذكر من يطرد عن الحوض

- ‌باب ما جاء أن لكل نبي حوضاً

- ‌باب ما جاء في الكوثر الذي أعطيه صلى الله عليه وسلم في الجنة

- ‌أبواب الميزان باب ما جاء في الميزان وأنه حق

- ‌باب منه وبيان كيفية الميزان ووزن الأعمال فيه ومن قضى لأخيه حاجة

- ‌باب منه وذكر أصحاب الأعراف

- ‌باب إذا كان يوم القيامة تتبع كل أمة ما كانت تعبد فإذا بقي في هذه الأمة منافقون امتحنوا وضرب الصراط

- ‌باب كيف الجواز على الصراط وصفته ومن يحبس عليه ويزل عنه، وفي شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته عند ذلك، وفي ذكر القناطر قبله والسؤال عليها وبيان قوله تعالى: " وإن منكم إلا واردها

- ‌باب ما جاء في شعار المؤمنين على الصراط

- ‌باب فيمن لا يوقف على الصراط طرفة عين

- ‌باب ثلاثة مواطن لا يخطئها النبي صلى الله عليه وسلم لعظم الأمر فيها وشدته

- ‌باب في تلقي الملائكة للأنبياء وأممهم بعد الصراط وفي هلاك أعدائهم

- ‌باب ذكر الصراط الثاني وهو القنطرة التي بين الجنة والنار

- ‌باب من دخل النار من الموحدين مات واحترق ثم يخرجون بالشفاعة

- ‌باب فيمن يشفع لهم قبل دخول النار من أجل أعمالهم الصالحة وهم أهل الفضل في الدنيا

- ‌باب في الشافعين لمن دخل النار وما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع رابع أربعة وذكر من يبقى في جهنم بعد ذلك

- ‌باب منه في الشفعاء وذكر الجهنميين

- ‌باب معرفة المشفوع فيهم بأثر السجود وبياض الوجوه

- ‌باب ما يرجى من رحمة الله تعالى ومغفرته وعفوه يوم القيامة

- ‌باب منه وفي أول ما يقول الله تعالى للمؤمنين وفي أول ما يقولون له

- ‌باب حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات

- ‌باب احتجاج الجنة والنار وصفة أهلهما

- ‌باب منه في صفة أهل الجنة وأهل النار

- ‌باب ما جاء في أكثر أهل الجنة وأكثر أهل النار

- ‌باب ما جاء أن العرفاء في النار

- ‌باب لا يدخل الجنة صاحب مكس ولا قاطع رحم

- ‌باب ما جاء في أول ثلاثة يدخلون الجنة وأول ثلاثة يدخلون النار

- ‌باب ما جاء في أول من تسعر بهم جهنم

- ‌باب فيمن يدخل الجنة بغير حساب

- ‌باب أمة محمد صلى الله عليه وسلم شطر أهل الجنة وأكثر

- ‌باب في ذكر أبواب جهنم وما جاء فيها وفي أهوالها وأسمائها أجارنا الله منها برحمته وفضله إنه ولي ذلك والقادر عليه

- ‌باب ما جاء أن النار لما خلقت فزعت الملائكة حتى طارت أفئدتها

- ‌باب ما جاء في البكاء عند ذكر النار والخوف منها

- ‌باب ما جاء فيمن سأل الله الجنة واستجار به من النار

- ‌باب ما في تقرر من الكتاب والسنة

- ‌باب ما جاء في جهنم وأنها أدراك ولمن هي

- ‌باب ما جاء أن جهنم تسعر كل يوم وتفتح أبوابها إلا يوم الجمعة

- ‌باب ما جاء في قول الله تعالى " لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم

- ‌باب منه وفي بعد أبواب جهنم بعضها عن بعض وما أعد الله تعالى فيها من العذاب

- ‌باب ما جاء في عظم جهنم وأزمتها وكثرة ملائكتها وفي عظم خلقها وتفلتها من أيديهم وفي قمع النبي صلى الله عليه وسلم إياها وردها عن أهل الموقف

- ‌باب منه وفي كلام جهنم وذكر أزواجها وأنه لا يجوزها إلا من عنده جواز

- ‌باب ما جاء أن التسعة عشر خزنة جهنم

- ‌باب ما جاء في سعة جهنم وعظم سرادقها وبيان قوله تعالى " وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً مقرنين

- ‌باب ما جاء أن جهنم في الأرض وأن البحر طبقها

- ‌باب ما جاء في قوله تعالى " وإذا البحار سجرت " وما جاء أن الشمس والقمر يقذفان في النار

- ‌باب ما جاء في صفة جهنم وحرها وشدة عذابها

- ‌باب منه وما جاء في شكوى النار وكلامها وبعد قعرها وأهوالها وفي قدر الحجر الذي يرمى به فيها

- ‌باب ما جاء في مقامع أهل النار وسلاسلهم وأغلالهم وأنكالهم

- ‌باب منه وما جاء في كيفية دخول أهل النار النار

- ‌باب منه في رفع لهب النار أهل النار حتى يشرفوا على أهل الجنة

- ‌باب ما جاء أن في جهنم جبالاً وخنادق وأودية وبحاراً وصهاريج وآبارً وجباباً وتنانير وسجوناً وبيوتاً وجسوراً وقصوراً وأرحاء ونواعير وحيات أجارنا الله منها وفي وعيد من شرب الخمر والمسكر وغيره

- ‌باب منه: وفي بيان قوله تعالى: " فلا اقتحم العقبة " وفي ساحل جهنم ووعيد من يؤذي المؤمنين

- ‌باب ما جاء في قوله تعالى " وقودها الناس والحجارة

- ‌باب ما جاء في تعظيم جسد الكافر وأعضائه بحسب اختلاف كفره وتوزيع العذاب على العاصي المؤمن بحسب أعمال الأعضاء

- ‌باب ما جاء في شدة عذاب أهل المعاصي وإذا يتهم أهل النار بذلك

- ‌باب منه وفي عذاب من عذب الناس في الدنيا

- ‌باب ما جاء في شدة عذاب من أمر بالمعروف ولم يأته ونهى عن المنكر وأتاه، وذكر الخطباء، وفيمن خالف قوله فعله وفي أعوان الظلمة كلاب النار

