الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: قوله: «إذا فرغ الله» مشكل وفي التنزيل: {سنفرغ لكم أيها الثقلان} ومعناه المبالغة في التهديد والوعيد من عند الله تعالى لعباده كقول القائل سأفرغ لك وإن لم يكن مشغولاً عنه بشغل وليس بالله تعالى شغل، تعالى عن ذلك.
وقيل: المعنى: سنقصد لمجازاتكم وعقوبتكم كما يقول القائل لمن يريد تهديده: إذاً أتفرغ لك أي أقصد قصدك.
وفرغ بمعنى قصد وأحكم.
قال جرير بن نمير الجعفي:
الآن وقد فرغت إلى نمير
…
فهذا حين كنت لها عذابا
يريد؟ وقد قصدت نحوه فمعنى فرغ الله من القضاء بين العباد.
أي تمم عليهم حسابهم وفصل بينهم لأنه لا يشغلهم شأن عن شأن سبحانه وتعالى.
باب ما يرجى من رحمة الله تعالى ومغفرته وعفوه يوم القيامة
قال الحسن: يقول الله تعالى يوم القيامة: «جوزوا الصراط بعفوي، وادخلوا الجنة برحمتي، واقتسموها بأعمالكم» .
وقال عليه السلام: «ينادي منادي من تحت العرش: يا أمة محمد أما ما كان لي
قبلكم فقد وهبته لكم وبقيت التبعات فتواهبوها فيما بينكم وادخلوا الجنة برحمتي» .
وروي أن إعرابياً سمع ابن عباس يقرأ: {وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها} فقال الأعرابي: والله ما أنقذكم منها وهو يريد أن يوقعهم فيها، فقال ابن عباس خذوها من غير فقيه.
وقال الصنابحي دخلت على عبادة بن الصامت وهو في الموت فبكيت فقال: مهلاً لم تبكي؟ فوالله ما من حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكم فيه خير إلا حدثتكموه إلا حديثاً واحداً، وسوف أحدثكموه اليوم، وقد أحيط بنفسي.
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حرم الله عليه النار» .
خرجه مسلم وغيره من الأئمة.
أخرجه ابن ماجة من حديث أبي سعيد.
وفي بعض الطرق لأبي هريرة «فإذا كان يوم القيامة رد هذه الرحمة
على تلك التسعة والتسعين فأكملها مائة رحمة فرحم بها عباده يوم القيامة» .
قلت: «أخبرناه عالياً.
الشيخ الإمام الحافظ المسند ابو الحسن علي بن محمد بن محمد بن محمد بن عمرو البكري التيمي من ولد أبي بكر الصديق رضي الله عنه قراءة عليه بالصنورة المنصورة بالديار المصرية في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب الفرد سنة سبع وأربعين وستمائة قال: حدثنا الشيخ المسند أبو حفص عمر بن محمد بن معمر الدارقري قدم علينا من دمشق قال: أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين الكاتب ببغداد أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن عيلان البزاز، أخيرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي أخبرنا موسى بن سهل الوشا، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا الحجاج بن أبي ديب قال: سمعت أبا عثمان النهدي يحدث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لما خلق الله تعالى السموات والأرض أنزل مائة رحمة كل رحمة طباقهما فقسم رحمة واحدة منها بين جميع الخلائق،
فمنها يتعاطفون، فإذا كان يوم القيامة رد هذه الرحمة على التسعة والتسعين فأكملها مائة يرحم الله بها عباده يوم القيامة حتى إن أبليس ليتطاول لها رجاء أن ينال منها شيئاً» .
وقال ابن مسعود: لن تزال الرحمة بالناس حتى إن إبليس ليهتز صدره يوم القيامة مما يرى من رحمة الله تعال وشفاعة الشافعين، وقال الأصمعي: كان رجل يحدث بأهوال يوم القيامة وأعرابي جالس يسمع، فقال: يا هذا من يلبي هذا من العباد؟ قال: الله.
فقال الأعرابي: إن الكريم إذا قدر عفا وغفر.
وروى ابن ماجة، «عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية {هو أهل التقوى وأهل المغفرة} قال: فقال الله تعالى: أنا أهل أن أتقى فلا يجعل معي إله آخر فمن اتقى ألا يجعل معي إلهاً آخر فأنا أهل أن أغفر له» وخرجه أبو عيسى الترمذي بمعناه وقال حديث حسن غريب.
وروى مسلم «عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي وإذا بامرأة من السبي تبتغي ولداً لها إذ وجدت صبياً في السبي فأخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أترون هذه المرأة طارحة ولدها.
