الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابع: نداء الملك ألا إن فلان بن فلان قد سعد سعادة لا يشقى بعدها أبداً، وإن فلان ابن فلان قد شقي شقاوة لا يسعد بعدها أبداً وسيأتي.
الخامس: النداء عند ذبح الموت يا أهل الجنة خلود فلا موت، وياأهل النار خلود فلا موت.
السادس: نداء أهل النار يا حسرتنا وياويلنا.
السابع: قول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين.
الثامن: نداء الله تعالى أهل الجنة فيقول: يا أهل الجنة هل رضيت؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك.
فيقول: أعطيتكم أفضل من ذلك رضائي.
الجزء الثاني من باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من سره أن ينظر إلى يوم القيامة فليقرأ " إذا الشمس كورت " و" إذا السماء انفطرت " و" إذا السماء انشقت " وفي أسماء يوم القيامة
الجزء الثاني من باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من سره أن ينظر إلى يوم القيامة فليقرأ إذا الشمس كورت وإذا السماء انفطرت وإذا السماء انشقت وفي أسماء يوم القيامة
قال المؤلف رضي الله عنه: ونداء تاسع ذكره أبو نعيم عن مروان بن محمد قال: قال أبو حازم الأعرج: يخاطب نفسه يا أعرج ينادي يوم القيامة يا أهل خطيئة كذا وكذا وكذا فتقوم معهم، ثم ينادي يا أهل خطيئة أخرى فتقوم معهم فأراك يا أعرج تريد أن تقوم مع أهل كل خطيئة وفي التنزيل يوم يناديهم فيقول {أين شركائي} الآية التي في القصص وحم السجدة ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين وبالنداء في
الأخبار كثير يأتي بيانها وذكرها في باب من يدخل الجنة بغير حساب.
ومنها: يوم الواقعة.
وأصل وقع في كلام العرب كان ووجد، وجاءت الشريعة في تأكيد ذلك بثبوت ما وجد قال الله تعالى:{وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم} والمراد بالقول هنا إخبار الباري عن الساعة وأنها قريبة، ومن أعظم علاماتها الدابة، وسيأتي ذكرها وما للعلماء فيها من الأشراط إن شاء الله تعالى وقوله كاذبة مصدر كالباقية والعاقبة أي ليس لوقعتها مقالة كاذبة.
ومنها: الخافضة الرافعة أي ترفع قوماً في الجنة وتخفض أخرى في النار، والخفض والرفع يستعملان عند العرب في المكان والمكانة والعز والإهانة، ونسب سبحانه الخفض والرفع للقيامة توسعاً ومجازاً على عادة العرب في إضافتها الفعل إلى المحل والزمان وغيرهما مما لم يمكن منه الفعل يقولون ليل قائم ونهار صائم وفي التنزيل {بل مكر الليل والنهار} والخافض والرافع على الحقيقة إنما هو الله تعالى وحده، فرفع أولياءه في أعلى الدرجات وجعل أعداءه في أسفل الدركات قال الله تعالى {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً * ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً} و «قال صلى الله عليه وسلم في حديث جابر رضي الله عنه: نحن يوم القيامة على كوم فوق الناس» .
قال ابن العربي وهذا حديث فيه تخليط في كتاب مسلم لم يتقنه رواية.
ومعناه: أن جميع الخلق على بسيط من الأرض سواء إلا محمداً صلى الله عليه وسلم
وأمته فإنهم يرفعون جميعهم على شبه من الكوم ويخفض الناس عنهم، وفي رواية:«أكون أنا وأمتي يوم القيامة على تل فيكسوني ربي حلة خضراء، ثم يؤذن لي فذلك المقام المحمود» .
قلت: وهذا الرفع في المكان بحسب الزيادة في المكانة.
قال ابن العربي: وهي أنواع فرفع محمداً صلى الله عليه وسلم بالشفاعة في أول الخلق وبأنه أول من يدخل الجنة ويقرع بابها، ورفع العادلين بالحديث الصحيح المقسطون يوم القيامة على منابر من نور على يمين الرحمن وكلتا يديه يمين، ورفع القراء إلى حيث انتهت قراءتهم.
يقال: اقرأ ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها، وسيأتي ورفع الشهداء فقال في الحديث الصحيح «إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله» الحديث وسبأتي، ورفع كافل اليتيم فقال صلى الله عليه وسلم «أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة» وأشار مالك بالسبابة والوسطى يريد في الجوار وقال صلى الله عليه وسلم: «إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما
يتراءون الكوكب الدري الغائر في أفق السماء وأن أبا بكر وعمر منهم وأنعما، ورفع عائشة على فاطمة رضي الله عنهما، فإن عائشة مع النبي صلى الله عليه وسلم وفاطمة مع علي رضي الله عنهما» .
ومنها: يوم الحساب ومعناه أن الباري سبحانه يعدد على الخلق أعمالهم من إحسان وإساءة يعدد عليهم نعمه، ثم يقابل البعض بالبعض فما يشف منها على الآخر حكم للمشفوق بحكمه الذي عينه للخير بالخير وللشر بالشر.
وجاء عن النبي أنه قال: «ما منكم من أحد إلا وسيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان» فقيل إن الله يحاسب المكلفين بنفسه ويخاطبهم معاً ولا يحاسبهم واحداً بعد واحد والمحاسبة حكم.
فلذلك تضاف إليه كما يضاف الحكم إليه قال الله تعالى: {ألا له الحكم} وقال {وهو خير الحاكمين} .
وفي الخبر: أنه يوقف شيخ للحساب فيقول الله له: يا شيخ ما أنصفت غذوتك بالنعم صغيراً فلما كبرتك عصيتني أما إني لا أكون لك كما كنت لنفسك اذهب فقد غفرت لك ما كان قبل، وإنه ليؤتى بالشاب كثير الذنوب فإذا وقف تضعضعت أركانه واصطكت ركبتاه فيقول الرب جل جلاله: أما استحييتني أما راقبتني أما خشيت نقمتي أما علمت أني مطلع عليك خذوه إلى أمه الهاوية،
وقيل: إن الملائكة يحاسبون بأمر الله كما أن الحكام يحكمون بأمر الله تعالى.
وقد قال الله تعالى: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً} إلى قوله {ولا يكلمهم الله} وإن من لم يكن بهذه الصفة فإن الله تعالى يكلمه فيكلم المؤمنين ويحاسبهم حساباً يسيراً من غير ترجمان إكراماً لهم، كما أكرم موسى عليه السلام في الدنيا بالكليم، ولا يكلم الكفار فتحاسبهم الملائكة ويميزهم بذلك عن أهل الكرامة فتتسع قدرته لمحاسبة الخلق كلهم معاً كما تتسع قدرته لإحداث خلائق كثيرة معاً.
قال الله تعالى: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة} أي إلا كخلق نفس واحدة.
ويروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وسئل عن محاسبة الخلق فقال: كما يرزقهم في غداة واحدة كذلك يحاسبهم في ساعة واحدة.
وفي صحيح مسلم «حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست في سحابة؟ قالوا: لا.
قال: فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر وليس في سحابة قالةا: لا.
قال: فو الذي نفس محمد بيده لا تضارون في رؤية ربكم إلا كما تضارون في رؤية أحدهما.
قال: فيلقى العبد فيقول: أيأفل ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وترتع؟ فيقول: بلى فيقول: أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا.
فيقول: إني أنساك كما نسيتني، ثم يلقى الثاني فيقول له ويقول هو مثل ذلك بعينه، ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك فيقول يا رب آمنت بك وبكتابك وبرسلك وصليت وتصدقت وصمت ويثني بخير ما استطاع قال: فيقول ها هن إذاً ثم يقول الآن نبعث شاهداً عليك فيقول في نفسه من ذا الذي يشهد علي فيختم على فيه.
ويقال لفخذه انطقي فتنطق فخذه ولحمه وعظام بعمله وذلك ليعذر من نفسه وذلك المنافق وذلك الذي يسخط الله عليه، وقد قال الله تعالى {اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً} أي حاسباً فعيلاً بمعنى فاعل، وإذا نظر فيها ورأى أنه قد هلك فإن أدركته سابقة حسنة وضعت له لا إله إلا الله في كفة فرجحت له السموات والأرض.
وفي رواية فطاشت السجلات وثقلت البطاقة» وسيأتي وقال «من نوقش الحساب عذب» .
ومنها: يوم السؤال والباري سبحانه وتعالى يسأل الخلق في الدنيا والآخرة تقريراً لإقامة الحجة وإظهاراً للحكمة.
قال الله تعالى: {سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة} وقال {واسألهم عن القرية التي كانت حاضرةً البحر} وقال: {واسأل من أرسلنا من قبلك من
رسلنا} وهو في القرآن كثير وقال: {ليسأل الصادقين عن صدقهم} وقال: {وإذا الموؤدة سئلت} وقال: {فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون} قيل: عن لا إله إلا الله.
وقال: {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا} وقال عليه السلام «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع» الحديث وسيأتي.
ومنها: يوم الشهادة ويوم يقوم الأشهاد.
والشهادة على أربعة أنواع:
شهادة محمد وأمته تحقيقاً لشهادة الرسل على قومها.
الثاني: شهادة الأرض والأيام والليالي بما عمل فيها وعليها.
الثالث: شهادة الجوارح قال الله تعالى: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم} وقال: {وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا} وذلك بين أيضاً في حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
الرابع: حديث أنس رضي الله عنه وفيه ويختم على فيه ويقال لأركانه انطقي فتنطق بأعماله، وسيأتي بيان هذا الباب كله إن شاء الله تعالى.
ومناه: يوم الجدال قال الله تعالى: {يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها} أي تخاصم وتحاج عن نفسها.
وجاء في الخبر: أن كل أحد يقول يوم القيامة نفسي نفسي من شدة أهوال يوم القيامة سوى محمد صلى الله عليه وسلم فإنه يسأل في أمته.
على ما يأتي.
وفي حديث عمر رضي الله عنه أنه قال لكعب الأحبار يا كعب: خوفنا هيجنا حدثنا نبهنا فقال كعب: يا أمير المؤمنين والذي نفسي بيده لو وافيت يوم القيامة بمثل عمل سبعين نبياً لأتت عليك تارات ولا يهمك إلا نفسك وإن لجهنم زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي منتخب إلا وقع جاثياً على ركبتيه، حتى إن إبراهيم الخليل ليدلى بالخلة فيقول رب أنا خليلك إبراهيم لا أسألك اليوم إلا نفسي.
قال يا كعب: اين نجد ذلك في كتاب الله تعالى؟ قال: قوله تعالى: {يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون} .
وقال ابن عباس رضي الله عنه في هذه الآية: ما تزال الخصومة بالناس يوم القيامة حتى تخاصم الروح الجسد، فتقول الروح: رب الروح منك أنت خلقته لم يكن لي يد أبطش بها ولا رجل أمشي بها ولا عين أبصر بها ولا أذن أسمع بها ولا عقل أعقل به، حتى جئت فدخلت في هذا الجسد فضعف عليه أنواع العذاب ونجني.
فيقول الجسد: رب أنت خلقتني بيدك فكنت كالخشبة ليس لي يد أبطش بها ولا قدم أسعى بها ولا بصر أبصر به ولا سمع أسمع به، فجاء هذا كشعاع
الشمس فيه نطق لساني وبه أبصر عيني وبه مشت رجلي وبه سمعت أذني فضعف عليه أنواع العذاب ونجني قال: فيضرب الله لهما مثلاً أعمى ومقعد أدخلا بستاناً فيه ثمار فالأعمى لا يبصر والمقعد لا ينالها، فنادى المقعد للأعمى ائتني فاحملني آكل وأطعمك فدنا منه فحمله فأصابا من الثمرة فعلى من يكون العذاب.
قالا: عليهما، قال: عليكم جميعاً العذاب.
قال المؤلف رضي الله عنه وأرضاه: ومن هذا الباب قول الأمم: كيف يشهد علينا من لم يدركنا إلى غير ذلك مما في معناه حسب ما يأتي.
ومنها: يوم القصاص.
وفيه أحاديث كثيرة يأتي ذكرها في باب إن شاء الله تعالى.
ومنها: يوم الحاقة.
وسميت بذلك لأن الأمور تحق فيها.
قاله الطبري كأنه جعلها من باب: ليلي نائم كما تقدم.
وقيل: سميت حاقة لأنها كانت من غير شك.
وقيل: سميت بذلك لأنها أحقت لأقوام النار.
ومنها يوم الطامة.
معناها الغالبة من قولك طم الشيء إذا علا وغلب، ولما كانت تغلب كل شيء كان لها هذا الاسم حقيقة دون كل شيء.
قال الحسن: الطامة النفخة الثانية، وقيل: حين يساق أهل النار إلى النار.
ومنها: يوم الصاخة قال عكروة: الصاخة: النفخة الأولى والطامة: النفخة الثانية
قال الطبري أحسبه من صخ فلان فلاناً إذا أصمه.
قال ابن العربي: الصاخة التي تورث الصمم وإنها المسمعة، وهذا من بديع الفصاحة حتى لقد قال بعض أحداث الأسنان حديثي الأزمان:
أصم بك الناعي وإن كنت أسمعا
وقال آخر:
أصمني شرهم أيام فرقتهم
…
فهل سمعتم بشر يورث الصمما
ولعمرو الله إن صيحة القيامة مسمعة تصم عن الدنيا وتسمع أمور الآخرة، وبهذا كله كان يوماً عظيماً كما قال الله تعالى في وصفه بالعظيم.
وكل شيء كبر في أجزائه فهو عظيم.
كذلك ما كبر في معانيه.
وبهذا المعنى كان الباري عظيماً، لسعة قدرته وعلمه وكثرة ملكه الذي لا يحصى، ولما كان أمر الآخرة لا ينحصر كان عظيماً بالإضافة إلى الدنيا ولما كان محدثاً له أول صار حقيراً بالإصافة إلى العظيم الذي لا يحد.
ومنها: يوم الوعيد وهو أن الباري سبحانه أمر ونهى ووعد وأوعد فهو أيضاً يوم الوعد والوعد للنعيم والوعيد للعذاب الأليم، وحقيقة الوعيد هو الخبر عن العقوبة عند المخالفة، والوعد الخبر عنى المثوبة عند
الموافقة، وقد ضل في هذه المسألة المبتدعة وقالوا: إن من أذنب ذنباً واحداً فهو مخلد في النار تخليد الكفار أخذاً بظاهر هذا اللفظ في آي فلم يفهموا العربية ولا كتاب الله وأبطلوا شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وسيأتي الرد عليهم في أبواب من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
ومنها: يوم الدين.
وهو في لسان العرب الجزاء قال الشاعر:
حصادك يوماً ما زرعت وإنما
…
يدان الفتى فيه كما هو دائن
وقال آخر:
واعلم يقيناً أن ملكك زائل
…
واعلم بأنك كما تدين تدان
ومنها: يوم الجزاء.
قال الله تعالى: {اليوم تجزون ما كنتم تعملون} وقال: {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت} وهو أيضاً يوم الوفاء.
قال الله تعالى: {يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق} أي حسابهم وجزاؤهم والجنة جزاء الحسنات والنار جزاء السيئات.
قال الله تعالى في المعنيين {جزاء بما كانوا يكسبون} و {جزاء بما كانوا يعملون} وقال في جهة الوعيد كذلك {نجزي كل كفور} .
ومنها: يوم الندامة.
وذلك أن المحسن إذا رأى جزاء إحسانه والكافر جزاء
كفره ندم المحس أن لا يكون مستكثراً، وندم المسيء أن لا يكون استعتب، فإذا صار الكافر إلى عذاب لا نفاد له تحسر، فلذلك سمي يوم الحسرة قال الله تعالى:{وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر} وذلك عند
ذبح الموت على ما يأتي وهم في غفلة يعني الآن عن ذلك اليوم.
والحسرة: عبارة عن استشكاف المكروه بعد خفائه.
ومنها: يوم التبديل.
قال الله تعالى: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات} وقد تقدم القول في ذلك مستوفى.
ومنها: يوم التلاق.
قال الله تعالى: {لينذر يوم التلاق} وهو عبارة عن اتصال المعنيين بسبب من أسباب العلم والجسمين.
وهو أنواع أربعة:
الأول: لقاء الأموات لمن سبقهم إلى الممات فيسألونهم عن أهل الدنيا كما تقدم.
والثاني: عمله وقد تقدم.
الثالث: لقاء أهل السموات لأهل الأرض في المحشر وقد تقدم.
الرابع: لقاء الخلق للباري سبحانه وتعالى وذلك يكون في عرصات القيامة وفي الجنة على ما يأتي.
ومنها: يوم الآزفة.
تقول العرب أزف كذا أي قرب قال الشاعر:
أزف الترحل غير أن ركابنا
…
لما نزل برحالنا وكأن قد
وهي قريبة جداً وكل آت قريب وإن بعد مداه قال الله تعالى: {وما يدريك لعل الساعة تكون قريباً} وما يستبعد الرجل من الساعة ومدته ساعة.
ومنها: يوم المآب.
ومعناه الرجوع إلى الله تعالى ولم يذهب عن الله شيء فيرجع إليه.
وإنما حقيقته أن العبد يخلق الله فيه ما شاء من أفعاله لما خلق فيه علماً وخلق فيه إيثاراً واختياراً ظن الناس أنه شيء أو أن له فعلاً، فإذا أماته وسلب ما كان أعطاه أذعن وآب في وقت لا ينفعه الإياب، ولم يزل عن الله تعالى في حال فهو الأواب.
ومنها: يوم المصير.
وهو يوم المآب بعينه قال الله تعالى: {ولله ملك السموات والأرض وإلى الله المصير} فالخلق سائرون إلى أمر الله تعالى.
وآخر ذلك ذار القرار وهي الجنة أو النار قال الله تعالى في حق الكافرين: {قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار} .
ومنها: يوم القضاء.
وهو أيضاً يوم الحكم والفصل، وسيأتي أن أول ما يقضى فيه الدماء وقال صلى الله عليه وسلم:«ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدى منها حقها» الحديث وفيه كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد والفصل هو الفرق والقطع
فيفصل يومئذ بين المؤمن والكافر والمسيء والمحسن.
قال الله تعالى: {يوم القيامة يفصل بينكم} الآية وهو يوم الحكم لأن إنفاذ الحكم هو إنفاذ العلم قال الله تعالى: {الملك يومئذ لله يحكم بينهم} الآية.
وقال {ذلكم حكم الله يحكم بينكم} .
ومنها: يوم الوزن.
قال الله تعالى: {والوزن يومئذ الحق} الآية.
وسيأتي الكلام في الميزان ووزن الأعمال فيه في أبواب إن شاء الله.
ومنها: يوم عقيم.
وهو في اللغة عبارة عن من لا يكون له ولد.
ولما كان الولد يكون بين الأبوين وكان الأيام تتوالى قبل وبعد جعل الاتباع بالتعدية فيها كهيئة الولادة.
ولما لم يكن بعد ذلك اليوم يوم وصف بالعقيم.
ومنها: يوم عسير.
وهذا في حق الكافرين خاصة.
والعسر ضد اليسر فهو عسير على الكافرين، لأنهم لا يرون فيه أملاً ولا يقطعون فيه رجاء حتى إذا خرج المؤمنون من النار طلبوا مثل ذلك، فيقال لهم {اخسؤوا فيها ولا تكلمون} فحينئذ يكون المنع الصريح على ما يأتي بيانه في أبواب النار إن شاء الله تعالى، وأما المؤمنون فتنحل عقدهم بيسر إلى يسر،
فينحل طول الوقوف إلى تعجيل الحساب وتثقيل الموازين وجواز الصراط والضلال بالأعمال، ولا تنحل للكافرين من هذه العقد عقدة واحدة إلا إلى أشد منها حتى إلى جهنم دار القرار.
ومنها: يوم مشهود.
سمي بذلك لأنه يشهده كل مخلوق وقيل: سمي بذلك لأن الشهداء يشهدون فيه على ما يأتي والله أعلم.
ومنها: يوم التغابن.