- ‌باب ما جاء في طعام أهل النار وشرابهم ولباسهم

- ‌باب منه وما جاء أن أهل النار يجوعون ويعطشون وفي دعائهم وإجابتهم

- ‌باب ما جاء في بكاء أهل النار ومن أدناهم عذابا فيها

- ‌باب ما جاء أن لكل مسلم فداء من النار من الكفار

- ‌باب في قوله تعالى " وتقول هل من مزيد

- ‌باب ذكر آخر من يخرج من النار وآخر من يدخل الجنة وفي تعيينه وتعيين قبيلته واسمه

- ‌باب منه وما جاء في خروج الموحدين من النار وذكر الرجل الذي ينادي: يا حنان يا منان، وبيان قوله تعالى: " إنها عليهم مؤصدة. في عمد ممددة "، وفي أحوال أهل النار

- ‌باب منه ـ وذكر الرجل الذي ينادي: يا حنان يا منان، وبيان قوله تعالى " فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون. على الأرائك ينظرون. هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون

- ‌باب ما جاء في ميراث أهل الجنة منازل أهل النار

- ‌باب ما جاء في خلود أهل الدارين وذبح الموت على الصراط ومن يذبحه

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم ـ أبواب الجنة وما جاء فيها وفي صفتها ونعيمها

- ‌باب صفة أهل الجنة في الدنيا

- ‌باب منه ـ وهل تفضل جنة جنة

- ‌باب صغة الجنة ونعيمها وما أعد الله لأهلها فيها

- ‌باب ما جاء في أنهار الجنة وجبالها وما جاء في الدنيا منها

- ‌باب منه وما جاء في رفع هذه الأنهار آخر الزمان عند خروج يأجوج ومأجوج، ورفع القرآن والعلم

- ‌باب من أين تفجر أنهار الجنة

- ‌باب ما جاء أن الخمر شراب أهل الجنة ومن شربه في الدنيا لم يشربه في الآخرة وفي لباس أهل الجنة وآنيتهم

- ‌باب ما جاء في أشجار الجنة وفي ثمارها وما يشبه ثمر الجنة في الدنيا

- ‌باب في كسوة الجنة وكسوة أهلها

- ‌باب ما جاء أن شجر الجنة وثمارها تنفتق عن ثياب الجنة وخيلها ونجبها

- ‌باب ليس في الجنة شجرة إلا وساقها من ذهب

- ‌باب ما جاء في نخيل الجنة وثمرها وخيرها

- ‌باب في الزرع في الجنة

- ‌باب ما جاء في أبواب الجنة وكم هي؟ ولمن هي؟ وفي تسميتها وسعتها

- ‌باب ما جاء في درج الجنة وما يحصلها للمؤمن

- ‌باب ما جاء في غرف الجنة ولمن هي

- ‌باب ما جاء في قصور الجنة ودورها وبيوتها وبما ينال ذلك المؤمن

- ‌باب ما جاء في قوله تعالى: " وفرش مرفوعة

- ‌باب ما جاء في خيام الجنة وأسواقها وتعارف أهل الجنة في الدنيا وعبادتهم فيها

- ‌باب لا يدخل الجنة أحد إلا بجواز

- ‌باب أول الناس يسبق إلى الجنة الفقراء

- ‌باب منه في الحور العين وكلامهن وجواب نساء الآدميات وحسنهن

- ‌باب ما جاء أن الأعمال الصالحة مهور الحور العين

- ‌باب في الحور العين ومن أي شيء خلقن

- ‌باب إذا ابتكر الرجل امرأة في الدنيا كانت زوجته في الآخرة

- ‌باب ما جاء أن في الجنة أكلاً وشراباً ونكاحاً حقيقة ولا قذر فيها ولا نقص ولا نوم

- ‌باب المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة واحدة

- ‌باب ما جاء أن كل ما في الجنة دائمر لا يبلى ولا يفنى ولا يبيد

- ‌باب ما جاء أن المرأة من أهل الجنة ترى زوجها من أهل الدنيا في الدنيا

- ‌باب ما جاء في طير الجنة وخيلها وإبلها

- ‌باب ما جاء أن الحناء سيد ريحان الجنة وأن الجنة حفت بالريحان

- ‌باب ما جاء أن الشاة والمعزى من دواب الجنة

- ‌باب ما جاء أن للجنة ربضاً وريحاً وكلاماً

- ‌باب ما جاء في أن الجنة قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله

- ‌باب ما جاء أن الذكر نفقة بناء الجنة

- ‌باب ما لأدنى أهل الجنة ولا لأعلاهم

- ‌باب رضوان الله تعالى لأهل الجنة أفضل من الجنة

- ‌باب رؤية أهل الجنة لله تعالى أحب إليهم مما هم فيه وأقر لأعينهم

- ‌باب منه وفي سلام الله تعالى عليهم

- ‌باب منه وبيان قوله تعالى " ولدينا مزيد

- ‌نبذ من أقوال العلماء في تفسير كلمات وآيات من القرآن وردت في ذكر الجنة وأهلها

- ‌باب ما جاء في أطفال المسلمين والمشركين

- ‌باب منه وفي ثواب من قدم ولدا

- ‌باب ما جاء في نزل أهل الجنة وتحفهم إذا دخلوها

- ‌باب ما جاء أن مفتاح الجنة لا إله إلا الله والصلاة

- ‌باب الكف عمن قال: لا إله إلا الله

- ‌باب ما جاء أن المؤمن حرام دمه وماله وعرضه وفي تعظيم حرمته عند الله تعالى

- ‌باب إقبال الفتن ونزولها كمواقع القطر والظلل ومن أين تجيء والتحذير منها وفضل العبادة عندها

- ‌باب ما جاء في رحى الإسلام ومتى تدور

- ‌باب ما جاء أن عثمان رضي الله عنه لما قتل سل سيف الفتنة

- ‌باب ـ لايأتي زمان إلا والذي بعده شر منه وفي ظهور الفتن

- ‌باب ما جاء في الفرار من الفتن وكسر السلاح وحكم المكره عليها

- ‌باب منه والأمر بلزوم البيوت عند الفتن

- ‌باب منه وكيف التثبت في الفتنة والاعتزال عنها وفي ذهاب الصالحين

- ‌باب الأمر بتعليم كتاب الله واتباع ما فيه ولزوم جماعة المسلمين عند غلبة الفتن وظهورها وصفة دعاة آخر الزمان والأمر بالسمع والطاعة للخليفة وإن ضرب الظهور وأخذ المال

- ‌باب منه إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار

- ‌باب جعل الله بأس هذه الأمة بينها

- ‌باب ـ ما يكون من الفتن وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم بها

- ‌باب ذكر الفتنة التي تموج موج البحر وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " هلاك أمتي على يد أغيلمة من سفهاء قريش

