الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
قوله: على أقذاء، الأقذاء، جمع القذا والقذا جمع قذاة وهو ما يقع في العين من الأذى وفي الطعام والشراب من تراب أو نتن أو غير ذلك، فالمراد به في الحديث الفساد الذي يكون في القلوب أي أنهم يتقون بعضهم بعضاً ويظهرون الصلح والاتفاق، ولكنهم في باطنهم خلاف ذلك، والجذل: الأصل كما هو مبين في كتاب مسلم على أصل شجرة.
باب منه إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار
مسلم «عن الأحنف بن قيس قال: خرجت وأنا أريد هذا الرجل فلقيني أبو بكرة فقال: أين تريد يا أحنف؟ قال: فقلت أريد نصرة ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني علياً قال فقال لي: يا أحنف ارجع فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا توجه المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار قال فقلت يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه قد أراد قتل صاحبه» أخرجه البخاري وفي بعض طرقه [أنه كان حريصا على قتل صاحبه] .
فصل
قال علماؤنا: ليس هذا الحديث في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بدليل قوله تعالى {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله} فأمر الله
تعالى بقتال الفئة الباغية، ولو أمسك المسلمون عن قتال أهل البغي لتعطلت فريضة من فرائض الله، وهذا يدل على أن قوله القول والمقتول في النار ليس في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، لأنهم إنما قاتلوا على التأويل.
قال الطبري: لو كان الواجب في كل اختلاف يكون بين الفريقين من المسلمين الهرب منه ولزوم المنازل وكسر السيوف لما أقيم حد، ولا أبطل باطل، ولوجد أهل النفاق، والفجور سبيلاً إلى استحال كل ما حرم الله عليهم من أموال المسلمين وسبي نسائهم وسفك دمائهم بأن يتحزبوا عليهم، ويكف المسلمون أيديهم عنهم بأن يقولون هذه فتنة قد نهينا عن القتال فيها، وأمرنا بكف الأيدي والهرب منها، وذلك مخالف لقوله عليه الصلاة والسلام «خذوا على أيدي أسفهائكم»
قلت: فحديث أبي بكرة محمول على ما إذا كان القتال على الدنيا، وقد جاء هكذا منصور فيما سمعناه من بعض مشايخنا: إذا اقتتلتم على الدنيا فالقاتل والمقتول في النار.
خرجه البزار.
ومما يدل على صحة هذا ما خرجه مسلم عن صحيحه، «عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم لا يدري القاتل فيما قتل ولا المقتول فيما قتل فقيل: كيف يكون ذلك؟ قال الهرج القاتل والمقتول في النار» فبين هذا الحديث أن القتال إذا كان على جهالة من
طلب الدنيا أو أتباع هوى كان القاتل والمقتول في النار فأما قتال يكون على تأويل ديني فلا، وأما أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم، فيجب على المسلمين توقيرهم والإمساك عن ذكر زللهم ونشر محاسبتهم لثناء الله عز وجل في كتابه، فقال وقوله الحق {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} وقال:{محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} إلى آخر السورة.
وقال: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل} ، وكل من ذهب منهم إلى تأويل فهو معذور، وإن كان بعضهم أفضل من بعض وأكثر سوابق، وقيل: إن من توقف من الصحابة حملوا الأحاديث الواردة بالكف عن عمومها فاجتنبوا جميع ما وقع بين الصحابة من الخلاف والقتال، وربما ندم بعضهم على ترك ذاك كعبد الله ابن عمر، فإنه ندم على تخلفه عن نصرة علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، فقال عند موته، ما آسى على شيء ما آسى على تركي قتال الفئة الباغية يعني فئة معاوية، وهذا هو الصحيح.
إن الفئة الباغية إذا علم منها البغي قوتلت.
قال عبد الرحمن بن أبزي: شهدنا صفين مع علي في ثمانمائة ممن بايع بيعة الرضوان: قتل منهم ثلاث وستون منهم عمار بن ياسر.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: شهدنا مع علي صفين فرأيت عمار بن ياسر لا يأخذ في ناحية من أودية صفين إلا رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يتبعونه كأنه علم لهم.
قال، وسمعته يقول يومئذ لهاشم بن عتبة يا هاشم: