الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيقول الكافر والعاصي المصر: ما لنا ماوجدنا ماوجدتم ولا رأينا ما رأيتم فتقول التوبة: طال ما تعرضت لكم في الدنيا فما أردتموني فلو كنتم قبلتموني لكنتم اليوم وجدتموني فيقولون: نحن اليوم نتوب فينادي مناد من تحت العرش: ههيات ذهبت أيام المهلة وانقضى زمان التوبة، فلو جئتموني بالدنيا وما اشتملت عليه ما قبلت توبتكم ولا رحمت عبرتكم، فعند ذلك تنأى التوبة عنهم وتبعد ملائكة الرحمة عنهم، وينادي مناد من تحت العرش: يا خزنة النار هلموا إلى أعداء الجبار» وهذا بين فما ذكرناه وبالله توفيقنا، والله أعلم.
باب معرفة المشفوع فيهم بأثر السجود وبياض الوجوه
قد تقدم من حديث أبي سعيد الخدري أن المؤمنين يقولون: ربنا إخواننا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون أدخلتهم النار، فيقول لهم: اذهبوا فمن عرفتم أخرجوه.
وذكر الحديث.
وخرج «عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن قوماً يخرجون
من النار يحترقون فيها إلا درات وجوههم حتى يدخلوا الجنة» .
فصل: هذا الحديث أدل دليل على أن أهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم لا تسود لهم وجوه، ولا تزرق لهم أعين، ولايغلون بخلاف الكفار، وقد جاء هذا المعنى منصوصاً في «حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الشفاعة يوم القيامة لمن عمل الكبائر من أمتي ثم ماتوا عليها، فهم في الباب الأول من جهنم لا تسود وجوههم ولا تزرق أعينهم ولا يغلون بالأغلال ولا يقرنون بالشياطين، ولا يضربون بالمقامع ولا يطرحون في الأدراك، منهم من يمكث فيها ساعة ثم يخرج، ومنهم من يمكث فيها يوماً ثم يخرج، ومنهم من يمكث فيها شهراً ثم يخرج، ومنهم من يمكث فيها سنة ثم يخرج، وأكثرهم مكثاً فيها مثل الدنيا منذ خلقت إلى يوم أفنيت، وذلك سبعة آلاف سنة» الحديث بطوله وسيأتي تمامه إن شاء الله تعالى، خرجه الترمذي في نوادر الأصول.
وقال أبو حامد في كتاب كشف علوم الآخرة إنه يؤتى بأهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم شيوخاً وعجائز وكهولاً ونساء وشباباً، فإذا نظر إليهم مالك خازن النار، قال: من أنتم معشر الأشقياء ما لي أرى أيديكم لا تغل، ولم توضع عليكم الأغلال والسلاسل ولم تسود وجوهكم وما ورد علي أحسن منكم، فيقولون: يا مالك نحن أشقياء أمة محمد صلى الله عليه وسلم دعنا نبكي على ذنوبنا.
فيقول لهم: ابكوا فلن ينفعكم البكاء.
فكم من شيخ وضع يده على لحيته ويقول: وا شيبتاه وا طول حسرتاه وا ضعف قوتاه، وكم من كهل ينادي وا مصيبتاه وأطول مقاماه.
وكم من شاب ينادي وا أسفاه وا شباباه على تغيير حسناه، وكم من امرأة قد قبضت على ناصيتها وشعرها وهي تنادي وا سوأتاه واهتك أستارها، فيبكون ألف عام، فإذا النداء من قبل الله: يا مالك أدخلهم النار في أول باب منها، فإذا همت النار أن تأخذهم فيقولون بجمعهم: لا إله إلا الله فتنفر عنهم النار خمسمائة عام، ثم يأخذون في البكاء فتشتد أصواتهم، وإذا النداء من قبل الله تعالى: يا نار خذيهم، يا مالك أدخلهم الباب الأول من النار، فعند ذلك يسمع لها صلصلة كالرعد القاصف، فإذا همت النار أن تحرق القلوب زجرها مالك وجعل يقول: لا تحرقي قلباً فيه القرآن، وكان وعاء الإيمان، فإذا بالزبانية قد جاءوا بالحميم ليصبوه في بطونهم فيزجرهم مالك، فبقول: لا تدخلوا الحميم بطوناً أخمصها رمضان، ولا تحرق النار جباهاً سجدت لله تعالى، فيعودون فيها حمماً كالغاسق المحلو لك والإيمان يتلألأ في القلوب.
وسيأتي لهذا مزيد بيان في آخر أبواب النار، نجانا الله منها ولا يجعلنا ممن يدخلها فيحترق فيها.