سمي بذلك لأن الناس يتغابنون في المنازل عند الله: فريق في الجنة وفريق في السعير.
وحقيقته في لسان العرب: ظهور الفضل في المعاملة لأحد المتعاملين والدنيا والآخرة دار العملين وحالين وكل واحد منهما لله ولا يعطى أحدهما إلا لمن ترك نصيبه من الأخرى: قال الله تعالى {من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد} وقال: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب} ومن أراد الآخرة فسعيه مشكور، وحظه في الآخرة موفور.
ومنها: يوم عبوس قمطرير، والقمطرير: الشديد وقيل الطويل.
وأما
العبوس فهو الذي يعبس فيه سمي باسم ما يكون فيه، كما يقال ليل قائم ونهار صائم وكلوح الوجه، وعبوسه هو قبض ما بين العينين وتغير السحنة عن عادتها الطلقة.
يقال: يوم طلق إذا كانت شمسه نيرة فاترة وإذا كانت شمسه مدجية قد غطاها السحاب.
قيل: يوم عبوس وأول العبوس والكلوح عند الخروج من القبور ورؤية الأعمال في الصور القبيحة كما تقدم، وآخر ذلك كلوح النار وهو الكلوح الأعظم يشوي الوجوه ويسقط الجلود على ما يأتي، ومع العبوس تشخص الأبصار وهي ثبوتها راكدة على منظر واحد لهول لا ينتقل منه إلى غيره كما قال سبحانه {ليوم تشخص فيه الأبصار} .
ومنها: يوم تبلى السرائر.
ومعناه إخراج المخبآت بالاختبار بوزن الأعمال في الصحف ويكشف الساق عند السجود على ما يأتي.
ومنها: يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً.
وهو مثل قوله {واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون} وقال: {يوم لا يغني مولى عن مولى شيئاً} فكل نفس بما كسبت رهينة لا يغنى أحد عن أحد شيئاً، بل ينفصل كل واحد عن أخيه وأبيه، ولذلك كان يوم الفصل ويوم الفرار.
قال الله تعالى: {إن يوم الفصل كان ميقاتاً} وقال تعالى: {يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه * لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه} أما إنه يجزي ويقضي ويعطي ويغني بغير اختياره من حسناته ما عليه من الحقوق على ما يأتي بيانه في أحاديث المفلس إن شاء الله تعالى.
ومنها: يوم يدعون إلى نار جهنم دعاً.
والدع الدفع أي يدفعون إلى جهنم ويسحيون فيها وجوههم كما قال تعالى: {يوم يسحبون في النار على وجوههم} .
ومنها: يوم التقلب وهو التحول.
قال الله تعالى: {يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار} أي قلوب الكفار وأبصارهم فتقلب قلوب الكفار انتزاعها من أماكنها إلى الحناجر فلا هي ترجع إلى أماكنها ولا هي تخرج، فأما تقلب الأبصار فالزرقة بعد الحكل والعمى بعد البصر.
وقيل: تتقلب القلوب بين الطمع في النجاة والخوف من الهلاك والإبصار تنظر من أي ناحية يعطون كتبهم وإلى أي ناحية يؤخذ بهم.
وقيل: إن قلوب الشاكين تتحول عما كانت عليه من الشك وكذلك أبصارهم لرؤيتهم اليقين إلا أن ذلك لا ينفعهم في الآخرة.
ومنها: يوم الشخوص والإقناع.
قال الله تعالى: {إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار} أي لا تغمض فيه من هول ما ترى في ذلك اليوم.
قاله الفراء.
وقال ابن عباس رضي الله عنه: تشخص أبصار الخلائق يومئذ إلى الهواء لشدة الحيرة فلا يغتمضون {مهطعين} أي مديمي النظر.
قال مجاهد والضحاك: {مقنعي رؤوسهم} أي رافعي رؤوسهم وإقناع الرأس رفعه.
قاله ابن عباس ومجاهد، وقال الحسن: وجوه الناس يومئذ إلى السماء لا ينظر أحد إلى أحد.