- ‌باب ما جاء في بيان مقتل الحسين رضي الله عنه ولا رضي عن قاتله

- ‌باب ما جاء أن اللسان في الفتنة أشد من وقع السيف

- ‌باب الأمر بالصبر عند الفتن وتسليم النفس للقتل عندها والسعيد من جنبها

- ‌باب ـ جعل الله في أول هذه الأمة عافيتها وفي آخرها بلاءها

- ‌باب جواز الدعاء بالموت عند الفتن وما جاء أن بطن الأرض خير من ظهرها

- ‌باب أسباب الفتن والمحن والبلاء

- ‌باب منه وما جاء أن الطاعة سبب الرحمة والعافية

- ‌أبواب الملاحم ـ باب أمارات الملاحم

- ‌باب ما ذكر في ملاحم الروم وتواترها وتداعي الأمم على أهل الإسلام

- ‌باب منه وبيان قوله تعالى " حتى تضع الحرب أوزارها

- ‌باب ما جاء في قتال الترك وصفتهم

- ‌باب في سياقة الترك للمسلمين وسياقة المسلمين لهم

- ‌باب منه وما جاء في ذكر البصرة والأيلة وبغداد والإسكندرية

- ‌باب ما جاء في فضل الشام وأنه معقل من الملاحم

- ‌باب ما جاء أن الملاحم إذا وقعت بعث الله جيشاً يؤيد به الدين

- ‌باب ما جاء في المدينة ومكة وخرابهما

- ‌باب ـ في الخليفة الكائن في آخر الزمان المسمى بالمهدي وعلامة خروجه

- ‌باب ـ منه في المهدي وخروج السفياني عليه وبعثه الجيش لقتاله وأنه الجيش الذي يخسف به

- ‌باب منه آخر في المهدي وذكر من يوطئ له ملكه

- ‌باب منه آخر في المهدي وصفته واسمه وإعطائه ومكثه وأنه يخرج مع عيسى عليه السلام فيساعده على قتال الدجال

- ‌باب منه في المهدي ومن أين يخرج وفي علامة خروجه وأنه يبايع مرتين ويقاتل السفياني ويقتله

- ‌باب ما جاء أن المهدي يملك جبل الديلم والقسطنطينية ويستفتح رومية وأنطاكية وكنيسة الذهب وبيان قوله تعالى " فإذا جاء وعد أولاهما " الآية

- ‌باب ما جاء في فتح القسطنطينية من أين تفتح وفتحها علامة خروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام وقتله إياه

- ‌باب أشراط الساعة وعلاماتها

- ‌باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " بعثت أنا والساعة كهاتين

- ‌باب أمور تكون بين يدي الساعة

- ‌باب كيف يقبض العلم

- ‌باب ما جاء أن الأرض تخرج ما في جوفها من الكنوز والأموال

- ‌باب في ولاة آخر الزمان وصفتهم وفيمن ينطق في أمر العامة

- ‌باب إذا فعلت هذه الأمة خمس عشرة خصلة حل بها البلاء

- ‌باب في رفع الأمانة والإيمان عن القلوب

- ‌باب في ذهاب العلم ورفعه وما جاء أن الخشوع والفرائض أول علم يرفع من الناس

- ‌باب في دروس الإسلام وذهاب القرآن

- ‌باب العشر آيات التي تكون قبل الساعة وبيان قوله تعالى: " اقتربت الساعة وانشق القمر

- ‌باب ما جاء أن الآيات بعد المائتين

- ‌باب ما جاء فيمن يخسف به أو يمسخ

- ‌باب ـ ذكر الدجال وصفته ونعته

- ‌فصل ـ الإيمان بالدجال وخروجه حق

- ‌باب ما يمنع الدجال أن يدخله من البلاد إذ خرج

- ‌باب منه وما جاء أنه إذا خرج يزعم أنه الله ويحصر المؤمنين في بيت المقدس

- ‌باب منه وفي عظم خلق الدجال وعظم فتنته وسبب خروجه وصفة حماره وسعة خطوه وفي حصره المسلمين في جبال الدخان وكم ينكث في الأرض وفي نزول عيسى عليه السلام وقت السحر لقتل الدجال ومن اتبعه

- ‌باب منه آخر في خروج الدجال وما يجيء به من الفتن والشبهات وسرعة سيره في الأرض وكم يلبث فيها، وفي نزول عيسى عليه السلام ونعته كم يكون في الأرض يومئذ من الصلحاء وفي قتله الدجال واليهود وخروج يأجوج ومأجوج وموتهم، وفي حج عيسى وتزويجه ومكثه في ا

- ‌فصل في الاختلاف في لفظة المسيح حواري عيسى عليه السلام إذا نزل

- ‌باب ما جاء في أن حواري عيسى عليه السلام إذا نزل ـ هم أصحاب الكهف وفي حجهم معه

- ‌باب ما جاء أن عيسى إذا نزل يجد في أمة محمد صلى الله عليه وسلم خلقاً من حواريه

- ‌باب ما جاء أن الدجال لا يضر مسلماً

- ‌باب ما ذكر من أن ابن صياد: الدجال واسمه صاف ويكنى أبا يوسف وسبب خروجه وصفة أبويه وأنه على دين اليهود

- ‌فصل في اختلاف الناس في ابن صياد

- ‌باب في ما جاء في نقب يأجوج ومأجوج السد وخروجهم وصفتهم وفي لباسهم وطعامهم وبيان قوله تعالى " فإذا جاء وعد ربي جعله دكاً

- ‌باب ذكر الدابة وصفتها ومتى تخرج ومن أين تخرج وكم لها من خرجة وصفة خروجها وما معها إذا خرجت وحديث الجساسة وما فيها من ذكر الدجال قال الله تعالى: " وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم

- ‌باب طلوع الشمس من مغربها وإغلاق باب التوبة وكم يمكث الناس بعد ذلك

- ‌باب خراب الأرض والبلاد قبل الشام

- ‌باب لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله

- ‌باب على من تقوم الساعة

الفصل: ‌باب ما جاء أن عثمان رضي الله عنه لما قتل سل سيف الفتنة

الحسن عليه السلام معاوية إلى إنقضاء بني أمية من المشرق نحو من سبعين سنة وانتقاله إلى بني العباس والدين الملة والسلطان ومن قوله تعالى {ليأخذ أخاه في دين الملك} أي في سلطانه.

وقوله: «تدور رحى الإسلام» دوران الرحى كناية عن الحرب والقتال شبهها بالرحى الدائرة التي تطحن لما يكون فيها من قبض الأرواح وهلاك الأنفس.

‌باب ما جاء أن عثمان رضي الله عنه لما قتل سل سيف الفتنة

الترمذي عن ابن أخي عبد الله بن سلام قال: لما أريد عثمان رضي الله عنه جاء عبد الله بن سلام فقال له عثمان بن عفان رضي الله عنه: ما جاء بك؟ قال: جئت في نصرتك.

قال: اخرج إلى الناس فاطردهم عني فإنك خارجاً خير لي من داخل.

قال: فخرج عبد الله بن سلام إلى الناس فقال: أيها الناس إنه كان في الجاهلية اسمي فلان بن فلان فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، ونزلت في آيات من كتاب الله تعالى نزلت {وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} ونزلت في {قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب} إن الله سيفاً مغموداً عنكم وإن الملائكة قد جاورتكم في بلدكم

ص: 1070

هذا الذي نزل فيه نبيكم، فالله الله في هذا الرجل أن تقتلوه، فوالله إن قتلتموه لتطردن جيرانكم الملائكة ولتسلن سيف الله المغمود عنكم فلا يغمد إلى يوم القيامة.

قال: فقالوا اقتلوا اليهودي واقتلوا عثمان.

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.

قلت: ومثل هذا من عبد الله لا يكون إلا عن علم من الكتاب أعني التوراة على ما يأتي أو سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، وسيأتي قول حذيفة لعمران: إن بينك وبينها باباً مغلقاً يوشك أن يكشر.

فصل

قال العلماء بالسير والأخبار: إنه دخل على أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه في الدار جماعة من الفجار منهم: كنانة بن بشر التجيبي فأشعره مشقصاً أي قتله به فافتضح الدم على المصحف ووقع على قوله تعالى {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} وقيل ذبحه رجل من أهل مصر يقال له عمار، وقيل ذبحه رومان، وقيل قتله الموت الأسود يقال له أيضاً الدم الأسود من طغاة مصر، فقطع يده، فقال عثمان: أما والله إنها لأول كف خطت في المصحف، وهذه البلوى التي ثبتت في الصحيح «عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم

ص: 1071

دخل حائطاً وأمرني بحفظ باب الحائط، فجاء رجل يستأذن فقال: ائذن له وبشره بالجنة فإذا أبو بكر ثم جاء آخر يستأذن، فقال: ائذن له وبشره بالجنة فإذا عمر، ثم جاء آخر يستأذن فسكت هنيهة ثم قال ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه، فإذا عثمان بن عفان» .

لفظ البخاري ذكره في مناقب عثمان.

وقد قيل: إن الصحيح في مقتله رضي الله عنه أنه لم يتعين له قاتل معين بل أخلاط الناس وهم رعاع جاءوا من مصر ومن غير قطر، وجاء الناس إلى عثمان فيهم عبد الله بن عمر متقلداً سيفه وزيد بن ثابت، فقال له زيد بن ثابت: إن الأنصار بالباب يقولون إنشئت كنا أنصار الله مرتين.

قال: لا حاجة لي في ذلك كفواً، وكان معه في الدار الحسن والحسين وابن عمر وعبد الله بن الزبير وأبو هريرة وعبد الله بن عامر بن ربيعة ومروان بن الحكم كلهم يحملون السلاح، فعزم عليهم في وضع أسلحتهم وخروجهم ولزوم بيتهم، فقال له الزبير ومروان: نحن نعزم على أنفسنا أن لا نبرح، فضاق عثمان رضي الله عنه من الحصار ومنع من الماء حتى أفطر على ماء البحر الملح.

قال الزبير بن بكار: حاصروه شهرين وعشرين يوماً، وقال الواقدي حاصروه تسعة وأربعين يوماً ففتح الباب فخرج الناس وسلموا له راية في إسلام نفسه.

ص: 1072

قال سليط بن أبي سليط: فنهانا الإمام عثمان عن قتالهم ولو أذن لنا لضربناهم حتى نخرجهم من أقطارها ودخلوا عليه في أصح الأقوال، وقتله من شاء الله من سفلة الرجال.

وروى أبو عمر بن عبد البر «عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادعوا لي بعض أصحابي، فقلت أبو بكر؟ قال: لا.

فقلت: عمر؟ فقال: لا.

فقلت: ابن عمك؟ قال: لا.

فقلت عثمان.

قال: نعم.

فلما جاءه قال لي بيده فتنحيت، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يساره ولون عثمان يتغير، فما كان يوم الدار وحصر عثمان قيل له ألا نقاتل عنك قال: لا.

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي عهداً وأنا صابر عليه» .

وفي الترمذي «عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يا عثمان لعل الله يقمصك قميصاً فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه لهم» قال: هذا حديث حسن غريب.

وفيه «عن ابن عمر قال: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فتنة فقال: يقتل فيها هذا مظلوماً لعثمان» وقال حديث حسن غريب.

ص: 1073

ويروى أنه دخل عليه عبد الله بن عمر بن الخطاب قال انظر ما يقول هؤلاء يقولون اخلع نفسك أو نقتلك قال له: أمخلد أنت في الدنيا؟ قال: لا فهل يزيدون على أن يقتلوك؟ قال: لا.

قال: هل يملكون لك جنة أو ناراً.

قال: لا.

قال: فلا تخلع قميص الله عليك فيكون سنة كلما كره قوم خليفة خلعوه وقتلوه.

واختلف في سنه رضي الله عنه حين قتله من قتله من الفجار ـ أدخلهم الله بحبوحة النار ـ فقيل: قتل وهو ابن ثمان وثمانين وقيل ابن تسعين سنة، وقال قتادة: قتل عثمان وهو ابن ست وثمانين وقيل غير هذا.

وقتل مظلوماً كما شهد له بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وجماعة أهل السنة وألقي على مزبلة، فأقام فيها ثلاثة أيام لم يقدر أحد على دفنه، حتى جاء جماعة بالليل خفية فحملوه على لوح وصلوا عليه ودفن في موضع من البقيع يسمى حوش كوكب، وكان مما حبسه عثمان رضي الله عنه وزاده في البقيع، وكان إذا مر به يقول يدفن فيك رجل صالح.

وكان هو المدفون فيه وعمي قبره لئلا يعرف، وقتل يوم الجمعة لثماني ليال خلون من ذي الحجة يوم التروية سنة خمس وثلاثين قاله الواقدي.

