الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله} فإذا أراد الله زوال الدنيا قبض أرواح المؤمنين وانتزع هذا الاسم من ألسنة الجاحدين وفجأهم عند ذلك الحق اليقين، وهو قوله عليه الصلاة والسلام:«لا تقوم الساعة وعلى الأرض من يقول: الله» .
وفي الخبر: إن الله تعالى يقول لإسرافيل عليه السلام: إذ سمعت قائلاً يقول: لا إله إلا الله فأخر النفخة أربعين سنة إكراماً لقائلها.
والله أعلم.
باب على من تقوم الساعة
؟
مسلم «عن عبد الرحمن بن شماسة المهدي قال: كنت عند مسلمة بن مخلد وعنده عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال عبد الله: لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق وهم شر من أهل الجاهلية لا يدعون الله بشيء إلا رده عليهم، فبينما هم كذلك أقبل عقبة بن عامر فقال له ابن شماسة يا عقبة: اسمع ما يقول عبد الله، فقال عقبة: هو أعلم، وأما أنا فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك فقال عبد الله: أجل.
ثم يبعث الله ريحاً كريح المسك مسها كمس الحرير لا تترك نفساً في قلبها مثقال حبة من إيمان إلا قبضتها ثم تبقى شرار الناس، عليهم تقوم الساعة» .
وفي حديث عبد الله بن مسعود: لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس من لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً يتهارجون كما تتهارج الحمر.
قال الأصمعي: قوله يتهارجون يقول: يتسافدون يقال: بات فلان يهرج.
والهرج في غير هذا: الاختلاط والقتل.
وخرج مسلم، «عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تذهب الليالي والأيام حتى تعبد اللات والعزى، فقلت: يا رسول الله إن كنت لأظن حين أنزل الله: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} أن ذلك عام.
قال: إنه سيكون من ذلك ما شاء الله ثم يبعث ار ريحاً طيبة فتتوفى كل من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم» .
والله أعلم.
فصل
ذكر أبو الحسن بن بطال رحمه الله في هذا الحديث في شرح البخاري له مبيناً لحديث البخاري «عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة» الحديث وقد تقدم وقال: هذه الأحاديث وما جاء فيها معناها الخصوص وليس المراد بها أن الدين كله ينقطع في جميع أقطار الأرض حتى لا يبقى منه شيء، لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن الإسلام يبقى إلى قيام الساعة إلا أنه يضعف ويعود غريباً كما بدأ» .
«روى حماد بن سلمة، عن قتادة، عن مطرف، عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق حتى يقاتل
آخرهم المسيح الدجال» ، وكان مطرف يقول هم أهل الشام.
قلت: ما ذكره من أن الدين لا ينقطع وأن الإسلام يبقى إلى قيام الساعة يرده حديث عائشة وعبد الله بن عمرو، وما ذكره من حديث عمران بن حصين وقد تقدم أن عيسى عليه السلام يقتل الدجال ويخرج يأجوج ومأجوج ويموتون ويبقى عيسى عليه السلام ودين الإسلام لا يعبد في الأرض غير الله كما تقدم، وأنه يحج ويحج معه أصحاب الكهف فيما ذكره المفسرون، وقد تقدم أنهم حوارية إذا نزل فإذا توفي عيسى عليه السلام بعث الله تعالى عند ذلك ريحاً باردة من قبل الشام، فتأخذ تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة كذا في حديث النواس بن سمعان الطويل، وقد تقدم.
وفي حديث عبد الله بن عمرو: ثم يرسل الله ريحاً باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته، حتى لو دخل أحدكم في كبد جبل لدخلت عليه حتى تقبضه قال: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر الحديث.
وقد تقدم بكماله.
وفيه ذكر النفخ والصعق والبعث، فهذا غاية في البيان في كيفية انقراض هذا الخلق وهذه الأزمان، فلا تقوم الساعة وفي الأرض من يعرف الله ولا من يقول: الله الله.
وذكر أبو نعيم عن أبي الزهراية، عن كعب الأحبار قال: يمكث الناس بعد خروج ويأجوج ومأجوج في الرخاء والخصب والدعة عشر سنين، حتى إن الرجلين ليحملان الرمانة الواحدة بينهما ويحملان العنقود الواحد من العنب، فيمكثون على ذلك عشر سنين، ثم يبعث الله ريحاً طيبة فلا تدع مؤمناً إلا قبضت روحه، ثم تبقى الناس بعد ذلك يتهارجون تهارج الحمر في المروج حتى تأتيهم أمر الله والساعة وهم على ذلك.
نسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يتوفانا مسلمين، وأن يلحقنا بالشهداء والصالحين، وأن يجعلنا من عباده المتقين الفائزين، ويجعل ما كتبته خالصاً لوجهه الكريم، بمنه وكرمه، وأن ينفعنا به ووالدينا، وغفر الله لصاحب هذا الكتاب، ولوالديه، ولسائر المسلمين أجمعين.
آمين يا رب العالمين.
تم الكتاب وربنا محمود
…
وله المكارم والعلا والجود
وعلى النبي محمد صلواته
…
ما ناح قمري وأورق عود
ووافق الفراغ من نسخه، في منتصف شهر رمضان المعظم قدره، من شهور سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة.
على يد أقل عباد الله وأحوجهم إلى لطفة الخفي.
الحسين بن علي بن منصور بن ناصر الحنفي.
غفر الله له ولوالديه، ولمن قرأ فيه، ودعا له بالتوبة النصوح، والمغفرة والرحمة يا رب العالمين، ولسائر المسلمين أجمعين، وصلى الله على سيدنا محمد، وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
حسبنا الله ونعم الوكيل.