فإن قيل: فقد قال الله تعالى في غير هذه الآية {خاشعة أبصارهم} وقال: {خشعاً أبصارهم} فكيف يكون الرافع رأسه الناظر نظراً طويلاً حتى إن طرفه لا يرتد إليه خاشع البصر؟ .
فالجواب أنهم يخرجون حال المضي إلى الموقف خاشعة أبصارهم، وفي هذه الحال وصفهم الله تعالى بخشوع الأبصار وإذا توافوا وضمهم الموقف وطال القيام عليهم فإنهم يصيرون من الحيرة كأنهم لا قلوب لهم ويرفعون رؤوسهم فينظرون النظر الطويل ولا يرتد إليهم طرفهم كأنهم قد نسوا الغمض أو جلهوه فهو تعسير عليهم.
ومنها: {هذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون} .
وذلك حين يقال لهم {اخسؤوا فيها ولا تكلمون} وتطبق عليهم جهنم على ما يأتي بيانه في أبواب النار.
ومنها: {يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم} وإن أذن لهم بأن يمكنوا منها لا بأن يقال لهم اعتذروا كقوله {ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا} الآية وكقوله {ربنا أخرجنا منها} الآية.
ومنها: {ولا يكتمون الله حديثاً} .
ومنها: يوم الفتنة.
قال الله تعالى {يوم هم على النار يفتنون} أي يعذبون من قولك فتنت الذهب إذا رميت به في النار.
ومنها: {يوم لا مرد له من الله} يريد يوم القيامة أي لا يرده
أحد بعد ما حكم الله به وجعل له أجلاً ووقتاً.
ومنها: يوم الغاشية.
وسميت بذلك لأنها تغشى بإفزاعها.
أي تعمهم بذلك.
ومنه غاشية السرج.
ومنها: فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد.
ومنها: يوم لا بيع فيه ولا خلال قال الله تعالى {قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال} وقال تعالى {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة} والخلة والخلال الصداقة والمودة.
ومنها: يوم لا ريب فيه، وإن وقع فيه رب الكفار أي شك فليس فيه ريب لقيام الأدلة الظاهرة عليه كما قال الله تعالى {أفي الله شك} فليس في الباري شك لقيام الأدلة عليه ولشهادة أفعاله ولاقتضاء المحدث أن يكون له محدث، ولكن قد شك فيه قوم ونفاه آخرون، ولم يوجب ذلك شكا فيه لقيام الأدلة عليه، فكذلك يوم القيامة لا ريب ولا شك فيه مع النظر في الدليل والعلم، فإذا خلق الله تعالى الرين على القلب كان الشك.
قال الله تعالى {ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير * وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور} .
ومنها: {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه} وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
ومنها: يوم الأذان: دخل طاووس على هشام بن عبد الملك فقال له: اتق الله واحذر يوم الأذان فقال: وما يوم الأذان؟ قال: قوله تعالى {
فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين} فصعق هشام، فقال طاووس: هذا ذل الصفة فكيف ذل المعاينة.
ومنها: يوم الشفاعة قال الله تعالى {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} وقال تعالى {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} وقال {لا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له} وقال {فما لنا من شافعين} وسيأتي بيانه.
ومنها: يوم العرق، وسيأتي بيانه في أحاديث في الباب بعد هذا بحول الله وقوته.
ومنها يوم القلق والجولان.
وهو عبارة عند عدم الاستقرار والثبوت يقال: قلق الرجل يقلق قلقاً إذا لم يستقر ومثله جال يجول إذا لم يثبت.
ومنها: يوم الفرار.
قال الله تعالى {يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه} فيفر كل واحد من صاحبه حذراً من مطالبته إياه، إما لما بينهم من التبعات أو لئلا يروا ما هو فيه من الشدة.
وقال عبد الله بن طاهر الأبهري: يفر منهم لما يتبين له من عجزهم وقلة حيلتهم إلى من يملك كشف تلك الكروب والهموم عنه، ولو ظهر له ذلك في الدنيا لما اعتمد شيئاً سوى ربه تعالى.
وقال الحسن: أول من يفر يوم القيامة من أبيه إبراهيم، وأول من يفر من ابنه نوح، وأول من يفر من امرأته لوط.
قال: فيرون أن هذه الآية نزلت