وقيل ليلتين بقيتا من ذي الحجة،

ص: 1074

وكانت خلافته إحدى عشر سنة إلا أياماً اختلف فيها رضي الله عنه.

وقيل إن المتعصبين على عثمان رضي الله عنه من المصريين ومن تابعهم من البلدان كانوا أربعة آلاف، وبالمدينة يومئذ أربعون ألفاً.

وقد اختلف العلماء فيمن نزل به مثل نازلة عثمان ألحقه الله جناح المغفرة والرضوان هل يلقى بيده أو يستنصر، فأجاز جماعة من الصحابة والتابعين وفقهاء المسلمين أن يستسلم وهو أحد قولي الشافعي، وقال بعض العلماء: لا يسلم بيده بل يستنصر ويقاتل ولكل من القولين وجه ودليل، وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

وقال بعض العلماء: ولو اجتمع أهل المشرق والمغرب على نصرة عثمان لم يقدروا على نصرته، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنذره في حياته فأعلمه بالبلوى التي تصيبه، فكان ذلك من المعجزات التي أخبر بوقوعها بعد موته صلى الله عليه وسلم وما قال رسول الله شيئاً قط إلا كان.

وقال حسان بن ثابت:

قتلتم ولي الله في جوف داره

وجئتم بأمر جائر غير مهتد

فلا ظفرت إيمان قوم تعاونوا

على قتل عثمان الرشيد المسدد

وخرج مسلم في صحيحه قال: وحدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن حاتم قالا: حدثنا معاذ بن جبل قال: حدثنا ابن عوف عن محمد قال: قال جندب جئت يوم الجرعة، فإذا رجل جالس فقلت له ليهراقن اليوم ههنا

ص: 1075

دم.

فقال ذلك الرجل: كلا والله.

قلت: بلى والله.

قال: كلا والله.

قلت: بلى والله.

قال ثلاثاً كلا إنه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنيه قلت: بئس الجليس لي أنت منذ اليوم تسمعني أخالفك، وقد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تنهني ثم قلت: ما هذا الغضب فأقبلت عليه أسائله فإذا الرجل حذيفة.

والجرعة: موضع بجهة الكوفة على طريق الحيرة قيده الحفاظ بفتح الجيم والراء، وقيده بعض رواة الحفاظ بإسكان الراء وهو يوم خرج فيه أهل الكوفة متألبين متعصبين ليردوا إلى عثمان بن عفان، وهو سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس، وكتبوا إلى عثمان لا حاجة لنا في سعيدك ولا وليدك، وكان رده سنة أربع وثلاثين، وكتبوا إلى عثمان ان يولي عليهم أبا موسى الأشعري، فلم يزل والياً عليهم إلى أن قتل عثمان ولما سمع بقتله يعلى بن أمية التميمي الحنظلي أبو صفوان، أبي هريرة يقال له خالد أسلم يوم الفتح وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنيناً والطائف وتبوك وكان صاحب الجند وصنعاء أقبل لينصره، فسقط عن بعيره في الطريق فانكسرت فخذه فقدم مكة بعد انقضاء الحج فخرج إلى المسجد وهو كسير على سرير، واستشرف إليه الناس واجنمعوا فقال: من خرج يطلب بدم عثمان فعلي جهازه فأعان الزبير بأربعمائة ألف وحمل سبعين رجلاً من قريش، وحمل رضي الله عنها على جمل أذب ويقال أذب لكثرة وبره اشتراه ابن أمية الحنظلي بمائتي دينار.

قاله ابن عبد البر

ص: 1076

في الاستيعاب، وقال ابن شبة في كتاب الجمل له: اشتراه بثمانين ديناراً والأول أصح واسمه عسكر.

وذكر ابن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني اسماعيل بن إبراهيم عن أبيه قال: كان عبد الله بن أبي ربيعة عاملاً لعثمان على صنعاء، فلما بلغه خبر عثمان أقبل سريعاً لينصره، فلقيه صفوان بن أمية وصفوان على فرس، وعبد الله بن أبي ربيعة على بغلة، فدنا منها الفرس فحادت فطرحت ابن أبي ربيعة فكسرت فخذه، فقدم مكة بعد الضرر وعائشة بمكة يومئذ تدعو إلى الخروج تطلب دم عثمان، فأمر بسرير فوضع له سرير في المسجد ثم حمل فوضع على سريره، فقال: أيها الناس من خرج في طلب دم عثمان فعلي جهازه.

قال: فجهز ناساً كثيراً وحملهم ولم يستطع إلى الجمل لما كان برجله.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني محمد بن عبد الله ابن عبيد عن أبي مليكة، عن عبد الله بن أبي السائب قال: رأيت عبد الله بن أبي ربيعة على سرير في المسجد الحرام يحض الناس على الخروج في طلب دم عثمان ويحمل ما جاء.

انتهى كلام ابن سعد في الطبقات ولا تعارض والحمد لله، فإنه يحتمل أن يكون خرجا جميعاً في نصرة عثمان فكسروا أو اجتمعا بمكة وجعلا يجهزان من يخرج، والله أعلم.

ص: 1077

وكانت عائشة رضي الله عنها حاجة في السنة التي قتل فيها عثمان، وكانت مهاجرة له، فاجتمع طلحة والزبير ويعلى وقالوا لها بمكة: عسى أن تخرجي رجاء أن يرجع الناس إلى أمهم ويراعوا نبيهم وهي تمتنع عليهم، فاحتجوا عليها بقوله تعالى {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس} وقالوا لها: إن المتألبين على عثمان بالبصرة كثير فبلغت الأقضية مقاديرها.

فاصطف الناي للقتال ورموا علياً وأصحابه بالنبال، فقال علي: لا ترموا بسهم ولا تضربوا بسيف ولا تطعنوا برمح، فرمى رجل من عسكر القوم بسهم فقتل رجلاً من أصحاب علي فأتى به إلى علي فقال: اللهم أشهد ثم رمي آخر، فقتل رجلاً من أصحاب علي، فقال علي: اللهم أشهد ثم رمي آخر، فقال علي اللهم اشهد، وقد كان علي نادى الزبير يا أبا عبد الله: ادن إلي اذكرك كلاماً سمعته أنا وأنت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: علي الأمان.

فقال: على الأمان فبرز فأذكره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له وقد وجدهما يضحكان بعضهما إلى بعض «أما أنك ستقاتل علياً وأنت له ظالم» فقال الزبير:

ص: 1078

اللهم إني ما ذكرت هذا إلا في هذه الساعة وثنى عنان فرسه لينصرف، فقال له ابنه عبد الله: إلى أين؟ قال: أذكرني علي كلاماً قاله له رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: كلا ولكنك رأيت سيوف بني هاشم حداداً ويحملها حداداً ويحملها رجال شداد.

قال: ويلك ومثلي يعير بالجبن هلم الرمح، فأخذ الرمح وحمل في أصحاب علي، فقال علي: افرجو للشيخ فإنه محرج، فشق الميمنة والميسرة والقلب ثم رجع وقال لابنه: لا أم لك أبفعل هذا جبان وانصرف.

وقامت الحرب على ساق، وبلغت النفوس إلى التراق، فأفرجت عن ثلاثة وثلاثين ألف قتيل، وقيل عن سبعة عشر ألفاً وفيه اختلاف فيهم.

من الأزد أربعة آلاف، ومن ضبة ألف ومائة وباقيهم من سائر الناس كلهم من أصحاب عائشة.

وقتل فيها من أصحاب علي نحو من ألف رجل وقيل أقل، وقطع على خطام الجمل سبعون يداً من بني ضبة كلما قطعت يد رجل أخذ الزمام آخر وهم ينشدون:

نحن بنو ضبة أصحاب الجمل

ننازل الموت إذا الموت نزل

والموت أشهى عندنا من العسل

وكان الجمل للراية إلى أن عقر الجمل، وكانوا قد ألبسوه الأدراع، وقال جملة من أهل العلم: إن الوقعة بالبصرة بينهم كانت على غير عزيمة منهم على الحرب، بل فجأة وعلى سبيل دفع كل واحد من الفريقين

ص: 1079

عن أنفسهم لظنه أن الفريق الآخر قد غدر به، لأن الأمر كان انتظم بينهم على الصلح والتفريق على الرضا، فخاف قتلة عثمان من التمكن منهم والإحاطة بهم، فاجتمعوا وتشاوروا واختلفوا ثم اتفقت آراؤهم على أن يفترقوا فريقين ويبدوا في الحرب شجرة في العسكرين وتختلف السهام بينهم ويصيح الفريق الذي في عسكر علي غدر طلحة والزبير، والذي في عسكر طلحة والزبير غدر علي، فتم لهم ما أرادوا ودبروه ونشبت الحرب، فكان كل فريق دافعاً لمكرته عند نفسه ومانعاً من الإشاطة بدمه وهذا صواب من الفريقين وطاعة الله إذ وقع القتال والامتناع منهما على هذا السبيل، وهذا هو الصحيح المشهور، وكان قتالهم من ارتفاع النهار يوم الخميس إلى قريب العصر لعشر ليال خلون من جمادي الآخرة سنة ست وثلاثين.

وفي صحيح مسلم من كتاب الفتن «عن ابن عمر قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة فقال: رأس الكفر من ها هنا من حيث يطلع قرنا الشيطان» يعني المشرق وقيل: هذا بنصف ورقة بأسانيد منها عن عبد الله بن عمر القواريري ومحمد بن المثنى باضطراب في بيت حفصة، ثم قال وقال عبد الله بن سعيد في روايته قام رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 1080

عند باب عائشة فقال بيده نحو المشرق «الفتنة ها هنا من حيث يطلع قرنا الشيطان» قالها مرتين أو ثلاثاً.

وذكر الإمام أحمد بن حنبل في مسنده في الخامس عشر من مسند عائشة رضي الله عنها قال: حدثني محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن إسماعيل بن ابي خالد عن قيس بن أبي حازم أن عائشة رضي الله عنها لما أتت الحوبة سمعت نباح الكلاب فقالت: ما أظنني ألا راجعة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: «أيتكن تنبح كلاب الحوأب» فقال لها الزبير: ترجعين عسى الله أن يصلح لك بين الناس.

وروى أبو بكر بن أبي شيبة قال: «حدثنا وكيع بن الجراح، عن عصام بن قدامة، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيتكن صاحبة الجمل الأذيب يقتل حولها قتلى كثيرة وتنجو بعد ماكادت» وهذا حديث ثابت صحيح رواه الإمام المجمع على عدالته وقبول روايته الإمام أبو بكر عبد الله بن أبي شيبة، وكذلك وكيع مجمع على عدالته وحفظه وفقهه عن عصام وهو ثقة عدل فيما ذكر أبو عمر بن عبد البر في كتاب الاستيعاب له، عن عكرمة وهو عند أكثر العلماء ثقة عالم وهذا الحديث من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم وهو إخباره بالشيء قبل كونه.

وقوله [الأذيب] أراد الأذب، فأظهر التضعيف والعجب من القاضي أبي بكر بن العربي كيف أنكر هذا الحديث في كتبه.

منها في كتاب العواصم من القواصم، وذكر أنه لا يوجد أصلاً وأظهر

ص: 1081

لعلماء المحدثين بإنكاره غباوة وجهلاً، وشهرة هذا الحديث أوضح من فلق الصبح وأجلى، وقد رواه أبو عمر بن عبد البر في كتاب الاستيعاب فقال حدثنا سعيد بن نصر قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا محمد بن وضاح قال: حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، فذكره بسنده المتقدم.

وروى أبو جعفر الطبري قال: لما خرجت عائشة رضي الله عنها من البصرة طالبة المدينة بعد انقضاء الحرب جهزها علي رضي الله عنه جهازاً حسناً، وأخرج معها من أراد الخروج واختار عليها أربعين امرأة معروفات من نساء البصرة، وجهز معها أخاها محمداً وكان خروجها من البصرة يوم السبت غرة رجب سنة ست وثلاثين وشيعها علي رضي الله عنه على أميال وسرح معها بنيه يوماً.

فصل:

فإن قيل: فلم ترك علي القصاص من قتلة عثمان؟ فالجواب إنه لم يكن ولي دم، وإنما كان أولياء الدم أولاد عثمان وهم جماعة: عمرو وكان أسن ولد عثمان وأبان وكان محدثاً فقيهاً وشهد الجمل مع عائشة والوليد بن عثمان، وكان عنده مصحف عثمان الذي كان في حجره حين قتل، ومنهم الوليد بن عثمان.

