الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نذكر كم ليلة نعمنا
…
في ظلها والزمان عيد
وكم ينير همى علينا
…
سحابة ثرة بجود
كل كأن لم يكن تقضى
…
وشؤمه حاضر عتيد
حصله كاتب حفيظ
…
وضمه صادق شهيد
يا حسرتا إن تنكبتنا
…
رحمة من بطشه شديد
يا رب عفواً فأنت مولى
…
قصر في حقه العبيد
باب في سؤال الملكين للعبد وفي التعوذ من عذاب القبر وعذاب النار
البخاري «عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العبد إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه.
إنه ليسمع قرع نعالهم أتام ملكان فيقعد أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله عليه وسلم؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله تعالى به مقعداً من الجنة فيراهما جميعاً» .
قال قتادة: وذكر لنا أنه يفسح له في قبره أربعون ذراعاً.
وقال مسلم: سبعون ذراعاً.
ويملأ عليه خضراً إلى يوم يبعثون ثم رجع إلى حديث أنس قال: «وأما المنافق والكافر فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس.
فيقال: لا دريت ولا تليت.
ويضرب بمطارق من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين» .
قلت: ليس عند مسلم، ثم رجع إلى حديث أنس إلى آخره وإنما هو عند البخاري.
فحديثه أكمل.
وقول الملكين: ولا تليت:
قال النحويون: الأصل في هذه الكلمة: الواو.
أي ولا تلوت إلا أنها قلبت ياء ليتبع بها دريت.
وقد جاء من حديث البراء: [لا دريت ولا تلوث] على ما رواه الإمام أحمد بن حنبل: أي لم تدر ولم تتل القرآن.
فلم تنتفع بدرايتك ولا تلاوتك.
ابن ماجه، «عن أبي هريرة عن النبي قال: إن الميت يصير إلى القبر فيجلس الرجل الصالح في قبره غير فزع ولا مشغوف، ثم يقال له: فيم كنت؟ فيقول: كنت في الإسلام! فيقال: ما هذا الرجل؟ فيقول: محمد رسول الله، جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه.
فيقال له: هل رأيت الله؟ فيقول: لا، ما ينبغي لأحد أن يرى الله! فيفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً، فيقال له: انظر إلى ما وقاك الله، ثم يفرج له فرجة قبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال له: هذا مقعدك» .
ويقال له: على اليقين
كنت.
وعليه مت.
وعليه تبعث إن شاء الله تعالى، ويجلس الرجل السوء في قبره فزعاً مرعوباً فيقال له: فيما كنت؟ فيقول: لا أدري.
فيقال له: ما هذا الرجل؟ فيقول: سمعت الناس يقولون قولاً فقلته.
فيفرج له فرجة قبل الجنة فينظروا إلى زهرتها وما فيها.
فيقال له انظر إلى ما صرفه الله عنك، ثم يفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً، فيقال: هذا مقعدك على الشك كنت.
وعليه مت.
وعليه تبعث إن شاء الله تعالى «.
الترمذي» عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أقبر الميت ـ أو قال أحدكم ـ أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر.
وللآخر النكير.
فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول ما كان يقول فيه: هو عبد الله ورسوله أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول هذا، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعاً في سبعين، ثم ينور له فيه، ثم يقال له: نم.
فيقول: أرجع إلى أهلي فأخبرهم، فيقولان: ثم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك.
وإن كان منافقاً قال: سمعت الناس يقولون قولاً.
فقلت مثله: لا أدري.
فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول ذلك فيقال للأرض: التئمي
عليه.
فتختلق أضلاعه.
فلا يزال فيها فيها معذباً حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك «قال حديث حسن غريب.
أبو داود» عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلاً نخلاً لبني النجار، فسمع صوتاً ففزع، فقال: من أصحاب هذه القبور؟ قالوا: يا رسول الله ناس ماتوا في الجاهلية، فقال: تعوذوا بالله من عذاب القبر.
ومن فتنة الدجال قالوا: ومم ذاك يا رسول الله؟ قال: إن المؤمن إذا وضع في قبره أتاه ملك، فيقول له: ما كنت.
تعبد؟ فإن هداه الله.
قال: كنت أعتبد الله فيقال: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول هو عبد الله ورسوله.
فما يسأل عن شيء غيرها.
فينطلق به إلى بيت كان له في النار.
فيقال له: هذا بيتك كان في النار، ولكن عصمك ورحمك فأبدلك بيتاً في الجنة فيقول دعوني حتى أذهب فأبشر أهلي فيقال له: اسكن.
وإن الكافر إذا وضع في قبره أتاه ملك فينتهره ويقول: ما كنت تعبد؟ فيقول: لا أدري كنت أقول كما يقول الناس.
فيضرب بمطارق من حديد بين
أذنيه فيصيح صيحة يسمعها الخلق غير الثقلين «.
وخرج أبو داود أيضاً» عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار.
فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير وفي يده عود ينكت به في الأرض فرفع رأسه فقال: استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثاً، قال: وإنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين حين يقال له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ قال: ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله، فيقولان له: وما يدريك؟ قال: قرأت كتاب الله فآمنت وصدقت «قال: فينادي مناد من السماء: أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة.
وألبسوه من الجنة.
وافتحوا له باباً إلى الجنة قال: فيأتيه من روحها وطيبها قال: ويفسح له مد بصره.
قال: وإن الكافر فذكر موته قال: وتعاد روحه في
جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه.
لا أدري.
فيقولان: ما هذا الرسول الذي بعث فيكم؟ فيقول هاه هاه.
لا أدري.
قال: فينادي مناد: أن كذب عبدي.
فأفرشوه من النار، وألبسوه من النار، وافتحوا له باباً إلى النار قال: فيأتيه من حرها وسمومها قال: ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه» زاد في حديث جرير قال: «ثم يقيض له أعمى أبكم معه مرزبة من حديد لو ضرب بها جبل لصار تراباً قال: فيضربه بها ضربة يسمعها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين فيصير تراباً، ثم تعاد فيه الروح» .
فصل: ذكره أبو حامد في كتاب كشف علم الآخرة: وقد روى عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله: ما أول ما يلقى الميت إذا دخل قبره؟ قال: يا ابن مسعود ما سألني عنه أحد إلا أنت.
فأول ما يناديه ملك اسمه رومان يجوس خلال المقابر فيقول: يا عبد الله اكتب عملك.
فيقول: ليس معي دواة ولا قرطاس فيقول: هيهات كفنك قرطاسك، ومدادك ريقك، وقلمك إصبعك.
فيقطع له قطعة من كفنه.
ثم يجعل العبد يكتب، وإن كان غير كاتب في الدنيا.
فيذكر حينئذ حسناته وسيئاته كيوم واحد، ثم يطوى الملك القطعة ويعلقها في عنقه.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قوله تعالى: {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه} أي:
عمله، فإذا فرغ من ذلك دخل عليه فتانا القبر، وهما ملكان أسودان، يخرقان الأرض بأنيابهما، لهما شعور مسدولة يجرانها على الأرض، كلامها كالرعد القاصف، وأعينهما كالبراق الخاطف، ونفسهما كالريح العاصف، بيد كل واحد منهما مقمع من حديد لو اجتمع عليه الثقلان ما رفعاه، لو ضرب به أعظم جبل لجعله دكاً، فإذا أبصرتهما النفس ارتعدت، وولت هاربة فتدخل في منخر الميت فيحيا الميت من الصدر ويكون كهيأته عند الغرغرة، ولا يقدر على حراك، غير أنمه يسمع وينظر قال: فيقعدانه فيبتدئانه بعنف وينتهرانه بجفاء وقد صار التراب له كالماء حيثما تحرك انفسح فيه ووجد فرجة فيقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ وما قبلتك؟ فمن وفقه الله وثبته بالقول الثابت قال: ومن وكلكما علي؟ ومن أرسلكما إلي؟ وهذا لا يقوله إلا العلماء الأخيار.
فيقول أحدهما للآخر: صدق.
كفي سرنا ثم يضربان عليه القبر كالقبة العظيمة، ويفتحان له بابا إلى الجنة من تلقاء يمينه، ثم يفرشان له من حريرها وريحانها ويدخل عليه من نسيمها وروحها وريحانها ويأتيه عمله في صورة أحب الأشخاص إليه، يؤنسه ويحدثه ويملأ قبره نوراً، ولا يزال في فرح وسرور ما بقيت الدنيا حتى تقوم الساعة، ويسأل: متى تقوم الساعة؟ فليس شيء أحب إليه من قيامها.
ودونه في المنزلة المؤمن
العامل الخير ليس معه حظ من العلم ولا من أسرار الملكوت يلج عليه عمله عقيب رومان في أحسن صورة طيب الريح، حسن الثياب، فيقول له: أما تعرفني؟ فيقول: من أنت الذي من الله علي بك في غربتي؟ فيقول: أنا عملك الصالح، فلا تحزن ولا توجل فعما قليل يلج عليك منكر ونكير يسألانك فلا تدهش، ثم يلقنه حجته فبينما هو كذلك، إذ دخلا عليه فينتهرانه ويقعدانه مستنداً ويقولان: من ربك؟ ـ نسق الأول ـ فيقول: الله ربي، ومحمد نبيي، والقرآن إمامي، والكعبة قبلتي، وإبراهيم أبي، وملته ملتي، غير مستعجم، فيقولان له: صدقت، ويفعلان به كالأول إلا أنهما يفتحان له باباً إلى النار فينظر إلى حياتها وعقاربها وسلاسلها وأغلالها وحميمها وجميع غمومها وصديدها وزقومها فيفزع فيقولان له: لا عليك سوء.
هذا موضعك قد أبدله الله تعالى بموضعك هذا من الجنة.
