الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما جاء أن اللسان في الفتنة أشد من وقع السيف
أبو داود «عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ستكون تستطف قتلاها في النار.
اللسان فيها أشد من وقع السيف» خرجه الترمذي وقال في حديث غريب، وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: لا يعرف لزياد بن سمين كوشى عن عبد الله بن عمر غير هذا الحديث الواحد.
وروي موقوفاً.
وذكره أبو داود «عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ستكون فتنة صماء بكماء عمياء من أشرف لها استشرفت له.
اللسان فيها كوقوع السيف» أخرجه ابن ماجه أيضاً «عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياكم والفتن فإن اللسان فيها مثل وقع السيف» .
فصل
قلت: قوله [تستنطف] أي ترمي.
مأخوذ من نطف الماء أي قطر.
والنطفة الماء الصافي قل أو كثر والجمع النطاف.
أي أن هذه الفتنة تقطر قتلاها في النار أي ترميهم فيها لأقتتالهم على الدنيا واتباع الشيطان والهوى وقتلاها بدل من قوله العرب هذا المعنى الذي ظهر لي في هذا ولم أقف فيه على شيء لغيري والله أعلم.
قوله: «اللسان فيها أشد من وقع السيف» أي بالكذب عند أئمة الجور ونقل الأخبار إليهم، فربما ينشأ عن ذلك من النهب والقتل والجلد والمفاسد العظيمة أكثر مما ينشأ من وقوع الفتنة نفسها.
وفي الصحيحين، «عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن العبد ليتكلم بالكلمة ينزل بها في النار بعد ما بين المشرق والمغرب» وفي رواية عنه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يهوي في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب» لفظ مسلم.
وقد روي «أن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يلقى لها بالاً يهوي بها في النار سبعين خريفاً» فقوله: من سخط الله أي مما يسخط الله، وذلك بأن يكون كذبة أو بهتاناً أو بخساً أو باطلاً يضحك به الناس، كما جاء «عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال: ويل للذي تكلم بالكلمة من الكذب ليضحك الناس ويل له وويل له» .
وفي حديث ابن مسعود [إن الرجل ليتكلم بالكلمة من الرفاهية من سخط الله ترديه بعد ما بين السماء والأرض] قال أبو زياد الكلابي: الرفاهية السعة في المعاش والخصب، وهذا أصل الرفاهية، فأراد عبد الله بن أن يتكلم بالكلمة في تلك الرفاهية والأتراف في دنياه مستهيناً بها لما هو فيه من النعمة، فيسخط الله عز وجل عليه.
قال أبو عبيدة وفي الرفاهية لغة أخرى الرفاعية، وليس في هذا الحديث يقال: هو في رفاهية ورفاعية من العيش.
وقوله: صماء بكاء عمياء يريد أن هذه الفتنة لا تسمع ولا تبصر فلا تقلع ولا ترتفع، لأنها لا حواس لها فترعوى إلى الحق وأنه شبهها لاختلاطها وفتل البريء فيها والسقيم بالأعمى الأصم الأخرس الذي لا يهتدي إلى شيء فهو يخبط عشواء، والبكم الخرس في أصل الخلقة، والصم الطرش.