ذكر ابن قتيبة في المعارف أنه كان صاحب شارب وفتوة ومنهم

ص: 1082

سعيد بن عثمان وكان والياً لمعاوية على خرسان، فهؤلاء بنو عثمان الحاضرون في ذلك الوقت، وهم أولياء الدم غيرهم ولم يتحاكم إلى علي أحد منهم ولا نقل ذلك عنهم، فلو تحاكموا إليه لحكم بينهم إذكان أقضى الصحابة للحديث المروي فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وجواب ثان: أنه لم يكن في الدار عدلان يشهدان على قاتل عثمان بعينه، فلم يكن له أن يقتل بمجرد دعوى في قاتل بعينه، ولا إلى الحاكم في سبيل ذلك مع سكوت أولياء الدم عن طلب حقهم، ففي تركهم له أوضح دليل، وكذلك فعل معاوية حين تمت له الخلافة وملك مصر وغيرها بعد أن قتل علي رضي الله عنه لم يحكم على واحد من المتهمين بقتل عثمان بإقامة قصاص، وأكثر المتهمين من أهل مصر والكوفة والبصرة وكلهم تحت حكمه وأمره ونهيه وغلبته وقهره، وكان يدعي المطالبة بذلك قبل ملكه ويقول: لا نبايع من يؤوي قتلة عثمان ولا يقتص منهم والذي كان يجب عليه شرعاً أن يدخل في طاعة علي رضي الله عنه حين انعقدت خلافته في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومهبط وحية ومقر النبوة وموضع الخلافة بجميع من كان فيها من المهاجرين والأنصار يطوع منهم وارتضاء واختيار، وهم أمم لا يحصون وأهل عقد وحل، والبيعة تنعقد بطائفة من أهل الحل والعقد، فلما بويع له رضي الله عنه طلب أهل الشام في شرط البيعة التمكن من قتلة عثمان، وأخذ القود منهم، فقال لهم علي عليه السلام: ادخلوا في البيعة واطلبوا الحق تصلوا إليه فقالوا لا تستحق بيعة وقتلة عثمان معك نراهم صباحاً ومساء، وكان علي في ذلك أسد رأياً

ص: 1083

واصوب قيلاً، لأن علياً لو تعاطى القود معهم لتعصب لهم قبائل وصارت حرباً ثالثة، فانتظر بهم إلى أن يستوثق الأمر وتنعقد عليه البيعة ويقع الطلب من الأولياء في مجلس الحكم فيجري القضاء بالحق.

قال ابن العربي أبو بكر ولا خلاف بين الأمة أنه يجوز للإمام تأخير القصاص إذا أدى إلى إثارة فتنة أو تشتيت الكلمة، وكذلك جرى لطلحة والزبير فإنهما ماخلعا علياً من ولاية ولا اعتراضاً عليه في ديانة، وإنما رأوا أن البداية بقتل أصحاب عثمان أولى.

وذكر ابن وهب قال: حدثني حرملة بن عمران عن يزيد بن أبي حبيب أنه سمعه يحدث محمد بن أبي زياد الثقفي قال: اصطحب قيس بن خرشة وكعب الكناني حتى إذا بلغا صفين وقف كعب ثم نظر ساعة فقال: لا إله إلا الله ليهراقن في هذه البقعة من دماء المسلمين ما لم يهرق ببقعة من الأرض، فغضب قيس ثم قال: وما يدريك يا أبا إسحاق ما هذا، فإن هذا من الغيب الذي استأثر الله تعالى به، فقال كعب: ما من سبر من الأرض إلا هو مكتوب في التواراة التي أنزل الله على موسى بن عمران ما يكون عليه إلى يوم القيامة.

أخبرنا شيخنا القاضي لسان المتكلمين أبو عامر بن الشيخ الفقيه الإمام أبي الحسين بن عبد الرحمن بن ربيع الأشعري إجازة عن شيخه المحدث الثقة المؤرخ أبي القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال قال: حدثنا جماعة من شيوخنا رحمهم الله.

منهم الفقيه المفتي أبو محمد بن عنان قال: أنبأنا الإمام أبو عمر بن عبد البر فيما أجازه لنا بخطه قال: حدثنا خلف بن القاسم قال: حدثنا عبد الله بن عبد البر قال: حدثنا أحمد بن يحيى قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج قال: حدثني خالد أبو الربيع وأحمد بن صالح وأحمد بن عمر وابن السرح ويحيى بن سليمان قال: حدثني ابن وهب فذكره.

ص: 1084

وأحمد بن محمد بن الحجاج هو ابن رشيد بن سعد أبو جعفر مصري قال أبو أحمد بن عدي: كذبوه وأنكرت عليه أشياء ومحمد بن يزيد بن أبي زياد مجهول.

قاله الدارقطني وباقي السند ثقات معرفون.

وأما وقعة صفين فإن معاوية لما بلغه مسير أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه إليه من العراق خرج من دمشق حتى ورد صفين في النصف من المحرم، فسبق إلى سهولة المنزل وسعة المناخ وقريب الماء من الفرات وبنى قصراً لبيت ماله.

وصفين صحراء ذات كدى وأكمأت، وكان أهل الشام قد سبقوا إلى المشرعة من سائر الجهات ولم يكن ثم مشرعة سواها للواردين والواردات، فمنعت علياً رضي الله عنه إياها وحمتها تلك الكماة، فذكرهم بالمواعظ الحسنة والآيات، وحذرهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم فيمن منع فضل الماء بالفلاة، فردوا قوله وأجابوا بألسنة الطغاة إلى أن قاتلهم بالقواضب والسمهريات، فلما غلبهم عليها رضي الله عنه أباحها للشاربين والشاربات، ثم بنى مسجداً على تل

ص: 1085

بأعلى الفرات ليقيم فيه مدة مقامه فرائض الصلوات لفضل صلاة الجماعة على صلاة الفرد بسبع وعشرين من الدرحات على ما ثبت في الصحيح من رواية ابن عمر وغيره من الصحابة العدول الثقاة، وحضرها مع علي جماعة من البدريين، ومن بايع تحت الشجرة من الصحابة المرضيين، وكان مع علي رايات كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل المشركين، وكان مقام علي رضي الله عنه ومعاوية بصفين سبعة أشهر، وقيل تسعة، وقيل ثلاثة أشهر، وكان بينهم قبل القتال نحو من سبعين زحفاً وقتل في ثلاثة أيام من أيام البيض وهي ثلاث عشرة وأربعة عشرة وخمسة عشرة ثلاثة وسبعون ألفاً من الفريقين.

وذكره الثقة العدل أبو إسحاق وإبراهيم بن الحسين الكساي الهمداني المعروف بابن ديزيل وهو الملقب بسفينة، وسفينة طائر إذا وقع على الشجرة لم يقم عنها ويترك فيها شيئاً، وهو في تلك الليالي هي ليله الهرير جعل يهر بعضهم على بعض.