نم سعيداً ثم يغلقان عنه باب هذا النار ولم يدر ما مر عليه من الشهور والأعوام والدهور.
ومن الناس من يحجم في مسألته.
فإن كانت عقيدته مختلفة امتنع أن يقول: الله ربي وأخذ غيرها من الألفاظ فيضربانه ضربة يشتعل منها قبره ناراً ثم تطفأ عنه أياماً.
ثم تشتعل عليه أيضاً.
هذا دأبه ما بقيت الدنيا.
ومن الناس من يعتاص عليه ويعسر أن يقول: الإسلام ديني لشك كان يتوهمه، أو فتنة تقع
به عند الموت فيضربانه ضربة واحدة فيشتعل عليه قبره ناراً كالأول، ومن الناس من يعتاص عليه أن يقول: القرآن إمامي.
لأنه كان يتلوه ولا يتعظ به.
ولا يعمل بأوامره ولا ينتهي بنواهيه يطوف عليه دهره ولا يعطي منه نفسه خيره فيفعل له ما يفعل بالأولين، ومن الناس من يستحيل عمله جرواً يعذب في قبره على قدر جرمه» .
وفي الأخبار: أن في الناس من يستحيل عمله خنوصاً ـ وهو ولد الخنزير ـ ومن الناس من يعتاص عليه أن يقول: نبيي محمد لأنه كان ناسياً لسنته، ومن الناس من يعتاص عليه أن يقول: الكعبة قبلتي لقلة تحريه في صلاته، أو فساده في وضوئه، أو التفات في صلاته، أو اختلال في ركوعه وسجوده، ويكفيك ما روي في فضائلها، أن الله لا يقبل صلاة من عليه صلاة، ومن عليه ثوب حرام، ومن الناس من يعتاص عليه أن يقول: إبراهيم أبي لأن سمع كلاماً يوماً أو همه أن إبراهيم كان يهودياً أو نصرانياً.
فإذا هو شاك مرتاب، فيفعل به ما يفعل بالآخرين.
وقال أبو حامد: وكل هذه الأنواع كشفناها في كتاب الأحياء.
وأما الفاجر فيقولان له: من ربك؟ فيقول: لا أدري! فيقولان له: لا دريت ولا عرفت ثم يضربانه بتلك المقامع حتى يتلجلج في الأرض السابعة، ثم تنقضه الأرض في قبره.
ثم يضربانه سبع مرات.
ثم تفترق أحوالهم.
فمنهم من يستحيل عمله كلباً ينهشه حتى تقوم الساعة، وهم الخوارج، ومنهم من يستحيل خنزيراً يعذب به في قبره وهم المرتابون، وهم أنواع وأصله أن الرجل إنما يعذب في قبره بالشيء الذي كان يخافه في الدنيا.
فمن الناس من
يخاف من الجرو أكثر من الأسد وطبائع الخلق متفرقة نسأل الله السلامة والغفران.
قبل الندامة.
فصل: جاء في حديث البخاري ومسلم: سؤال الملكين، وكذلك في حديث الترمذي ونص على اسميهما ونعتها.
وجاء في حديث أبي داود: سؤال ملك واحد، وفي حديثه الآخر: سؤال ملكين ولا تعارض في ذلك والحمد لله: بل كان ذلك صحيح المعني بالنسبة إلى الأشخاص قرب شخص يأتيانه جميعاً ويسألانه جميعاً في حال واحد عند انصراف الناس ليكون السؤال عليه أهون والفتنة في حقه أشد وأعظم وذلك بحسب ما اقترف من الآثام واجترح من سيء الأعمال وآخر يأتيه قبل انصراف الناس عنه وآخر يأتيه أحدهما على الانفراد فيكون ذلك أخف
في السؤال وأقل في المراجعة والعتاب لما عمله من صالح الأعمال.
وقد يحتمل حديث أبي داود وجهاً آخر وهو: أن الملكين يأتيان جميعاً ويكون السائل أحدهما، وإن تشاركا في الإتيان فيكون الراوي اقتصر على الملك السائل وترك غيره لأنه لم يقل في الحديث أنه لا يأتيه إلى قبره إلا ملك واحد، ولو قاله هكذا صريحاً لكان الجواب عنه ما قدمناه من أحوال الناس.
والله أعلم، وقد يكون من الناس من يوقى فتنتهما ولا يأتيه أحد منهما على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
واختلفت الأحاديث أيضاً في كيفية السؤال والجواب.
وذلك بحسب اختلاف أحوال الناس، فمنهم من يقتصر على سؤاله عن بعض اعتقاداته، ومنهم من يسأل عن كلها فلا تناقص.
ووجه آخر هو: أن يكون بعض الرواة اقتصر على بعض السؤال وأتى به غيره على الكمال.
فيكون الإنسان مسؤولاً عن الجميع.
كما جاء في حديث البراء المذكور والله أعلم.
وقول المسؤول: هاه هاه هي حكاية صوت المبهور من تعب أو جري أو حمل ثقيل.