الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب منه وما جاء في شكوى النار وكلامها وبعد قعرها وأهوالها وفي قدر الحجر الذي يرمى به فيها
روى الأئمة، «عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضاً فجعل لها نفسين: نفس في الشتاء ونفس في الصيف بأشد ما تجدون من البرد من زمهريرها وأشد ما تجدون من الحر من سمومها» أخرجها البخاري ومسلم.
و «عن أبي هريرة قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سمع وجبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتدرون ما هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم.
قال: هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفاً فهو يهوي في النار إلى الآن حتى انتهى إلى قعرها» أخرجه مسلم.
الوجبة: الهدة وهي صعت وقع الشيء الثقيل.
الترمذي «عن الحسن قال: قال عتبة بن غزوان على منبرنا هذا يعني منبر البصرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الصخرة العظيمة لتلقى من شفير جهنم فتهوي فيها سبعين عاماً وما تفضي إلى قرارها» قال: فكان ابن عمر يقول: أكثروا ذكر النار فإن حرها شديد وإن قعرها بعيد، وإن مقاقمها حديد.
قال أبو عيسى: لا نعرف للحسن سماعاً من عتبة بن غزوان، وإنما قدم عتبة بن غزوان البصرة في زمن عمرو ولد الحسن لسنتين بقيتا من خلافة عمر.
حدثنا هشام بن بشير قال: أخبرني زفر، حدثنا ابن مريم الخزاعي قال: سمعت أبا أمامة يقول: إن ما بين شفير جهنم وقعرها مسيرة سبعين خريفاً من حجر يهوي أو قال: صخرة تهوي عظمها كعشر عشراء عظام سلمان، فقال له مولى لعبد الرحمن بن خالد: هل تحت ذلك من شيء يا أبا أمامة؟ قال: نعم، غي وآثام.
مسلم عن خالد بن عمير العدوي قال: خطبنا عتبة بن غزوان، وكان أميراً على البصرة، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإن الدنيا قد أذنت بصرم وولت جداً ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء يتصلبها صاحبها، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها، فانتقلوا بخير ما بحضرتكم فإنه ذكر لنا أن الحجر ليلقى من شفير جهنم فيهوى فيها سبعين عاماً لا يدرك لها قعراً والله لتملأن.
الحديث.
وسيأتي بتمامه في أبواب الجنة إن شاء الله تعالى.
وقال كعب: [لو فتح من نار جهنم قدر منخر ثور بالمشرق ورجل بالمغرب
لغلى دماغه حتى يسيل من حرها، وإن جهنم لتزفر زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر جاثياً على ركبتيه ويقول: نفسي نفسي] .
فصل: قوله: [اشتكت النار شكواها إلى ربها بأن أكل بعضها بعضاً] محمول على الحقيقة لا على المجاز، إذ لا إحالة في ذلك.
وليس من شرط الكلام عند أهل السنة في القيام بالجسم إلا الحياة وأما البنية واللسان والبلة، فليس من شرطه وليس يحتاج في الشكوى إلى أكثر من وجود الكلام.
وأما الاحتجاج في قوله عليه السلام: «احتجت النار والجنة» فلا بد فيه من العلم والتفطن للحجة.
وقيل: إن ذلك مجاز عبر عنه بلسان الحال، كما قال عنترة:
فازور من وقع القنا بلبانه
…
وشكا إلي بغبرة وتجمحم
وقال آخر:
شكا إلي جملي طول السرى
…
صبراً جميلاً فكلانا مبتلى
والأول أصح إذ لا استحالة في ذلك، وقد قال تعالى وهو أصدق القائلين {إن الحكم إلا لله يقص الحق} الآية وقد تقدم من كلامها: لا إله إلا الله وعزتك وجلالك، وقال {كلا إنها لظى * نزاعة للشوى} الآية أي أدبر عن الإيمان، وتولى أي أعرض عن أتباع الحق وجمع يعني المال، فأوعى أي جعله في الوعاء أي كنزه ولم ينفقه في طاعة الله تعالى.
قال ابن عباس: تدعو المنافق والكافر بلسان فصيح ثم تلتقطهم كما يلتقط الطائر الحب.
قلت: قول ابن عباس هذا قد جاء معناه مرفوعاً، وهو يدل على أن المراد بالشكوى والحجة الحقيقية.
«ذكر رزين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كذب علي معتمداً فليتبوأ بين عيني جهنم مقعداً قيل يا رسول الله: ولها عينان؟ قال: أما سمعتم الله يقول {إذا رأتهم من مكان بعيد} الآية.
يخرج عنق من النار له عينان يبصران ولسان فيقول: وكلت بمن جعل مع الله إلهاً آخر فلو أبصر بهم من الطير بحب السمسم فيلتقطه»