قلنا: لا والله وهي قادرة على أن تطرحه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أرحم بعباده من هذه بولدها» أخرجه البخاري أيضاً.
وقال أبو غالب كنت أختلف إلى أبي أمامة بالشام، فدخلت يوماً على فتى مريض من جيران أبي أمامة وعنده عم له وهو يقول له: يا عدو الله ألم آمرك؟ ألم أنهك؟ فقال الصبي: ياعماه لو أن الله تعالى دفعني إلى والدتي كيف كانت صانعة بي؟ قال: كانت تدخلك الجنة، قال: إن ربي الله أشفق من والدتي وأرحم بي منها.
وقبض الفتى من ساعته، فلما جهزه عمه وصلى عليه، وأراد أن يضعه في لحده فدخلت القبر مع عمه فلما سواه صاح وفزع فقلت له: ما شأنك؟ قال: فسح لي في قبره وملئ نوراً فدهشت منه.
وقال هلال بن سعد يؤمر بإخراج رجلين من النار فيقول الله تعالى لهما: كيف وجدتما مقيلكما؟ فيقولان: شر مقيل.
فيقول الله تعالى: ذلك بما قدمت أيديكما، وما أنا بظلام للعبيد، ثم يأمر بصرفهما إلى النار، فيعدو أحدهما في سلاسله حتى يقتحمها.
ويتلكأ الآخر فيؤمر بردهما ويسألهما عن حالهما، فيقول الذي عدا: قد خبرت من وبال المعصية ما لم أكن لأتعرض لمخالفتك ثانية، ويقول الذي تلكأ: حسن ظني بك أن لا تردني إليها بعدما أخرجتني منها.
فيؤمر بهما إلى الجنة.
قال المؤلف رحمه الله: وهذا الخبر رفعه الترمذي أبو عيسى بمعناه «عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن رجلين ممن دخلا النار اشتد صياحهما فقال الرب تبارك وتعالى: أخرجوهما، فلما أخرجا قال لهما لأي شيء اشتد صياحكما؟ قالا: فعلنا ذلك لترحمنا، قال: إن رحمتي لكما أن تنطلقا فتلقيا أنفسكما حيث كنتمامن النار فينطلقان فيلقي أحدهما نفسه فيجعلها له برداً وسلاماً ويقوم الآخر فلا يلقي نفسه، فيقول الله تبارك وتعالى: ما منعك أن تلقى نفسك كما ألقى صاحبك؟ فيقول: رب إني لأرجو أن تعيدني بعدما أخرجتني، فيقول الله تعالى: لك رجاؤك فيدخلان الجنة برحمته»
قال: أبو عيسى إسناد هذا الحديث ضعيف لأنه عن رشدين بن سعد، ورشدين بن ضعيف عن ابن أنعم الإفريقي، والإفريقي ضعيف عند أهل الحديث.
«و
عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: أخرجوا من النار من ذكرني يوماً أو خافني في مقام» حديث غريب.
وذكر أبو نعيم الحافظ عن إسحاق بن سويد قال: صحبت مسلم بن يسار عاماً إلى مكة فلم أسمعه يتكلم بكلمة حتى بلغنا ذات عرق قال: ثم حدثنا قال: بلغني أنه يؤتى بالعبد يوم القيامة فيوقف بين يدي الله تعالى فيقول: انظروا في حسناته فينظر في حسناته فلا يوجد له حسنة فيقول: انظروا في سيئاته فتوجد له سيئات كثيرة، فيؤمر كثيرة، فيؤمر به إلى النار فيذهب إلى النار وهو يلتفت، فيقول: رده إلي، لم تلتفت؟ فيقول: أي رب لم يكن هذا ظني، أورجائي فيك ـ شك إبراهيم ـ فيقول: صدقت، فيؤمر به إلى الجنة.
قلت: وهذا الحديث رفعه ابن المبارك قال: «أخبرنا رشدين بن سعد قال: حدثني أبو هانىء الخولاني عن عمرو بن مالك أن فضالة بن عبيد، وعبادة بن الصامت رضي الله عنهما حدثاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان يوم القيامة وفرغ الله من قضاء الخلق، فيبقى رجلان فيؤمر بهما إلى النار فيلتفت أحدهما فيقول الجبار تبارك وتعالى وردوه فيردوه فيقال له: لم التفت؟ فيقول: كنت أرجو أن تدخلني الجنة فيؤمر به إلى الجنة، قال: فيقول: لقد أعطاني ربي حتى إني لو أطعمت أهل الجنة ما نقص ذلك مما عندي شيئاً» ، قالا: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكره يرى السرور في وجهه.
قال المؤلف: وفي هذا المعنى خبر الرجل الذي ترفع له شجرة بعد