الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أعاذنا الله منها بمنه وكرمه.
باب منه في رفع لهب النار أهل النار حتى يشرفوا على أهل الجنة
يروى أن لهب النار يرفع أهل النار حتى يطير كما يطير الشرر، فإذا رفعهم أشرفوا علىأهل الجنة وبينهم حجاب، فينادي أصحاب الجنة أصحاب النار {أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً} الآية.
وينادي أصحاب النار أصحاب الجنة حين يروا الأنهار تطرد بينهم {أن أفيضوا علينا من الماء} الآية، فتردهم ملائكة العذاب بمقامع الحديد إلى قعر النار.
قال بعض المفسرين: هو معنى قول الله تعالى: {لما أرادوا أن يخرجوا منها، أعيدوا فيها} ذكره أبو محمد عبد الحق في كتاب العاقبة له.
قال: ولعلك تقول: كيف يرى أهل الجنة أهل النار وأهل النار أهل الجنة؟ وكيف يسمع بعضهم كلام بعض وبينهم ما بينهم من المسافة وغلظ الحجاب؟ فيقال لك: لا تقل هذا، فإن الله تعالى يقوي أسماعهم وأبصارهم حتى يرى بعضهم بعضاً ويسمع بعضهم كلام بعض.
وهذا قريب في القدرة.
باب ما جاء أن في جهنم جبالاً وخنادق وأودية وبحاراً وصهاريج وآبارً وجباباً وتنانير وسجوناً وبيوتاً وجسوراً وقصوراً وأرحاء ونواعير وحيات أجارنا الله منها وفي وعيد من شرب الخمر والمسكر وغيره
الترمذي «عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصعود
جبل من نار يصعد فيه الكافر سبعين خريفاً ويهوي فيه كذلك أبداً» قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة.
وقد تقدم «من حديث أنس: أن من مات سكران فإنه يبعث يوم القيامة سكران إلى خندق في وسط جهنم يسمى السكران» واختلف العلماء في تأويل قوله تعالى {فويل} فذكر ابن المبارك، «أخبرنا رشدين ابن سعد، عن عمر بن الحارث أنه حدثه عن أبي السمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ويل: واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفاً قبل أن يبلغ قعره» .
والصعود: جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفاً ثم يهوي فيه كذلك.
قال: وأخبرنا سعيد بن أبي أيوب عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار قال: الويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر، لو سيرت فيه الجبال لماعت من حره.
قال: وأخبرنا سفيان عن زياد بن فياض، عن أبي عياض أنه قال: الويل: مسيل في أصل جهنم.
وذكر ابن عطية في تفسيره عن أن الويل صهريج في جهنم من صديد أهل النار.
قال: وحكى الزهراوي عن آخرين: أنه باب من أبواب جهنم.
وقال أبو سعيد الخدري: إنه واد بين جبلين يهوي فيه الهاوي أربعين خريفاً، ذكره ابن عطية، وقد تقدم رفعه.
وخرجه الترمذي أيضاً مرفوعاً «عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الويل: واد في وسط جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفاً قبل أن يبلغ قعره» .
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث ابن لهيعة.
وقال ابن زيد في قوله تعالى {وظل من يحموم} اليحموم: جبل في جهنم يستغيث إلى ظله أهل النار.
{لا بارد} بل حار لأنه من دخان شفير جهنم.
{ولا كريم} أي لا عذب، عن الضحاك.
وقال سعيد بن المسيب: ولا حسن منظره.
وذكر ابن وهب، عم مجاهد في قوله تعالى {موبقاً} قال: واد في جهنم يقال له موبق.
وقال عكرمة: هو نهر في جهنم يسيل ناراً على حافتيه حيات مثل البغال الدهم، فإذا سارت إليهم لتأخذهم استغاثوا منها بالاقتحام في النار.
وقال أنس بن مالك: هو واد في جهنم من قيح ودم.
وقال نوف البكالي في قوله تعالى: {وجعلنا بينهم موبقاً} قال: واد في جهنم بين أهل الضلالة وبين أهل الإيمان.
وعن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سئلت عن قول الله عز وجل {فسوف يلقون غياً} قالت: نهر في جهنم.
واختلفوا في الفلق في قوله تعالى {قل أعوذ برب الفلق} فروى ابن عباس أنه سجن في جهنم، وقال كعب: هو بيت في جهنم، إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره، ذكره أبو نعيم.
وذكر أبو نعيم عن حميد بن هلال قال: حدثت أن في جهنم تنانير ضيقها كضيق زج أحدكم في الأرض، تضيق على قوم بأعمالهم.
ابن المبارك، أخبرنا إسماعيل بن عياش، حدثنا ثعلبة بن مسلم، عن أيوب بن بشير، عن شقي الأصبحي قال: إن في جهنم جبلاً يدعى صعوداً، يطلع فيه الكافر أربعين خريفاً قبل أن يرقاه، قال الله تعالى {سأرهقه صعوداً} وأن في جهنم قصراً يقال له هواء، يرمى الكافر من أعلاه فيهوي أربعين خريفاً قبل أن يبلغ أصله، قال الله تعالى {ومن يحلل عليه
غضبي فقد هوى} .
