الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هاجر في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها، قالوا يا رسول الله: أفلا نبشر الناس؟ قال إن في الجنة، مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة» .
خرجه ابن ماجه أيضاً وغيره.
وقال أبو حاتم البستي: معنى قوله: فإنه أوسط الجنة يريد في الارتفاع، وقال قتادة: الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأعلاها وأفضلها وأرفعها.
وقد قيل: إن الفردوس اسم يشمل جميع الجنة، كما أن جهنم اسم لجميع النيران كلها لأن الله تعالى مدح في أول سورة المؤمنين أقواماً وصفهم، ثم قال:{هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون} ثم أعاد ذكرهم في سورة المعارج فقال: {أولئك في جنات مكرمون} فعلمنا أن الفردوس جنات لا جنة واحدة، قاله وهب بن منبه.
باب ما جاء أن الخمر شراب أهل الجنة ومن شربه في الدنيا لم يشربه في الآخرة وفي لباس أهل الجنة وآنيتهم
النسائي «عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من لبس الحرير في
الدنيا لم يلبسه في الآخرة ومن شرب الخمر في الدنيا لم يشربه في الآخرة، ومن شرب في آنية الذهب والفضة لم يشرب بها في الآخرة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لباس أهل الجنة وشراب أهل الجنة وآنية أهل الجنة» .
قلت: إن قال قائل: قد سوى النبي صلى الله عليه وسلم بين الأشياء الثلاثة وأنه يحرمها في الآخرة فهل يحرمها إذا دخل الجنة؟ قلنا: نعم! إذا لم يتب منها، لقوله عليه الصلاة والسلام:«من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة» ، خرجه مالك، «عن نافع عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك لابس الحرير، ومن أكل في آنية الذهب والفضة، أو شرب فيها لاستعجاله ما أخر الله له في الآخرة، وارتكاب ما حرم الله عليه في الدنيا» .
وقد روى أبو داود الطيالسي في مسنده قال: «حدثنا هشام، عن قتادة، عن داود السراج، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه هو» .
وهذا نص صريح، وإسناد صحيح، فإن كان وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه من قوله النبي صلى الله عليه وسلم فهو الغاية في البيان، وإن كان من قول الراوي على ما ذكر أنه موقوف، فهو أعلم بالمقال، وأقعد بالحال، ومثله لا يقال من جهة الرأي، وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان.