الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الطبري: معنى {قدم صدق عند ربهم} عمل صالح.
وقيل: هو السابقة الحسنة، فدل على أن القدم ليس حقيقة في الجارحة، والله الموفق.
قال ابن فورك وقال بعضهم: القدم خلق من خلق الله يخلقه يوم القيامة فيسميه قدماً، ويضيفه إليه من طريق الفعل يضعه في النار فتمتلئ النار منه، والله أعلم.
قلت: وهذا نحو مما قلناه في الرجل.
قال الشاعر:
فمر بنا رجل من الناس وانزوى
…
إليهم من الحي اليماني أرجل
قبائل من لخم وعك وحمير على
…
ابني نزار بالعداوة أحفل
وقال آخر:
يرى الناس أفواجاً إلى باب داره
…
كأنهم رجلاً دباً وجراد
فيوم لإلحاق الفقير بذي الغنى
…
ويوم رقاب بوكرت بحصاد
الدبا: الجراد قبل أن يطير، والله أعلم.
باب ذكر آخر من يخرج من النار وآخر من يدخل الجنة وفي تعيينه وتعيين قبيلته واسمه
مسلم «عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني
لأعلم آخر أهل النار خروجاً منها، وآخر أهل النار دخولاً الجنة، رجل يخرج من النار حبواً فيقول الله تعالى.
اذهب فادخل الجنة فيأتيها، فيخيل إليه أنها ملأى، فيقول يا رب وجدتها ملأى، فيقول الله: اذهب فادخل الجنة، فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى، فيرجع فيقول: يا رب وجدتها ملأى، فيقول: اذهب فادخل الجنة، فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها أو أن لك عشرة أمثال الدنيا، قال فيقول.
أتسخر بي؟ أو أتضحك بي وأنت الملك؟ قال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه، قال: فكان يقال ذلك أدنى أهل الجنة منزلة» .
وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «آخر من يدخل الجنة رجل، فهو يمشي مرة، ويكبو مرة، وتسفعه النار مرة، فإذا جاوزها التفت إليها، فقال: تبارك الذي نجاني منك، لقد أعطاني الله شيئاً ما أعطاه أحداً من الأولين والآخرين، فترفع له شجرة فيقول: أي رب أدنني من هذه الشجرة فلأستظل بظلها وأشرب من مائها، فيقول الله تعالى: يا ابن آدم لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها فيقول: لا يا رب! ويعاهد أن لا يسأله غيرها، وربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها فيستظل بظلها ويشرب من مائها.
ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى، فيقول: أي رب أدنني من هذه لأشرب من مائها وأستظل بظلها، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم: لعلي إن أديتك منها تسألني غيرها؟ فيعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه يعذره، لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها، فإذا منها ترفع له شجرة عند باب الجنة أحسن من الأوليين، فيقول مثله.
فيدنيه منها، فإذا أدناه منها سمع أصوات أهل الجنة، فيقول: أي رب أدخلينها.
فيقول: يا ابن آدم ما يصريني منك؟ أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟ فيقول: أي رب أتستهزئ بي، وأنت رب العالمين؟
فضحك ابن سمعود فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟ فقالوا مم تضحك؟ قال: هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: مم تضحك يا رسول الله؟ قال: من ضحك رب العالمين، فيقول: إني لا أستهزئ منك ولكني على ما أشاء قادر» .
وقال ابن عمر «عن النبي صلى الله عليه وسلم: آخر من يدخل الجنة رجل من جهينة، يقال له جهينة، تقول أهل الجنة: عند جهينة الخبر اليقين» .
ذكره الميانشي أبو حفص عمر ابن عبد المجيد القرشي في كتاب الاختيار له في الملح من الأخبار والآثار.
ورواه أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، «من حديث عبد الملك بن الحكم قال: حدثنا مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن آخر من يدخل الجنة رجل من جهينة، فيقول أهل الجنة: عند جهينة الخبر اليقين سلوه.
هل بقي من الخلائق أحد» ؟ ورواه الدراقطني أيضاً في كتاب رواه مالك، ذكره السهيلي.
وقد قيل: إن اسمه هناد، والله أعلم.
فصل: قوله: أتستهزئ مني؟ ـ وفي رواية: أتسخر؟ ـ والهزوء، والسخرية بمعنى واحد، وفيه تأويلان.
أحدهما: أنه صدر منه هذا القول عند غلبة الفرح عليه واستخفافه إياه، كما غلط الذي قال:[اللهم أنت عبدي وأنا ربك] خرجه مسلم.
الثاني: أن يكون معناه: أتجازيني على ما كان مني في الدنيا من قلة احتفالي بأعمالي، وعدم مبالاتي بها؟ فيكون هذا على وجه المقابلة، كما قال الله تعالى مخبراً عن المنافقين {إنما نحن مستهزئون * الله يستهزئ بهم} أي ينتقم منهم ويجازيهم على استهزائهم،