وأن في جهنم وادياً يدعى آثاماً، فيه حيات وعقارب، في فقار إحداهن مقدار سبعين قلة من سم، والعقرب منهن مثل البغلة المؤلفة، تلدغ الرجل فلا تلهيه عما يجد من حر جهنم حمة لدغتها، فهو لما خلق له، وأن في جهنم سبعين داء لأهلها، كل داء مثل جزء من أجزاء جهنم، وأن في جهنم وادياً يدعى غياً، يسيل قيحاً ودماً، فهو لما خلق له، قال الله تعالى {فسوف يلقون غياً} .
وروى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال: «حدثنا أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن في جهنم بحراً أسود مظلماً منتن الريح، يغرق الله فيه من أكل رزقه وعبد غيره»
وذكر أبو نعيم، «عن محمد بن واسع قال: دخلت يوماً على بلال بن أبي بردة، فقلت: يا بلال، إن أباك حدثني عن جدك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن في جهنم وادياً يقال له لملم، ولذلك الوادي بئر يقال له هبهب، حق على الله تعالى أن يسكنها كل جبار، فإياك أن تكون منهم» .
ابن المبارك قال: «حدثنا يحيى بن عبيد الله قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن في جهنم وادياً يقال له لملم، وإن أودية جهنم لتستعيذ بالله من حره» .
مالك بن أنس، «عن ابن شهاب، عن علي بن حسين، عن الحسين بن علي، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: كل مسكر خمر، وثلاثة غضب الله عليهم ولا ينظر إليهم ولا يكلمهم، وهم في المنسا.
والمنسا: بئر في جهنم: للمكذب بالقدر، والمبتدع في دين الله، ومدمن الخمر» وذكره الخطيب أبو بكر من حديث أحمد بن سليمان الخفاني القرشي، الأسدي عن مالك.
وذكر ابن وهب من «حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المتكبرين يحشرون يوم القيامة أشباه الذر على صورة الناس، يعلوهم كل شيء من الصغار، فيساقون حتى يدخلوا سجناً في جهنم يقال له بولس، يسقون من عصارة أهل النار من طينة الخبال» أخرجه ابن المبارك.
أخبرنا محمد بن عجلان، «عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الناس، يغشاهم الذل من كل مكان، يساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس، تعلوهم نار الأنيار، يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال» أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن.
قلت: طينة الخبال عرق أهل النار أو عصارتهم شراب أيضاً لمن شرب المسكر، جاء ذلك في صحيح البخاري.
و «عن جابر: أن رجلاً قدم من جيشان، وجيشان من اليمن، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة، يقال له المزر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسكر هو؟ قال: نعم.
قال: إن على الله عهداً لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال.
قالوا: يا رسول الله، وما طيتة الخبال؟ قال: عرق أهل النار أو عصارة أهل النار» .
غريب من حديث خارجة بن زيد عن أبيه.
لم يروه عنه غير أبي الزناد، تفرد به عنه ابنه عبد الرحمن.
وروى الترمذي وأسد بن موسى، «عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تعوذوا بالله من جب الحزن، فقيل يا رسول الله: وما جب الحزن؟ قال: واد في جهنم تتعوذ منه جهنم في كل يوم سبعين مرة، أعده الله للقراء المرائين» .
وفي رواية: «أعده لله للذين يراءون الناس بأعمالهم» .
وقال الترمذي «في حديث أبي هريرة مائة مرة.
قلنا: يا رسول الله، ومن يدخله؟ : القراء المراءون بأعمالهم» قال: حديث غريب.
خرجه ابن ماجه أيضاً «عن أبي هريرة ولفظه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعوذوا بالله من جب الحزن.
قالوا: يا رسول الله وما جب الحزن؟ قال: واد في جهنم تتعوذ منه جهنم في كل يوم أربعمائة مرة، قيل: يا رسول الله، من يدخله؟ قال: أعد للقراء المرائين بأعمالهم، وإن من أبغض القراء إلى الله تعالى الذين يزورون الأمراء» .
قال المحاربي: الجورة.
وقال أبي هريرة: إن في جهنم أرجاء تدور بعلماء السوء فيشرف عليهم بعض من كان يعرفهم في الدنيا: فيقول: ما صيركم إلى هذا وإنما كنا نتعلم منكم؟ قالوا: إنا كنا نأمركم بالأمر ونخالفكم إلى غيره.
قلت: وهذا مرفوع معناه في صحيح مسلم من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه، وسيأتي في من أمر بالمعروف ولم يأته.
وقال أبو المثنى الأملوكي: إن في النار أقواماً يربطون بنواعير من نار