والهرير: الصوت يشبه النباح لأنهم تراموا بالنبل حتى فنيت، وتطاعنوا الرماح حتى اندقت وتضاربوا بالسيوف حتى انقضت، ثم نزل القوم يمشي بعضهم إلى بعض قد كسروا جفون سيوفهم واضطربوا بما بقي من السيوف وعمد الحديد، فلا تسمع إلا غمغمة القوم والحديد في الهام، ولما صارت السيوف كالمناجل

ص: 1086

بالحجارة، ثم جثوا على الركب فتحاثوا بالتراب، ثم تكادموا بالأفواه وكسفت الشمس وثار القتام وارتفع الغبار وضلت الألوية والرايات ومرت أوقات أربع صلوات، لأن القتال كان بعد صلاة الصبح واقتتلوا إلى نصف الليل، وذلك في شهر ربيع الأول سنة تسع وثلاثين.

قال الإمام أحمد بن حنبل في تاريخه وقال غيره في شهر ربيع الأول.

وكان أهل الشام يوم صفين خمسة وثلاثين ومائة وألفاً، وكان أهل العراق عشرين أو ثلاثين ومائة وألفاً.

ذكره الزبير بن بكار أبو عبد الله القاضي العدل قال: حدثني عمر بن أبي بكر المؤملي، عن زكريا بن عيسى، عن ابن شهاب، عن محمد بن عمرو بن العاص وكان من شهد صفين وأبلى فيه وفيه يقول:

فلو شهدت جمل مقامي ومشهدي

بصفين يوماً شاب منها الذوائب

غداة أتى أهل العراق كأنهم

من البحر لج موجه متراكب

وجئناهم نمشي كأن صفوفنا

سحائب غيث رفعتها الجنائب

ويروى: شهاب حريق رفعته الجنائب.

وقالوا لنا إنا نرى أن تبايعوا

علياً فقلنا بل نرى أن نضارب

وطارت إلينا بالرماح كماتهم

وطرنا إليهم بالأكف قواضب

إذا نحن قنا استهزموا عرضت لنا

كتائب منهم واشمأزت كتائب

فلا هم يولون الظهور فيدبروا

فراراً كفعل الخادرات الدرائب

ص: 1087

قال ابن شهاب: فأنشدت عائشة رضي الله عنها أبياته هذه، فقالت ما سمعت بشاعر أصدق شعراً منه.

قال الحافظ ابن دحية: قوله: بل نرى أن نضارب أن هنا مخففة من الثقيلة محذوفة الاسم تقديره أننا نضارب، وقوله [كفعل الخادرات الدرائب] الخادرات: الأسود يقال أسود خادر، كأن الأجمة له خدر، فمعناه أنهم لا يدبرون كالأسود التي لا تدبر عن فرائسها، لأنها قد ضربت بها ودربت عليها والدربة الضراوة.

يقال: درب يدرب ورفع الدرائب لأنها بدل من الضمير في يدبروا.

قال: والإجماع منعقد على أن طائفة الإمام طائفة عدل، والأخرى طائفة بغي ومعلوم أن علياً رضي الله عنه كان الإمام.

وروى مسلم في صحيحه قال: «حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار واللفظ لابن مثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر: حدثنا شعبة عن أبي سلمة قال: سمعت أبا نضرة يحدث عن أبي سعيد الخدري قال: أخبرني من هو خير مني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار حين جعل يحفر الخندق جعل يمسح راسه ويقول: بوس بن سمية تقتلك فئة باغية» .

وخرجه أيضاً من حديث إسحاق بن إبراهيم، وإسحاق بن منصور، ومحمد بن غيلان، ومحمد بن قدامة قالوا: أخبرنا النضر بن شميل، عن شعبة، عن أبي سلمة بهذا الإسناد نحوه غير أن في حديث النضر قال أخبرني من هو خير مني أبو قتادة وله طرق غير هذا في صحيح مسلم.

وقال أبو عمر بن عبد البر في كتاب الاستيعاب له في ترجمة عمار وتواترت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يقتل عمار الفئة الباغية» وهو من أصح الأحاديث.

ص: 1088

وقال فقهاء الإسلام فيما حكاه الإمام عبد القاهر في كتاب الإمامة من تأليفه، وأجمع فقهاء الحجاز والعراق من فريقي الحديث والرأي منهم مالك والشافعي وأبو حنيفة والأوزاعي، والجمهور الأعظم من المتكلمين إلى أن علياً مصيب في قتاله لأهل صفين كما فالوا بإصابته في قتل أصحاب الجمل، وقالوا أيضاً بأن الذين قاتلوه بغاة ظالمون له، ولكن لا يجوز تكفيرهم ببغيهم.

وقال الإمام أبو منصور التيمي البغدادي في كتابه الفرق من تأليفه في شان القصة عقيدة أهل السنة وأجمعوا أن علياً كان مصيباً في قتاله لأهل صفين كما قالوا بإصابته في قتل أصحاب الجمل، وقالوا أيضاً: بأن الذين قاتلوه بغاة ظالمون له ولكن لا يجوز تكفيرهم ببغيهم.

وقال الإمام أبو منصور التيمي البغدادي في كتاب الفرق في بيان عقيدة أهل السنة: وأجمعوا أن علياً كان كصيباً في قتال أهل الجمل: أعني طلحة والزبير وعائشة بالبصرة، وأهل صفين: أعني معاوية وعسكره.

وقال الإمام أبو المعالي في كتاب الإرشاد فصل: علي رضي الله عنه كان إماماً حقاً في توليته، ومقاتلوه بغاة وحسن الظن بهم يقتضي أن يظن بهم قصد الخير وإن أخطأوه، فهو آخر فصل ختم به كتابه، وحسبك يقول سيد المرسلين وإمام المتقين لعمار رضي الله عنه «تقتلك الفئة الباغية» .

وهو من أثبت الأحاديث كما تقدم ولما لم يقدر معاوية على إنكاره لثبوته عنده قال: إنما قتله من أخرجه، ولو كان حديثاً فيه شك لرده معاوية وامكره وأكذب ناقله وزوره.

وقد أجاب علي رضي الله عنه عن قول معاوية بان قال: فرسول الله صلى الله عليه وسلم اذن قتل حمزة حين أخرجه، وهذا من علي رضي الله عنه إلزام لا جواب عنه وحجة لا اعتراض عليها.

ص: 1089